المناسبات والعطل الرسمية.. تأثيرات سلبية في سوق العمل
ريبورتاج
2020/06/24
+A
-A
بغداد / سها الشيخلي
كشفت جهات معنية عن توجه لتقليل ايام العطل الرسمية وزيادة ساعات العمل في دوائر الدولة، خاصة انها فاقت ما موجود في دول العالم ،علاوة على ان ظروف حظر التجوال بسبب جائحة كورونا قد منعت دولا عديدة ومنها العراق من استمرار العمل في الدوائر الرسمية ، الامر الذي انعكس بشكل سلبي على اقتصاد البلاد، لذلك دعا بعض المختصين الى تثبيت المناسبات التي لها تماس مع حياة المواطن العراقي بقانون ينظم هذه العطل ويعطيها خصوصية واضحة تلتزم بها جميع المؤسسات الحكومية في الدولة العراقية .
اختلفت آراء المواطنين بين مؤيد ورافض لكثرة العطل الرسمية وغير الرسمية وعدوها حقا من حقوق الفرد، كونها استراحة من تبعات العمل والالتزام به في الوقت الذي اكد فيه البعض الآخر ان زيادة العطل تعد خسارة اقتصادية كبيرة .
المهندس علي حسين من احدى شركات القطاع العام اكد : ان خسارة شهر كامل تقدر باكثر من مليار دولار، اذا كان راتب الموظف 500 دولار، اذ يجب على الجهات التشريعية استثمار الوقت مقابل الرواتب، مبيناً ان احدى منظمات الامم المتحدة اكدت ان عمل الموظف العراقي هو ساعة ونصف خلال فترة الدوام الرسمي وهي 8 ساعات.
مناصفة
بينما ترى الموظفة سراب عبد الكريم من احدى الوزارات : ان الاسرة والاطفال بحاجة الى تخصيص وقت من الابوين لتربية الابناء والاهتمام بهم، فضلا عن تنمية مواهبهم واشاعة اجواء الراحة من العمل والدراسة ، صحيح ان العمل امر مهم لاستمرار الحياة ، لكن يجب ان يكون مبنيا على اجواء نفسية جيدة، فالحياة ليست عملا فقط بل يجب ان تكون مناصفة بينه وبين الشعور بالراحة والاسترخاء .
الباحثة الاجتماعية وسن عبد اللطيف اشارت الى ضرورة وجود العطل الرسمية ،ولكن ليس بالكثرة التي نراها والتي يمكن ان تؤثر في الاقتصاد، لا بد ان يكون هناك توازن مقبول .
القطاع الخاص
ابو فاروق صاحب معمل لصناعة البلاستيك تحدث بشأن اهمية العطل الرسمية قائلاً : يجب ان يخضع موضوع المناسبات والعطل الرسمية الى دراسة فليس من المعقول ان تعطى عطلة في كل زخة مطر! بل يجب على الجهات المعنية معالجة سبب غرق الشوارع والمجاري في موسم الامطار على سبيل المثال ، ومعالجة السبب الذي يؤدي الى تعطيل الدوام في بعض الاحيان هو الحل وليس تعطيل الدوام ، واستثني من ذلك بالتأكيد جائحة كورونا لانها وباء عالمي يهدد حياة الانسان .
الكسبة
في سوق الشورجة اكبر اسواق بغداد للجملة والمفرد انقسم اصحاب (الجنابر) بين مؤيد ومعارض للعطل الرسمية صاحب (جنبر) لبيع حاجيات منزلية : ايد تواجد الكثير من العطل وعدها فرصة ذهبية لتصريف وبيع حاجاته مؤكدا ان الشورجة تشهد الزحام يومي الخميس والجمعة في ما اكد اصحاب محال بيع ملابس الاطفال ان السوق يشهد اقبالا كبيرا في بداية كل شهر ولا دخل للعطلة في هذا الامر، لكن الاقبال على التسوق يكون اكثر في ايام الاعياد وبداية موسمي الشتاء والصيف وكذلك في بداية دوام المدارس بغض النظر عن ايام العطل الرسمية او المناسبات الاخرى ، مؤكدين ان الاسواق كلها تنشط عند تواجد القدرة الشرائية وتقل بقلتها ، اما احد اصحاب محال بيع الملابس الجاهزة فقد لفت الى ان المعروض في الاسواق اغلبه مستورد ويتساءل: اين الانتاج المحلي لشركات القطاع العام والخاص؟ .
معيار عالمي
الخبير الاقتصادي باسم انطوان قال : جميع الدول تعمل وفق خطة اقتصادية متنوعة لبناء الناتج الكلي والاجمالي وفق عدد ايام وساعات العمل ، ولا مجال للعمل العشوائي في ظل الخطط المنظمة ، لذا لا بد من العمل على تقليص ايام العطل لكي تحقق الخطة الخمسية الاهداف المرسومة لها وتحقق الانتاج الحقيقي ، وبالتالي تحقق رفاهية للمجتمع ، ويشير انطوان الى ان : كثيراً من دول العالم الثالث للاسف لا يعطون القيمة الحقيقية للوقت ، لذلك تكون انتاجية العامل فيها واطئة ، فنجد مثلا عددا قليلا من العاملين في فسحة صغيرة والانتاجية شحيحة جدا ، ما يرفع كلف انتاجية السلعة ، وهذا بحد ذاته ضد مبدأ التنافسية السائدة في العالم ، التي تقوم بتخفيض كلف البضاعة بتقليل اجور العمل وزيادة الانتاج ، فاذا لم يتم اتخاذ هذا المعيار العالمي سنكون خارج السوق العالمية وخارج المنافسة وبالتالي تبقى الابواب مفتوحة في البلد للسلع والبضائع الاجنبية، لكون كلف السلع المحلية تبقى عالية .
دعم الانتاج
ويلفت الخبير انطوان الى اننا نعمل الان على دعم الانتاج الوطني وتشجيعه، لكن يجب ان يكون هذا الانتاج منافسا من ناحية السعر والكلف والنوعية ، اما اذا ازدادت العطل سواء لليوم الواحد
بعدد الساعات او بالاسبوع بعدد الايام سوف تؤدي الى ارتفاع
الكلف وفتح الابواب على مصراعيها للسلع والبضائع والاجنبية ونكون خارج المنافسة ويضيف :
الدولة العراقية شرعت اربعة قوانين مهمة جدا ، كمنع الاغراق السلعي، والحد من التنافسية ، لذا يجب ان يكون الانتاج المحلي مستعدا للمنافسة من ناحية السعر والنوعية ، ليقطع الطريق على السلع الاجنبية في المنافسة، و نجد ان كلف الانتاج لدينا مرتفعة
ولا تستطيع منافسة المنتج
المستورد .
الطاقة الكهربائيَّة
ويضيف انطوان : على سبيل المثال عالميا ان كل 1000ميكاواط تحتاج الى 1000عامل ،وكلفتها تكون مليار دولار ، لكننا ننتج 20 الف ميكاواط ولدينا 120 الف منتسب ، وهذا يعني اننا نتجاوز المقاييس العالمية بمقدار خمسة اضعاف في الكلف العالمية للانتاج ، والمبالغ التي صرفت للكهرباء تعد كبيرة جدا وهذا انتاج حيوي ، لان انتاجية الفرد والعطل جزء منها يتحدد برفع الكلف ، نحن الان نتحدث عن الناتج المحلي الكلي فعندما ينخفض الانتاج ينعكس سلبا على المواطن ويؤثر هذا الانخفاض في مستواه المعيشي ، في الصحة والتعليم المجاني وخدمات البنى التحتية وبالتالي تزداد نسب الفقر في المجتمع وقد وصلت نسبة الفقر حاليا بوجود كورونا وانخفاض اسعار النفط الى40% وفق ما حدده الخبراء الاقتصاديون ، سابقا كانت النسبة 23% ولكن بسبب كورونا توقف 8ملايين عامل في القطاع الخاص عن العمل ، وهذا يعني ان الناتج المحلي كلما قل كلما ازداد الفقر ، لذلك تتبارى الدول من اجل تحسين الانتاجية مستفيدة من الوقت الثمين في ان يعمل العامل طوال النهار لكي ينتج .
تأثير كورونا
واشار الخبير انطوان الى ان انتشار وباء كورونا ادى الى انخفاض الانتاجية وارتفاع الكلف في كل دول العالم ، فالعامل والموظف جالس في البيت من دون عمل ، ولذلك تعمل الدول على المنافسة في ان ترفع الاقتصاد وتزيد عدد ساعات العمل واغلب دول العالم الآن مبتلاة بزيادة عدد البطالة، ففي اميركا هناك اكثر من 25مليون عامل عاطل عن العمل وتدفع لهم الضمان الاجتماعي الذي يحتسب من ايرادات البلد، لكن العامل لدينا لا يعوض وهو يعمل لكي يحصل على قوت يومه واذا توقف عن العمل لا يأكل هو وافراد اسرته .