تأزم الموقف العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا

قضايا عربية ودولية 2020/09/05
...

  ترجمة: انيس الصفار 
تكرَّر مروق المقاتلات النفاثة الروسية بسرعة خاطفة قرب طائرات أميركية فوق البحر الأسود، في مرة من المرات لم تتعد المسافة 30 متراً من احدى قاذفات “بي 52” الأميركية، كذلك حلقت ست طائرات حربية روسية بالقرب من الاسكا على مسافة جعلت طائرات “أف 22” الأميركية تهرع لاعتراضها، وفي شمال شرق سوريا أصيب سبعة جنود أميركيين بالأذى جراء ارتطام مركبة روسية مدرعة عمداً بدوريتهم.
في ظرف أيام قليلة من الاسبوع الماضي استعرت حدة التوترات بين القوتين العسكريتين الأميركية والروسية في أماكن مختلفة من العالم، وبذا ازدادت العلاقات بين واشنطن وموسكو، المشحونة بالتأزم اصلاً، توتراً نتيجة هذه الاحتكاكات العسكرية.
في حادثة التصادم بين المركبات الروسية والأميركية أظهرت صور الفيديو أن مركبات الطرفين كانت منطلقة بسرعة كبيرة في ميدان مفتوح ثم لم تلبث احدى المركبات الروسية أن صدمت مركبة أميركية، تبع ذلك تراشق بالكلمات وتبادل الاتهامات بين الطرفين بالاضافة الى وجود مروحية روسية كانت تطير على ارتفاع منخفض فوق القوات الأميركية. 
على بعد أكثر من 8000 كيلومتر كشرت المنافسة مرة اخرى عن انيابها عندما اعترضت طائرات “أف 22” الأميركية ستاً من طائرات الدورية البحرية الروسية طراز “تي يو 142” كانت تطير ضمن مدى 50 ميلا بحريا عن ساحل ألاسكا ضمن المجال الجوي الدولي.
استمرت وضعية الرد والرد المقابل هذه حين قاطعت طائرتان روسيتان من طراز “سوخوي 27” مسار طائرة من طراز “بي 52” ضمن مسافة 30 متراً، وهو نهج لا مهني وغير آمن في الطيران قد يسفر عن تصادم في الجو، كما ورد في تصريح للجيش الأميركي.    
في خطاب له مؤخراً عاب “جوزيف بايدن” مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئاسة على الرئيس ترامب فشله في التعامل مع حادثة سوريا، كما انتقده لفشله في جملة من الأمور الأخرى.
قال بايدن إن هذا الخنوع أمام الزعيم الروسي لم يسبق أن ابداه اي رئيس أميركي من قبل، وأضاف ان هذا السلوك خطير عدا كونه مهيناً ومحرجا وسيتسبب بإضعاف أميركا.
تقع هذه الحوادث في وقت يقول فيه منتقدو ترامب انه يمتنع عن توجيه اي انتقاد الى روسيا او تحدي عدوانيتها المتصاعدة إزاء الغرب، بل انه يميل الى ابداء الاستجابة لرغبات موسكو، ففي ألمانيا خفضت الولايات المتحدة قواتها بنحو 12 ألف جندي رغم اعتراض حلفائها في الناتو، وبذا تقلص هناك حضورها العسكري الذي كان موضع استياء الكرملين، وفي شهر حزيران الماضي دعا ترامب الرئيس بوتين لحضور اجتماع موسع لمجموعة الدول السبع مع أن روسيا ممنوعة من حضور هذه اللقاءات بين القوى الاقتصادية الكبرى في العالم عقب ضمها شبه جزيرة القرم في 2014 وهجماتها المتكررة على شرق أوكرانيا.
هذه الاحتكاكات جواً وبحراً وبراً بقيت متواصلة طيلة السنتين الماضيتين كجزء لا يتجزأ من اجواء الخصومة المستمرة والتحشيد العسكري وكأنها رجع صدى لأيام الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، بيد أن المسؤولين الأميركيين سجلوا مؤخراً صعوداً قوياً مفاجئاً لحوادث تكاد تتزامن مع بعضها وكل منها يرفع احتمالات وقوع حادثة او خطأ في الحساب.
يقول محللون مستقلون متخصصون بسياسة الكرملين إن الاستفزازات الروسية يمكن أن تستمر ما لم تتصرف ادارة ترامب بحزم وقطعية أكثر. فأسلوب الروس هو محاولة تخطي الحد قليلاً ثم انتظار كيف يكون الرد، كما تقول “ألينا بولياكوفا” رئيسة مركز تحليل السياسة الأوروبية في واشنطن، لذلك فإن هذا النمط من السلوك الروسي المستمر معناه أن الولايات المتحدة لم تفرض عواقب جدية تحول دون استمرار التصعيد في مسارح العمليات التي يحاول الروس فيها تقويض المصالح الأميركية.  
 
عن صحيفة نيويورك تايمز
إريك شمدت