دولية جائحة كورونا: المخاطر والمواجهة المنقوصة

العراق 2020/07/28
...

حميد طارش * 
 
ضربت جائحة كورونا العالم ولم تفرق بين دولة متطورة او فقيرة او بين دولة قوية واخرى ضعيفة، وعلى الرغم مما سببته هذه الجائحة من آلام، حيث فقد الآلاف احبتهم، فضلا عن القلق والحجر والعزلة وتعطل الاعمال والمرافق الاقتصادية والتي ادت بدورها الى حرمان الكثير من مواردهم المعاشية وقد اشار خبراء الاقتصاد الى ان التأثير الاقتصادي لهذه الجائحة.
 قد يمتد الى عقد او اكثر من السنوات، مع كل هذه الآثار السلبية وغيرها، افرزت هذه الجائحة دروسا مهمة على المستوى الدولي، هي لم تكن غائبة، لكن تم تجاهلها بقصد، وهي ان العالم يواجه مصيرا واحدا يتطلب اكثر حزما وتنظيما على المستوى الدولي لتلافي ما قد يواجهه من تحديات وسواء كانت على شكل اوبئة او كوارث طبيعية او حروب او سباق تسلح نووي، وسأشير الى مسألة قد تبدو بعيدة، وهي الفقر ، وقد رأينا الهجرة الكبيرة في السنوات الاخيرة من مناطق الفقر الى مناطق الغنى وتداعياتها ، وسواء على المهاجرين انفسهم ومآسي الغرق التي تعرضوا لها او على الدول الغنية وهي تواجه موجات بشرية مهاجرة لا طاقة بها عليها او دولهم، التي فقدت الايدي العاملة وما قد تحويه من خبرات هي بحاجة لها، اذن الفقر مشكلة عالمية وليست محلية تتطلب معالجتها 
دوليا.
ما زال التنظيم الدولي يواجه عائقا كبيرا يتمثل بسيادة الدول التي لا تقبل باي عمل دولي بشأن التنسيق والتنظيم لمواجهة الاخطار، الّا بإرادتها الاختيارية للانخراط في العمل المذكور وهذا بالتأكيد سيتوقف على مصالحها التي غالبا ما تكون سياسية ضيقة، خاصة وان السيادة لطالما كانت في الدول غير الديمقراطية هي سيادة الحاكم المستبد وكانت احدى ادوات الحماية له من التدخل الدولي الانساني في حماية الشعب من الاضطهاد والقمع او لمنع المجتمع الدولي من مراقبة حماية حقوق الانسان وحرياته.
وهذا بالتأكيد ما اثر في مواجهة جائحة كورونا التي كانت تتطلب قرارات دولية ملزمة للتعامل معها ودورا كبيرا لمنظمة الصحة العالمية من العمل والتصدي والمراقبة العابرة للحدود الجغرافية
، ولعل ما يؤكد ذلك، هو غياب المواجهة الدولية لمدينة ووهان الصينية ، أي لو تم حجر هذه المدينة دوليا لكان العالم في مأمن من تلك الجائحة ولكن غياب الرقابة الدولية وقراراتها الملزمة في مواجهة المخاطر الدولية للوباء هو من ادى الى هذا الانتشار الواسع وتزايد اعداد الضحايا، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة.
ولعل الخلل الوارد في دستور منظمة الصحة العالمية يوضح المسألة المشار اليها انفا، حيث تنص المادة(21) منه على ( لجمعية الصحة سلطة اقرار الانظمة المتعلقة بما يلي: الاشتراطات الصحية واجراءات الحجر الصحي وغيرها من الاجراءات التي يراد بها منع انتشار الامراض على الصعيد الدولي...) وهذا نص مهم لكنه فرّغ من محتواه بموجب المادة (22) من دستور المنظمة التي اعطت الدول حق الرفض او التحفظ من خلال النص على( الانظمة التي يتم اقرارها طبقا للمادة21 تعتبر نافذة بالنسبة لجميع الدول الاعضاء بعد تلقي اشعار بتصديق جمعية الصحة عليها. وتستثنى من ذلك الدول التي قد تبلغ المدير العام برفضها اياها او بتحفظها 
عليها...).
وهنا السؤال الاهم، الى متى سيظل المجتمع الدولي عاجزا عن ذلك، على الرغم من تجربة كورونا المريرة، خاصة ان هناك العديد من المخاطر والتحديات التي يمكن ان يكون تأثيرها اسوأ بكثير من وباء كورونا، خاصة تلك المتمثلة بترسانات الاسلحة النووية والكيمياوية والبكتريولوجية والتي ممكن لخطأ فني، فما بالك اذا كان عمدا، ان تدمر الكرة الارضية ومن عليها.
 
* باحث قانوني