ولد الملك الفرنسي تشار السادس الملّقب بالملك الزجاجي او تشارل المجنون في باريس عام 1368، في فترة عرفت بحرب المئة عام والصراع الطويل بين فرنسا وانكلترا، وفرضت الامبراطورية العثمانية خلالها سيطرتها على العالم.
وهو ابن الملك تشارلز الخامس من عائلة (فالوا) وأمه جوان من بوربون، توفي اخوانه الاكبر منه جميعا قبل ولادته لذلك لُقب بـ (دوفين فرنسا) اي وريث العرش الملكي وهو في الحادية عشرة من عمره. كان حكمه شكلياً لعدة سنوات لهذا اُوكل الحُكم الى أعمامه الأربعة، والذين أحكموا قبضتهم على فرنسا حتى تسلّمه الحُكم بنفسه عند بلوغه 21 عاما، تزوج من إيزابو البافارية عام 1385 وولد له اثنا عشر طفلاً معظمهم ماتوا
صغاراً.
بددَّ اعمامه موارد فرنسا المالية بالكامل من خلال إنفاقها على مصالحهم الشخصية عندما كان قاصرا، وتمكنوا من تقوية سلطة الإدارة الملكية وأعادوا فرض الضرائب، لكن بعد توليه الحُكم عام 1388 أعاد السلطة الى مستشاري والده الكفوئين الملقبين بـ (مارموستس). اشتهر لفترة من الزمن باسم المحبوب ما بشّرَ بمرحلة جديدة من التقدير للعرش الفرنسي، لكن سرعان ما بدأت الامور تعكس مع الملك الشاب على نحو خطير.
بداية الاضطراب العقلي
في العام 1392 كان صديق تشارلز ومستشاره (أوليفييه لو فيو دو كليسون) ضحية لمحاولة قتل، لكنه نجا منها واُقتيد قاتله الى ملجأ في بروتاني، ولم يشأ دوق بروتاني تسليمه للعدالة لذا قرر تشارلز أنْ يحقق العدالة بنفسه. وقال معاصرون ممن شهدوا الحدث يبدو أنَّ الملك الشاب اُصيب بحمى فكان خطابه محموماً وغير مترابط، وجهزَّ جيشه للذهاب الى بروتاني في العام ذاته، لكنَّ الجيش كان بطيئاً جداً ما أدى الى نفاد صبره
وجنونه.
وبعد مرور شهر، عندما كان تشارلز يعبر مع مرافقيه والجيش غابة، أسرع رجل مجذوم الى فرس الملك وأمسك بلجامه وقال له: “لا تتقدم أكثر أيها الملك النبيل، أرجع، هناك من يخونك”، فأبعده المرافقون ولم يجدوا اعتقاله مناسباً، إلا أنَّ الرجل تبعه وأعاد عليه التحذير مراراً، وكان إنذارا قاسيا وساخرا للأحداث اللاحقة في ذلك اليوم.
عانى الملك تشارلز من الذهان بقية حياته، حتى عام 1393 لم يعد يتذكر اسمه ولا كونه ملكاً لفرنسا، حتى انه ظنَّ نفسه القديس جورج في الفترة ما بين عامي 1396 - 1395، وكان يميز جميع ضباطه وموظفيه ما عدا أسرته. كما اُصيب بنوبات جنون قادته الى التسابق حول مقر إقامته بباريس ما أجبر أسرته على زيادة ارتفاع مداخيل القصر، وكان يرفض الاستحمام وتغيير ملابسه لمدة خمسة
أشهر.
ويُعتقد أن أشهر وهم هو ما كتبه البابا بيوس الثاني عنه ان الملك كان لسبب ما يعتقد انه مصنوع من الزجاج، وكان يبذل قصارى جهده لحماية نفسه من الكسر مثل وضعه مخايط حديدية في ملابسه لكي لا يتحطم إذا ما لامسه شخص ما.
ترأست زوجته خلال فترة اضطرابه العقلي مجلس الوصاية على العرش، لكن مع اقتراب خسارة فرنسا لحرب المئة عام قتل العديد من أعضاء المجلس على يد الانكليز أو انشقوا عنه. وفي محاولة للحصول على السلام زُوجت ابنة تشارلز لملك بريطانيا ريتشارد الثاني، لكن هذا أدى الى المزيد من الفوضى وغياب النظام في جميع انحاء فرنسا.
وفاته
في النهاية خسرت فرنسا الحرب ووُقعت معاهدة تروي عن الملك المجنون الفاقد الاهلية، التي حرمت ابنه شارل السابع من ان يرثه وادّعت انه ابن غير شرعي، وخُطبت إحدى بنات تشارلز (كاثرين) الى هنري الخامس.
توفي الملك تشارلز السادس عام 1422 ودفن مع زوجته في كاتدرائية سان دوني. وأشعلت وفاته صراعاً على السلطة بين حفيده ملك بريطانيا هنري السادس وابنه شارل السابع الذي انتصر في النهاية واصبح ملك فرنسا التالي.
عن موقع هيستوري ثينك