المشكلات الأسريَّة تعرض الأطفال لأمراضٍ مزمنة

اسرة ومجتمع 2020/07/04
...

جورجينا رانارد  ترجمة: نادية المختار
 

أشارت دراسة بحثية جديدة أجراها فريق من الباحثين التربويين والنفسيين في جامعة ويلز البريطانية، الى انَّ التجارب القاسية التي تصادف الأطفال خلال المشكلات الأسرية التي تحدث أمامهم بين الأبوين في مرحلة مبكرة من حياتهم تتعلق أما بالانفصال أو الطلاق والهجران والتي تشطر بين أفراد الأسرة الواحدة لأسباب عديدة، تجعل الاطفال يشعرون بحالات من اليأس والاحباط النفسي أولا ومن ثم تردي الوضع الصحي الخطير أيضا.

كما تدلل الدراسة الى ان تعرض الأطفال الى العنف الأسري سواء اللفظي أو الانتهاك الجسدي كالضرب والتعنيف والأذى مع ضغوطات أخرى، تجعلهم أكثر عرضة للاصابة بمشكلات صحية ونفسية على المدى الطويل إذ تنعكس على تنشئتهم التي كانت تفتقر الى الحنان والدفء الأسري المفترض.
وبما ان المفترض على الأهل 
توفير أجواء أسرية سليمة للأطفال منذ البداية، لذا فإٔن الدلائل البحثية تحث مقدما على أهمية توفير أفضل فرص العيش منذ نعومة أظفار الأطفال حتى يكتمل بناء المجتمع وتترسخ معانيه القويمة التي يرتكز عليها.
ويؤكد الأطباء، ان الأطفال الذين مروا بأربع تجارب سلبية أو أكثر، يتزايد احتمال إصابتهم بأمراض الرئة أو القلب في مرحلة تالية من حياتهم. لذا لا بد من الالتفات أولا نحو بناء أطفال أكثر صحة وقوة لتفادي حالات الاحباط التي يصلون اليها حينما يصبحوا بالغين.
يقول البروفسور مارك بيل، مدير قسم الأبحاث في هيئة الصحة العامة بويلز: «لا بد من الاقرار الى ان أغلبنا قد تعرض لهذه الصدمات في مرحلة الطفولة. ومن المستحيل ان نجد طفلا لم يمر بأي واحدة من هذه الحالات المجتمعية التي تعد أمرا طبيعيا بدون أدنى شك. ولكن يجدر بنا القول ان الأمر يصبح هينا علينا بعد ان يقوم أبوانا أو أحدهما بمواساتنا أو التخفيف من حدة توترنا، وبذلك تهدأ أنفسنا ونشعر بالأمان، ومن ثم تنمو أجسامنا بهذا المستوى الأقل من التوتر والأكثر ارتياحا».
ويضيف مسترسلا: «لكن، حينما يتعرض الأولاد باستمرار لتجارب طفولة غير صحيحة فإن الجسم ينمو بمعدلات توتر أعلى ويكون عرضة لمزيد من المخاطر 
الصحية. 
وهذا يعني أن الجسم أثناء النمو يكون عرضة في أغلب الأحيان للإصابة أو الأذى بطريقة أو بأخرى، وبذلك يضعف الجسم بشكل أسرع ويعاني من الأمراض الخطيرة منها أمراض القلب وأمراض الرئة.
وتؤيده القول الدكتورة باربارا جورج، استاذة علم النفس والسلوكيات لدى الاطفال في جامعة أدنبرة: «قد يعاني الأولاد في مرحلة الطفولة من حالات كثيرة من القلق والاضطراب والتوتر، وقد يكون عنيدا ومشاكسا أو قد يكون خجولا وانطوائيا ويفضل العزلة. وهذه الحالات النفسية والسلوكية كلها ناتجة عن ردود أفعال سلبية لما ينعكس عليه من تصرفات الأبوين في جو الأسرة المفككة. 
لذا نوصي الأبوين بضرورة مراعاة مشاعر أولادهم وتجنب التصرف العدواني والسيئ والابتعاد عن كل ما يثير حساسية الأولاد لكي لا يصيبهم الخذلان والأذى. 
لأننا بهذا نكون قد عرضنا الأطفال مباشرة الى مشكلات في الصحة النفسية، وهو ما يؤدي بهم فيما بعد للجوء الى مسالك خاطئة في نمط الحياة ومنها تدخين السجائر ومن ثم تناول الكحول وربما تعاطي العقاقير المخدرة التي تعد جميعا تعبيرا عن الهرب 
من واقعهم الأسري المؤلم والمضطرب. 
ومن ثم تزداد مخاطر تدهور حالاتهم الصحية في مرحلة لاحقة من الحياة، وكل هذا يرجع الى إصابة الأطفال بحالات صحية سيئة في مرحلة مبكرة من الطفولة».
 وتجدر الإشارة الى أن العديد من الدراسات السابقة التي تتعلق بمرحلة الطفولة والصبا قد ركزت على التأثير طويل الأجل لكل التجارب السيئة من حياة الاطفال في سنواتهم الأولى، وكيف ان الامراض المزمنة كأمراض القلب والرئة تؤثر جديا على مستوى صحتهم البدنية في المستقبل.
ودللت إحدى البحوث الرصينة التي أجراها فريق من الباحثين في الصحة العامة من جامعة كارديف البريطانية، الى أن التجارب السلبية للأطفال تنتقل من الجيل الذي يعيشه هؤلاء الاطفال الى الأجيال التي تليهم (أولادهم المستقبليين) لأنها تلتصق بسلوكياتهم التي ينقلونها بطريقة غير مباشرة الى أبنائهم فيما بعد. 
وهذا ناتج أولا عن الأجواء الأسرية الخاطئة التي عاشوها ومن ثم نقلوها الى الجيل الآخر، لأنه يمكن للتجارب السلبية أثناء الطفولة أن تؤثر سلبا على الصحة والسلوك في الكبر.
ويختتم بيل: «الأطفال يتوارثون الجينات من الوالدين التي تنتقل تلقائيا من شخص الى آخر في أزمنة مختلفة. 
وأشياء مثل التدخين وتناول المشروبات الكحولية يمكن أن تؤثر فعلا على عملية التعبيرعن تلك الجينات التي تنتقل بالفطرة الى أولادنا. 
 
عن بي بي سي نيوز فاميلي