لا تسارعوا إلى الطلاق

اسرة ومجتمع 2020/06/18
...

حسين الصدر
 
- 1 -
لقد ارتفعت نسبة الطلاق عندنا وبلغت أرقاماً قياسية في الآونة الأخيرة – للاسف الشديد - .
والكلُّ يعلم أنَّه أبغض الحلال عند الله ولم يكن ذلك رادعاً من الإقدام على ايقاع صيغ الطلاق دون هوادة ..!!
- 2 -
حتى منتصف القرن العشرين كانت حالات الطلاق في العراق قليلة للغاية. 
والملاحظ : انّ الطلاق يكثر في أوساط المتعلمين – للاسف الشديد – وليس في أوساط البعيدين عن ميادين العلم والثقافة ..!!
كانت التربية البيئية تعد الفتاة إعداداً خاصاً يجعلها تتكيف مع مزاج زوجها وظروفه، وكانت تتهيأ نفسياً لاعطائه زمام الامور داخل نطاق الاسرة ،ومن هنا كانت النزاعات والاصطدامات الحادّة بين الزوجين نادرة الوقوع ، وهذا ما يؤمن سلامة الاسرة من التفكك 
والانحلال .
- 3 -
ثم جاءت مسألة الرواتب الشهرية التي تتقاضاها الكثير من الزوجات ، ومحاولات الرجال الاستحواذ عليها والاستئثار بها – دون وجه حق – وكانت مثاراً للمشكلات والخلافات التي قد تقود الى الطريق المسدود..!!
- 4 -
ولم تعد الفتاة المعاصرة مستعدةً لقبول الدور المتميّز الذي يضطلع به ربُّ الاسرة ، كما كانت عليه سابقاً ، وأصبحت الأمور البسيطة موضع نقاش وجدل شديد ... بين الزوجين ... وكل ذلك مما 
يثير التوتر في داخل الأسرة ، وقد يشعل فتيل النزاع .
- 5 -
ومن العوامل السلبية أيضاً : غياب سعة الصدر، وروح التسامح، وضمور حالات توطين النفس على تحمل بعض الأعباء من أجل الآخر، والتنازل له، دفعا لتفاقم المشكلات مع أنّ الحياة الزوجية تقتضي بطبعها المشاركة في السراء والضراء .
فمع المودة الحقيقية ، والتعامل المرن ، تستطيع الاسرة أنْ تتخطى مشكلاتها، بينما تتعرض الى الانفصام كلما ازدادت حدة الانانية والعناد .
- 6 -
وقد أورد ابن خلكان في وفيات الاعيان ج2 ص 370 قصة مثيرة للغاية وهو يترجم سعيد الحبري الملّقب بابي عثمان الواعظ
جاء فيها « كانوا يراودونني على التزوج فأمتنع ، جاءتني امرأة فقالت: يا ابا عثمان:
قد أحببتُك حُبّاً ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلّب القلوب أنْ تتزوج بي ، فقلتُ: أَلكِ والدٌ ؟
قالت: نعم فلان الخيّاط في موضع كذا فراسلتُه ، فأجاب ، فتزوجتُ بها، ثم انه يصفها لنا فيقول: (وجدتها عوراء، عرجاء سيئة الخلق)
فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدّرته لي ،وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك فأزيدها براً واكراماً ،الى ان صارت لا تدعني أخرجُ من عندها..!!
 فتركت حضور المجلس ايثاراً لرضاها وحفظا لقلبها ،وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة ،وكنتُ معها في بعض أوقاتي كأني قابض على الجمر ،ولا أبدي لها شيئا من ذلك، الى أنْ ماتت»
أقول:
إنَّ أغلب من يسارعون الى تطليق زوجاتهم لا يطلقوهن لأنهن يشكين من عوار أو عرج ...
لقد كابد سعيد الحبري الشدائد وصبر على معاشرة زوجته العوراء العرجاء خمس عشر سنة فلماذا لم يصبر المسارعون لتطليق زوجاتهم عليهن قليلا قبل الاقدام على مفارقتهن ؟!