المسؤولية القانونية للصــيدلانـي

العراق 2020/07/28
...

القاضي  كاظم عبد جاسم الزيدي
 
لا شك أن الدواء يعد من المنتجات الرئيسة الضرورية التي تهدف الى سلامة و صحة الانسان، فلا يستطيع الانسان الاستغناء عنه وتعد مهنة الصيدلة من اهم المهن الصحية، التي تساعد في علاج الافراد من الامراض من خلال ما تقدمه من منتجات طبية او مكملات غذائية و لارتباط هذه المهنة بالأفراد داخل المجتمعات، كان لا بد للمشروع العراقي من وضع قواعد قانونية تنظم هذه المهنة. 
وقد اصدر المشرع العراقي قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم ( 40 ) لسنة 1970،  الذي عرف مهنة الصيدلة بانها تركيب أو تجهيز أو حيازة أي دواء أو عقار أو أي مادة بقصد بيعها و استعمالها لمعالجة الانسان ووقايته من الامراض و الصيدلية هو المحل الذي تحضر و تصرف فيه بالمفرد الوصفات و الادوية و المواد الكيمياوية و السموم و المستحضرات الجاهزة المعترف بها في العراق و الصيدلاني كغيره من اصحاب المهن يقوم بممارسة مهنته من خلال أفعال يتوجب عليه القيام بها وفق ما تتطلبه واجبات مهنته و هذه الافعال من الممكن أن تكون بقصد أو بغير قصد و هو بلا شك مسؤول كغيره من المهنيين  و قد حدد المشرع العراقي شروط مزاولة مهنة الصيدلة و هي ان يكون عراقي الجنسية و حائزا على شهادة من كلية صيدلة عراقية معترف بها او شهادة علمية من كلية صيدلة اجنبية معترف بها، على ان يجتاز امتحانا يؤهله لمزاولة المهنة تجريه هيئة علمية في كلية الصيدلة في جامعة بغداد و يعد اخلال الصيدلاني بواجبات مهنته أو قيامه بأفعال لا تتوافق مع القوانين و الانظمة التي تنظم مهنته، الامر الذي يؤدي الى المسؤولية القانونية وتحكم مهنة الصيدلاني مجموعة من المبادئ الاخلاقية و الواجبات التي يتوجب على الصيدلاني التحلي بها أثناء ممارسته لمهنة الصيدلة، حيث إن هذه المهنة تهدف الى الحفاظ على حياة الانسان داخل المجتمع و يجب ان يحسن معاملة المريض و الرفق به و ان يعمل على تحقيق المساواة بين المرضى في الحصول على الرعاية والعلاج والرعاية وتقديم المعلومات الصحيحة عن الدواء، والواجب الاهم العمل على حماية خصوصية المريض من خلال كتمان سره ومع التطور العلمي في المجتمعات تطورت مهنة الصيدلة كغيرها من المهن، وهذا التطور جعل الصيدلاني يلعب دورا كبيرا في صناعة الادوية و المستحضرات الطبية الاخرى من خلال تركبيها وتجهيزها واعدادها للبيع، الامر الذي أدى الى تحصين المجتمع من أخطاء هذه المهنة بالقوانين و الانظمة التي تحكم عمل الصيدلاني و ترسم له العلاقة بينه و بين مرضاه و لا يجوز للصيدلاني ان يجمع بين مزاولة الصيدلة و مهنة الطب او طب الاسنان او الطب البيطري و لا تعد مزاولة غير مشروعة لمهنة الطب ما يقوم به الصيدلي من الاسعافات الاولية في حالة حدوث حوادث فجائية مستعجلة و لا يجوز للصيدلي ان يصرف وصفة ما لم تكن صادرة من طبيب او طبيب اسنان او طبيب بيطري ومجاز بممارسة مهنته في العراق و يجب التثبت من صحتها قبل صرفها و  كذلك يحظر عليه اعادة صرف او تركيب  اي وصفة طبية تحتوي على مواد خطرة وسموم مرة اخرى، استنادا على الوصفة الطبية الاولى او ان يمتنع عن صرف وصفة صادرة من طبيب او طبيب بيطري او طبيب اسنان، الا اذا كانت غير مستوفية للشروط المتطلبة  في القانون، كما لا يجوز للصيدلي ان يغير الكميات للمواد الواردة في الوصفة او يستبدل بإحداها مادة او صنفا باخر او يبدل مستحضرا خاصا باخر الا بعد الموافقة التحريرية من كاتب الوصفة او ان يصرف دواء يحتوي على المخدرات الا بمقتضى احكام قانون المخدرات او ان يصرف وصفة مكتوبة بعبارات او علامات غير مصطلح عليها في فن الصيدلة و اذا وجد الصيدلي ان في الوصفة المراد صرفها مخالفة فنية او انها تحوي من الدواء اكثر مما هو معين في دستور الادوية وجب عليه تنبيه محررها و يطلب اليه تصحيحها او تأييدها مع التوقيع، اذا اصر على صحتها، ولا يجوز الاعلان عن الادوية الا في المجلات الطبية او الصيدلانية و يجب ذكر التأثيرات الجانبية لها ان وجدت و لا يجوز نشر الاعلان عن المستحضرات خاصة يمس الآداب او يضلل الجمهور   ونظمت احكام المسؤولية الجزائية للصيدلاني في الكثير من القوانين العقابية و منها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل وقانون مزاولة مهنة الصيدلة وقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 و منها جرائم الاجهاض و جريمة افشاء الاسرار، أما الجرائم التي نص عليها قانون مزاولة مهنة الصيدلة هي جريمة مزاولة مهنة الصيدلة من دون الحصول على اجازة حيث نصت المادة ( 50 ) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة على : (  يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تزيد على مئتي الف دينار أو بهما معا كل من :
1 - من زاول مهنة الصيدلة بدون اجازة أو حصل على اجازة بفتح محل بطريقة التحايل مع الحكم ببطلان الاجازة المذكورة . 
2 -  من استعار اسم صيدلي لغرض فتح محل و كذلك الصيدلي الذي أعار اسمه لذات الغرض مع الحكم بغلق المحل موضوع المخالفة .  
3 - شخص غير مجاز بمزاولة مهنة الصيدلة يعلن  نفسه باحدى وسائل النشر اذا كان من شان ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بان له الحق في مزاولتها وكذلك كل صيدلي يسمح لشخص غير مجاز بمزاولة المهنة باسمه في الصيدلية .
4 -  من غش أو قلد احد الادوية او المستحضرات الطبية أو المواد الكيمياوية أو باع شيئا مغشوشا أو مقلدا .  
 5 - من باع أو عرض للبيع أحد الادوية أو المستحضرات الطبية أو المواد الكيمياوية أو النباتات الطبية الفاسدة أو التالفة و ممارسة المهنة بدون مؤهل علمي و جريمة استخدام وسائل دعائية و بيع وتركيب من غير وصفة طبية كما نصت المادة (51   ) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة على جريمة بيع الادوية بدون اجازة حيث نصت على : ( يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة أو بغرامة لا تزيد على مئتي الف دينار كل من استورد أو باع أو عرض للبيع أحد المستحضرات و المواد الكيمياوية الوارد ذكرها في المادة الثالثة و الاربعين من هذا القانون من دون ان يكون مجازا بذلك بموجبه . كما نصت المادة (52) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة على جريمة مخالفة احكام القانون بالغرامة، حيث يعاقب بغرامة لا تزيد على مئتي الف دينار كل من خالف حكما من احكام هذا القانون في غير الحالات المنصوص عليها فيها، فالمشرع العراقي قد حدد الجرائم التي يرتكبها الصيدلاني و منها جريمة الاشتراك في جريمة مهنة الصيدلة غير المشروعة، كما نص قانون  المخدرات و المؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 على مسؤولية الصيدلي بخصوص بيع المواد المخدرة واوجب على مسؤولي الصيدليات في استيراد المواد المخدرة ان يرسلوا كشفا تفصيليا الى الجهات الادارية التي تعينها وزارة الصحة و لا يجوز للصيدلي صرف مواد مخدرة او مؤثرات عقلية الا بموجب وصفة طبية اصولية من طبيب او بموجب بطاقة رخصة صادرة من وزارة الصحة تحدد المخدرات والمؤثرات العقلية ومقدارها  والزم الصيدلاني بمسك سجل خاص بصرف الوصفات الطبية للمواد المخدرة  ونجد من الضروري تشريع قانون جديد لمزاولة مهنة الصيدلة و ذلك تماشيا مع ما وصلت اليه مهنة الصيدلة من تطور و لمعالجة المواد العقابية المنصوص عليها في القانون النافذ الذي لم تعد تتلاءم مع خطورة الجرائم التي تمس حياة الانسان، لا سيما في حالة ارتكاب جريمة التلاعب بأسعار الادوية.