كشفت شركة نيورالينك الناشئة المتخصصة في علوم الأعصاب والتابعة للملياردير إيلون ماسك النقاب يوم الجمعة الفائت عن خنزير تم زرع شريحة كمبيوتر بحجم العملة المعدنية في دماغه منذ شهرين، ما يشير إلى خطوة مبكرة نحو تحقيق هدف علاج الأمراض التي تصيب الإنسان بزراعة النوع ذاته من هذه الشرائح.
زراعة في الدماغ
وتهدف نيورالينك التي شارك ماسك في تأسيسها في 2016 ومقرها سان فرانسيسكو إلى زراعة وصلات لاسلكية بين الدماغ والكمبيوتر تضم آلاف الأقطاب الكهربائيَّة في أكثر عضو بشري تعقيدًا للمساعدة في علاج حالات عصبية مثل مرض الزهايمر والخرف وإصابات الحبل الشوكي.
وقال ماسك: " يمكن لجهاز تم زرعه أنْ يحل بشكل فعلي تلك المشكلات"، مشيراً إلى أمراض مثل فقدان الذاكرة والسمع والاكتئاب والأرق.
وقال ماسك خلال عرض تقديمي لشركة نيورالينك في تموز 2019 إنَّ الشركة تهدف إلى الحصول على الموافقة التنظيمية لزرع جهازها خلال تجارب بشرية بحلول نهاية هذا العام.
وعُرض على الجمهور إشارات عصبية في الوقت الفعلي من أحد الخنازير، الذي أطلق عليه ماسك اسم جيرترود (Gertrude)، ووفقًا لماسك، فإن جيرترود خضع لعملية الزرع لمدة شهرين تقريبًا.
وقالت الشركة الناشئة، التي تم إطلاقها في عام 2016 بتمويل أساسي من ماسك: إنها تصمم خيوطًا مرنة أرق 10 مرات من شعر الإنسان بهدف علاج إصابات الدماغ، إلى جانب تمكين التعايش بين البشر والذكاء الاصطناعي.
نجاح 87 في المئة
وتم اختبار التصميم على ما لا يقل عن 19 حيوانًا مختلفًا باستخدام الروبوتات بمعدل نجاح يبلغ نحو 87 في المئة، وذلك وفقًا لعرض المشروع العام الماضي.
ووصف ماسك الأمر بأنه مثل وجود جهاز (Fitbit) في جمجمتك مع أسلاك صغيرة، مع إمكانية اقتران الجهاز بتطبيق هاتف ذكي عبر البلوتوث المنخفض الطاقة.
وكان هذا أحد العروض التوضيحية الأولى للشركة في ما يتعلق بتقنية الدماغ الحاسوبي.
وتزعم الشركة أن تثبيت شريحة لاستبدال جزء صغير من الجمجمة البشرية يمكن أن يعيد وظائف الأطراف، ويحسن حركة الإنسان، ويحل مشكلات البصر والسمع، ويساعد في أمراض، مثل مرض باركنسون.
وفي العرض التقديمي، أدرج ماسك عددًا من الحالات المختلفة التي تركز عليها نيورالينك (Neuralink) حاليًا، من ضمنها فقدان الذاكرة والعمى والشلل.
وأوضح ماسك أن العملية لن تتطلب تخديرًا عامًا، ويأمل أن يقوم الروبوت بإجراء الجراحة بأكملها في غضون ساعة تقريبًا.
وقال ماسك: إن الأشخاص الذين يحصلون على جهاز (Neuralink) يحصلون على ندبة صغيرة بعد إدخال الأقطاب الكهربائية في جميع أنحاء الدماغ وقراءة إشارات الخلايا العصبية بشكل جماعي، وإذا تم إجراؤها بشكل جيد، فلن يكون هناك أي دم.
ويؤدي جمع كميات هائلة من البيانات من الإشارات إلى تعليم برنامج (Neuralink) كيف يستخدمها الدماغ للتواصل مع بقية الجسم.
ويبلغ قطر جهاز الاستشعار الخاص بشركة نيورالينك ثمانية مليمترات تقريباً أو أصغر من طرف الإصبع ويتم زرعه في الجمجمة وموصل بأسلاك صغيرة.
وبمساعدة روبوت متطور يتم زرع خيوط مرنة أو أسلاك أدق من شعر الإنسان في المناطق المسؤولة عن وظائف الحركة والإحساس في الدماغ بينما يكون المتلقي تحت التخدير الموضعي فقط. وقال ماسك إنه يمكن إزالة هذا الجهاز.
مفرط في الطموح
وقال خبراء علم الأعصاب إنه على الرغم من أنَّ مهمة نيورالينك لقراءة وتحفيز نشاط الدماغ لدى البشر ممكنة، إلا أنَّ الجدول الزمني للشركة يبدو مفرطًا في الطموح.
وقال جرايم موفات، الباحث في علم الأعصاب بجامعة تورنتو: "سينبهر جداً الجميع في هذا المجال إذا أظهرت (نيورالينك) بالفعل بيانات من جهاز مزروع في الإنسان".
وتم زرع أجهزة صغيرة تحفز الأعصاب ومناطق الدماغ إلكترونياً لعلاج ضعف السمع ومرض الشلل الرعاش في البشر منذ عشرات السنين.
وأجرى علماء الأعصاب أيضا تجارب زرع مخ على عددٍ صغير ممن فقدوا السيطرة على وظائف الجسم بسبب إصابات الحبل الشوكي أو حالات عصبية مثل الجلطات الدماغيَّة. ويمكن للبشر في تلك التجارب التحكم في الأشياء الصغيرة، مثل لوحة مفاتيح الكمبيوتر أو مؤشر الماوس، ولكن لم يتمكنوا بعد من إكمال مهام أكثر تعقيدًا.
ولاحظ العلماء أنَّ معظم الأبحاث المتطورة الحالية في الوصلات بين الدماع والكمبيوتر تُجرى على الحيوانات لأنَّ تحديات السلامة وإجراءات الموافقة التنظيمية المطولة تمنع إجراء تجارب أكبر على البشر.