الحياة مع كورونا.. إنترنت!

العراق 2020/06/28
...

سالم مشكور
 
كورونا لن يغادر العالم قريباً، وإن فعل فتعقبه من يجعلنا نترحم عليه. هذا ما تتحدث عنه تقارير منظمات دولية معنية تنصح بتغيير قواعد السلوك الاجتماعي ونمط الحياة ككل للحد من انتشار الاوبئة من جهة، ولاستمرار الحياة من جهة أخرى. فلا يعقل أن يظل الناس في البيوت، والأسواق مقفلة، وحركة الطيران متوقفة. نمط الحياة في ظل كورونا وأخواته يقوم بشكل رئيسي على التباعد بين البشر، وتقليل فرص التلاقي المباشر. هذا الامر يعتمد بشكل رئيسي على التواصل عبر التقنيات الحديثة للاتصال، وعمادها شبكة الانترنت. كثير من النشاطات تعتمد اليوم، وسيزيد اعتمادها قريبا، على التواصل الالكتروني. إنجاز الاعمال والمعاملات، وعقد الاجتماعات والمؤتمرات، والتسوق والتعليم وغيرها الكثير من شؤون الحياة. شركات كبرى بدأت تقلص من مكاتبها وتوزع اعمالها على موظفين ينجزونها من بيوتهم، فغابت أهمية المكان، وبات الموظف يسكن في مدينة أو دولة، لينجز عمله في شركة مقرها دولة أخرى.
نمط الحياة في ظل كورونا وما بعده يقوم أساساً على وجود شبكة انترنت قوية وسريعة، ومثل هذه الشبكة تحتاج الى بنى تحتية متطورة، فهل نحن مستعدون لذلك؟.
بالتأكيد فان واقع خدمة الانترنت في العراق ما زال متأخراً جدا عن أفقر دولة في المنطقة. ما زلنا في خدمات الجيل الثالث التي تجاوزتها الدول قبل سنوات الى الجيل الرابع، وبعضها بدأ تشغيل الجيل الخامس. كنا آخر دولة في المنطقة استخدمت الجيل الثالث، ومع ذلك لم يكن بالمستوى المطلوب لسبب رئيسي هو هيمنة الوزارة على الكابل الضوئي الذي هو أساس هذه الخدمات وبيعها سعات الانترنت بسعر يفوق ما متوفر في دول مثل الأردن بثلاثين ضعفا، مما يدفع الشركات المجهزة إما الى تقليل السرعة أو تهريب السعات من مصادر غير شرعية مما يفوت على الخزينة مبالغ طائلة، والنتيجة ان المواطن محروم من خدمة سريعة تلبي حاجته.
كل رؤساء الحكومات السابقين حاولوا معالجة المشكلة لكنهم اصطدموا بكوابح بعضها يتعلق بتضارب القوانين، وآخر بعقلية بعض السياسيين الذين ما زالوا يتمسكون بالعقلية الاشتراكية في إدارة الاقتصاد، ناهيك عن تنافس كتل على الاستثمار في هذا القطاع. النتيجة واحدة: تأخر التحاق العراق بركب التطور التقني للاتصالات الذي بلغته حتى أفقر دول المنطقة.
من أداء الحكومة الجديدة وتصريحات رئيس الوزراء نسمع ذات التأكيدات على أهمية النهوض بقطاع الانترنت، لكن الجديد هو آليات العمل التي لاحت بوادرها، والتي تنم عن إصرار ومتابعة شخصية من السيد الكاظمي وهو ما نحتاجه مشفوعا بإجراءات صارمة لتجاوز كل الكوابح والمعوقات التي أبقت العراق متخلفاً في هذا المجال. 
بدون الدخول السريع الى نادي التطور التقني، سنصاب بإعاقة كبيرة ولن نستطيع مواصلة نمط الحياة الذي يفرضه علينا كورونا وأجياله القادمة.