أبعدوا عنكم الغلظة...

اسرة ومجتمع 2020/09/01
...

 حسين الصدر
1 - قال تعالى مخاطباً سيدَ رُسله وأنبيائه (ص) 
« ولو كنتَ فظاً غليظَ القلب لا نفضوا من حولك «
التوبة / 128
الفظاظة والغلظة والقسوة تقيم بينك وبين الناس الحواجز السميكة وتجعلهم ينفرون منك .
انّ الانسان مجبول على الانجذاب لأصحاب النفوس الرقيقة الحانية، والتي يقرأ في عيونها كل ألوان الصفاء والنقاء، فيميل اليها ويتأثر بها.
2 - انّ من أهم الرواسب التي خلفتها الدكتاتورية المبادة- التي لم تكن تعرف غير لغة الحديد والنار والتعذيب ودس الثاليوم للحرائر والاحرار ممن لا يدينون لها بالولاء - قد غيّرت الكثير من طبائع الناس وعاداتهم ...
لقد برزت ( نظرية اقتداء الضحية بالجلاّد ) جليةً واضحة في كثير من الميادين الحياتية، والاّ فما معنى ضرب الوالد ولده ضربا مبرحاً حتى الموت لتقصيره في الاستعداد للامتحانات المدرسية؟
كيف يتحول الأب الى قاتل مع سبق الأصرار؟
وما معنى الإقدام على حرق الزوج لزوجته دون هوادة؟
وما معنى اللجوء الى القوة المفرطة إثر أيّ نزاع؟
3 - انّ المجتمع لن يذوق طعم السعادة ما لم يكن متراحما متكافلاً، تشيعُ في أوساطه روح المحبة والاحساس بما يعانيه الآخرون.
والاّ فان الجفوة الموحشة تطل برأسها، ليكون المتنكرون لمقتضيات الرحمة والرقة والانسانية في وادٍ والناس في واد آخر . وهذا ما حصل في العراق الجديد حيث خسر السلطويون قلوب الناس، حين تناسوا همومهم، وانشغلوا باحراز مكاسبهم والامتيازات والمنافع الشخصية والفئوية على حساب سائر المواطنين الآخرين، حتى أصبح خُمْسُ العراقيينِ تحتَ خط الفقر يعانون من أعباء الفاقة والحرمان وسوء الخدمات .
4 - قال الشاعر :
اني نَصَحْتُكَ وَعْظِي
فلا تقْل قَلَّ حَظّي
ولا تَكُنْ قطُّ فظّاً
فلا صديقَ لِفَظِّ
وهذه النصيحة المقفّاة انطلقت من المعطى القرآني الذي رسم طريق التعايش والتعامل الاجتماعي .
5 - واذا كانت غلظة الحكام على المحكومين مرفوضةً، فانّ غلظة المحكومين على الحكّام مرفوضة أيضاً .
إنّ المطالبة السلمية بالحقوق حقٌّ دستوريٌّ مكفول لكل المواطنين،
ولكنّ اللجوء الى العبث والتخريب خط أحمر لا يمكن القبول به في مطلق
الأحوال.
6 - بالحوار وبالاعتدال والاتزان، والانطلاق الخالي من العنف، والبعد عن التنمر يُمكنُ الوصول الى أفضل الحلول، من دون أنْ نتكبد الخسائر الفادحة، وهذا هو المطلوب فعلاً لدرء الفتنة والوصول الى مرافئ الامان والاستقرار في جميع أرجاء الوطن
الحبيب.