ترجمة: أنيس الصفار
بينما يتهيأ الأميركيون لقضاء الاسابيع المقبلة مقلبين الخيار بين ترامب والمرشح الديمقراطي “جو بايدن”، تواجه القيادة الصينية في بكين هي الأخرى سؤالا مصيرياً: أيهما سيكون أجدى نفعاً لأهداف الصين الستراتيجية .. رئاسة ترامب لأربع سنوات جديدة، أم رئاسة بايدن؟ وكيف سينبغي على بكين التعامل مع أي من الرجلين إذا ما جلس في المكتب
البيضاوي؟.
برز هذا الموضوع الى السطح عقب تصريح لـ “وليام إيفانينا” كبير مسؤولي المشرفين على أمن الانتخابات، قال فيه إن “الزعماء الصينيين يفضلون رحيل ترامب الذي يرونه شخصاً لا يمكن التكهن بتصرفاته”، بيد أن من الصعب الجزم بأن الصين سوف تكون أكثر ارتياحاً لبايدن.
فبرغم كل ضغوطه على بكين وقرعه طبول سياسة العقوبات المستمرة التي لم يُعرف لها مثيل على مدى 40 عاماً من العلاقات تحت إدارات جمهورية وديمقراطية، قدم ترامب بشكل أو بآخر لـ”شيجنبنغ” فرصة للبروز على المسرح العالمي وفي السياسات الداخلية.
أما على الجبهة الأمنية فقد أباحت بكين لنفسها ممارسة سلطات جديدة شاملة، وفرض قانون أمن هونغ كونغ القومي المثير للجدل بذريعة التصدي للتدخل الأميركي ورده، وكذلك سعت بكين للحصول على تفوق دولي ومساحة دبلوماسية أوسع في تزامن مع تحرك ترامب للانسحاب من الهيئات والمنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، مزعزعاً بذلك الثقة بعلاقات الولايات المتحدة مع حلفائها من آسيا الى أوروبا.
هذا الرأي المجرد .. “الكسب المطلق أو الخسارة المطلقة” .. لا يتفق عليه جميع المسؤولين الصينيين الكبار، فثمة من يقر بأن هناك فوائد تحققت من فترة رئاسة ترامب، وقال بول هاينلي مدير مركز “كارنيغي شنغهوا” في بكين، إن تصور الصينيين قد خلص الى أنه “طالما كان أهم شخص في النظام الأميركي لا يكترث حقاً لتايوان أو هونغ كونغ أو شنجيانغ أو التبت، فلن تكون هناك عواقب إذن تستحق الحذر، وهذا قد يعني بالنسبة للصينيين أن أمامهم فرصة ستراتيجية للتقدم على هذه الخطوط خلال دورته الثانية “.
بيد أن المشهد يبدو مختلفاً جداً من زاوية قطاع الأعمال الصيني الذي تضرر ونال منه الأذى على يد ادارة ترامب. لقد أصيبت شركات التكنولوجيا العالية في الصين بضربة قوية جراء العقوبات التي فرضت على شركة “هواوي” وعملاق التواصل الاجتماعي “تنسنت”، الأمر الذي بات يهدد بشل مشاريع اعمال اساسية.
قال “غاو وينبو” الباحث من جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا ان فوز بايدن سوف يفتح آفاق فرص اقتصادية امام الصين، وإن كان يحذّر ايضاً من مخاطر، إذ يقول ان بايدن من خلال محاولته اعادة ترميم تحالفات أميركا وتعزيز وضعها القيادي في العالم، قد يضع الصين امام مجازفات
وتحديات.
يعتقد “شو فنغ” مدير العلاقات الدولية في جامعة “نانجنغ” الذي يقوم احياناً بدور مستشار للحكومة الصينية بأن أربع سنوات اخرى من حكم ترامب سوف تقذف بالدولتين في خضم حرب باردة جديدة، ولكن على بكين ان تكون مستعدة لتقديم عروض جدية إذا ما بدا أن فرصة الفوز في الانتخابات قد لاحت لبايدن.
إيفا داو وجيري شي /
عن صحيفة واشنطن بوست