الباب المواري للصدى

ثقافة شعبية 2020/07/05
...

ميديا شيخة
 
 
 
أعلقُ وشاحي المزهرُ
على بابِكَ....
وأهرعُ كطفلةٍ مدللةٍ
إلى بائعِ الحلوى آخرَ الشارعِ .
لا ترمي المارةَ الطيبينَ بمناقيرَ الكلامِ
ولا تهذي على جانبِ الطريقِ
المؤديةِ إلى المكانِ المهجورِ
كقلبِكَ.
في ذلك المساءِ..
ظلُّ الملاكِ توضأ برذاذِ شهيقِهِ
وأنت أوليتَ وجهَك للريحِ
لا تقل..
لم تباغتْكَ خطاي
في لقائِنَا الأول
ولم ألجُ في وهجِ التضاريسِ
التي خذلتْنِي
لماذا يتخاصم الحور على حافة الطريق؟
ذراعي الممدودةُ إليكَ
نهرٌ ضَلَّ ضفافَهُ
والبواخرُ كلُّ من زارَهَا أمس
تعطرتْ بالملحِ
والدمعِ
وهذا الميناءُ تلويحةٌ أخيرةٌ
لمسافرِ البحرِ
والنوارسُ قمصانٌ سوداءٌ وبيضاءٌ
على حبلِ الغسيلِ
تمارسُ التأرجحَ والتبرجَ
ولا تهرمْ..
هو ذا ليلي الملثمُ بوشاحي المعطرِ
ولا يغفو الوقتُ في جفنِي
وحين يداهمني الشوقُ ألثمُ وسادتي.
هذي دموعي النازفةُ
فيضٌ من بسملةِ الروحِ فيكَ
يا ليتَ قلبكَ مغمضَ العينينِ يتبعُكَ
في مواسمَ الأمطارَ..
ويغتالُني على بابكَ الموصدِ
صدى المنفى..
علقمٌ شهيٌ هذا الفراقُ
أراني غصنًا خطفتْهُ الريحُ من شجرِ الصفصاف..
هذهِ الوحشةُ تؤرقُنِي
كم مهيبٌ موكبُ قصائدِنا التي أحرسُها
تحتَ غيمةٍ أينما ذهبتُ
وأنتَ كما أنتَ
تعشقُ الفودكا
وأنا أعشقُ نيقوسيا
عيناك في عيني
تبللُ وجهِي
وتغمرُنِي كل حينٍ بعطرِكَ.
في المرآةِ
تتبعُ العبقَ المنثورَ في ظلِي
لتحملَ في كفِكَ بعيدًا خطاكَ.
أنا التي أتقنُ في الغيابِ
شذاكَ
ولا تزالُ لوحدِكَ
كما كنتَ لي صدى
وكما ستكونَ في العناقِ الأخيرِ
المدى.
هَلُمَّ إليَّ يا ابن دمٍ
غيرَ ذاكَ المتخثرِ في أطرافِ الكلامِ.
أذكرُ أنكَ دعوتَ أصابعِي
إلى وليمةٍ لعصافيرِ الدوري
وامتطيتَ صهوةَ صوتِك المبحوحِ
في تلكَ الظهيرةِ الآسنةِ،
ومضيتَ خلفَ سِرْبِ أيائل
أذكرُ، لم تلتفتْ إلى الوراءِ
كان الجبلُ الأثرُ الوحيدُ لعويلِكَ
والشاهدُ الوحيدُ الذي تلى في بعدِك
أناشيدَ المطرِ
لكنَّهُ لم يلوحْ مثلي
للعاصفةِ التي اقتلعتْ أسماءَك المستعارةِ
على شبابيكِ الأزقةِ المكتظةِ بأشباهكَ
حتى صفصافةِ الحيِ القديمِ
أيقنتْ بأنكَ لا تشبهُنِي
ولكنْ وشمُ الكحلِ البريء على معصمَكَ
يأسرُنِي في حلكةِ العتمةِ
وأتوقُ مهووسةً إلى بياضِ الفجرِ.
كيف أنزعُ قلادةَ حريتي
على سجونِ الشرقِ الكسيحِ
وأخطفُ قدمي الرهوانَ
إلى أقربِ قمةِ تطلُّ حلمِي
ثم أرفرفُ عاليةً
لأنفضَ عني غبارَ المدينةِ
وترهاتِ القبيلةِ..
وأسمِيني كما يروقُ لي
على الملأِ من الأنسِ والنخيلِ
وطيرِ الأبابيلِ
وليكنْ... فليكنْ
قسمًا يا واهبي أنوثةَ الماءِ
وجنةً تحت أقدامِي
لن تهطلَ غيومُكَ الضالةُ أرضِي
ولن اعتكِفَ كهفَ أذكارِكَ
وأفكارِكَ..
كلانا من تبرٍ وترابٍ
وخلقَنَا اللهُ سيان
لا أدري من قيّدَ ضلعي بضلعِكَ
وأباحَنِي قرابينَ رمالِ عرشِكَ!!
كنتُ في الأمسِ كما أنتَ بعدَ الآنِ
والآنَ أتضرعُ للذي وهبني لكَ
وتوجَكَ فارسًا لذريتي
كي تنامَ قريرَ العين
والقلبِ..
لولا طقوسَ النارِ
ما كنتُ فراشةً أحترقَ في محرابِكَ
ولا بعض مدادِكَ
إمضِ ولا تأبهْ إلا لفنجانِ قهوتِكَ
في الشرفةِ الخاويةِ
لا أحدَ يسميكَ سيفًا على خاصرتي
ولا أحدَ يؤنسُ وحدتَكَ
كلانا الآن وحيدان ِ
وكأنَّ القلبَ لم يبحرْ في عبابِ الدربِ
ولا الأصابعُ المزدانةُ بالحناءِ
ثَمُلتُ هُنيهةً في تفاصيلِ الليلِ
وراحتْ تلهو بترانيمِ الموجِ
حينما تلفظُهُ الزرقةُ في الهواءِ.
هو هذا البوحُ الشهيُّ يَحُنُّ
لذكرياتِ الأمسِ البعيدِ
مذ تسكعتْ خطاي
على عتباتِ ظلِكَ
ولم تعد