الاضطراب العقلي لسادس ملوك فرنسا

بانوراما 2020/09/30
...

إليزابيث لوندين
ترجمة: شيماء ميران
ولد الملك الفرنسي تشار السادس الملّقب بالملك الزجاجي او تشارل المجنون في باريس عام ‏‏1368، في فترة عرفت بحرب المئة عام والصراع الطويل بين فرنسا وانكلترا، وفرضت ‏الامبراطورية العثمانية خلالها سيطرتها على العالم. ‏
وهو ابن الملك تشارلز الخامس من عائلة (فالوا) وأمه جوان من بوربون، توفي اخوانه الاكبر منه ‏جميعا قبل ولادته لذلك لُقب بـ (دوفين فرنسا) اي وريث العرش الملكي وهو في الحادية عشرة من ‏عمره. كان حكمه شكلياً لعدة سنوات لهذا اُوكل الحُكم الى أعمامه الأربعة، والذين أحكموا قبضتهم ‏على فرنسا حتى تسلّمه الحُكم بنفسه عند بلوغه ‏‎21‎‏ عاما، تزوج من إيزابو البافارية عام ‏‎1385‎‏ ‏وولد له اثنا عشر طفلاً معظمهم ماتوا 
صغاراً.‏
بددَّ اعمامه موارد فرنسا المالية بالكامل من خلال إنفاقها على مصالحهم الشخصية عندما كان ‏قاصرا، وتمكنوا من تقوية سلطة الإدارة الملكية وأعادوا فرض الضرائب، لكن بعد توليه الحُكم عام ‏‎1388‎‏ أعاد السلطة الى مستشاري والده الكفوئين الملقبين بـ (مارموستس). اشتهر لفترة من الزمن ‏باسم المحبوب ما بشّرَ بمرحلة جديدة من التقدير للعرش الفرنسي، لكن سرعان ما بدأت الامور ‏تعكس مع الملك الشاب على نحو خطير.
 
 ‏بداية الاضطراب العقلي
في العام 1392 كان صديق تشارلز ومستشاره (أوليفييه لو فيو دو كليسون) ضحية لمحاولة قتل، ‏لكنه نجا منها واُقتيد قاتله الى ملجأ في بروتاني، ولم يشأ دوق بروتاني تسليمه للعدالة لذا قرر ‏تشارلز أنْ يحقق العدالة بنفسه. وقال معاصرون ممن شهدوا الحدث يبدو أنَّ الملك الشاب اُصيب ‏بحمى فكان خطابه محموماً وغير مترابط، وجهزَّ جيشه للذهاب الى بروتاني في العام ذاته، لكنَّ ‏الجيش كان بطيئاً جداً ما أدى الى نفاد صبره 
وجنونه. ‏
وبعد مرور شهر، عندما كان تشارلز يعبر مع مرافقيه والجيش غابة، أسرع رجل مجذوم الى فرس ‏الملك وأمسك بلجامه وقال له: “لا تتقدم أكثر أيها الملك النبيل، أرجع، هناك من يخونك”، فأبعده ‏المرافقون ولم يجدوا اعتقاله مناسباً، إلا أنَّ الرجل تبعه وأعاد عليه التحذير مراراً، وكان إنذارا قاسيا ‏وساخرا للأحداث اللاحقة في ذلك اليوم.‏
عانى الملك تشارلز من الذهان بقية حياته، حتى عام ‏‎1393‎‏ لم يعد يتذكر اسمه ولا كونه ملكاً ‏لفرنسا، حتى انه ظنَّ نفسه القديس جورج في الفترة ما بين عامي ‏‎1396 - 1395‎، وكان يميز ‏جميع ضباطه وموظفيه ما عدا أسرته. كما اُصيب بنوبات جنون قادته الى التسابق حول مقر إقامته ‏بباريس ما أجبر أسرته على زيادة ارتفاع مداخيل القصر، وكان يرفض الاستحمام وتغيير ملابسه ‏لمدة خمسة 
أشهر.‏
ويُعتقد أن أشهر وهم هو ما كتبه البابا بيوس الثاني عنه ان الملك كان لسبب ما يعتقد انه مصنوع ‏من الزجاج، وكان يبذل قصارى جهده لحماية نفسه من الكسر مثل وضعه مخايط حديدية في ملابسه ‏لكي لا يتحطم إذا ما لامسه شخص ما.‏
ترأست زوجته خلال فترة اضطرابه العقلي مجلس الوصاية على العرش، لكن مع اقتراب خسارة ‏فرنسا لحرب المئة عام قتل العديد من أعضاء المجلس على يد الانكليز أو انشقوا عنه. وفي محاولة ‏للحصول على السلام زُوجت ابنة تشارلز لملك بريطانيا ريتشارد الثاني، لكن هذا أدى الى المزيد ‏من الفوضى وغياب النظام في جميع انحاء فرنسا.‏
 
وفاته
في النهاية خسرت فرنسا الحرب ووُقعت معاهدة تروي عن الملك المجنون الفاقد الاهلية، التي ‏حرمت ابنه شارل السابع من ان يرثه وادّعت انه ابن غير شرعي، وخُطبت إحدى بنات تشارلز ‏‏(كاثرين) الى هنري الخامس.‏
توفي الملك تشارلز السادس عام ‏‎1422‎‏ ودفن مع زوجته في كاتدرائية سان دوني. وأشعلت وفاته ‏صراعاً على السلطة بين حفيده ملك بريطانيا هنري السادس وابنه شارل السابع الذي انتصر في ‏النهاية واصبح ملك  فرنسا التالي.‏
 
عن موقع هيستوري ثينك