لماذا يُفتن الانسان بالخيول السحريَّة؟

بانوراما 2020/10/02
...

لاري دون*
 
ترجمة: مي اسماعيل
على امتداد جزء طويل من تاريخ الانسان القريب، كان الحصان جزءا حيويا من الحياة اليومية، وعنصرا اساسيا في المزارع وللتنقل والاتصال والحروب. لكن الحصان بات اليوم (لنسبة كبيرة من البشر) عنصرا لا يمكن التعامل معه لأسباب اقتصادية، وأصبحت رياضة ركوب الخيل هواية لعدد قليل من الناس. 
قد تمضي أيام وأسابيع (أو غالبا شهور) قبل أن يرى أحدنا (خاصة سكان المدن) حصانا؛ ولكن مع كل ذلك ما زال الحصان جزءا حيويا ومحببا بشغف من الروايات والثقافة. لن يركب عدد كبير من أطفال القرن الحادي والعشرين أبدا صهوة مهر، ولن يربتوا على ظهره أو يعتنوا به؛ لكن أولئك الأطفال ما زالوا يحبون القصص التي تتحدث عن الخيول؛ خاصة الخيول السحرية والاسطورية. هذا ما يُعبر عنه الأطفال حينما يُسئلون عن المخلوقات الخيالية التي يفضلونها؛ ويحتل الحصان وحيد القرن «يونيكورن- unicorn» عادة رأس القائمة، يليه الحصان الطائر «بيغاسوس- Pegasus»، والرجل- الحصان «القنطور-  Centaur».. ثم يأتي دور التنين والرجل- المستذئب. فما هو السبب؟ وكيف تعاود الخيول الظهور مرارا في قصصنا ومخيلتنا، ولماذا تقدم نفسها بصورة جيدة جدا بحيث يجري منحها خصائص سحرية؟  
 
أدوار نجوميَّة
هل يعود السبب الى جمال الخيول، أم حجمها وقوتها وسرعتها؟ أم إن السبب هي تلك الخلطة المدهشة من الرقة والخطر المحتمل (بالتأكيد لا يريد أحد أن يركله حصان جافل أو يدوس على قدمه!!)؟ هل السبب أنه يمكن لهذا الحيوان بشكل معقول لعب مجموعة متنوعة من الأدوار في القصص (الدليل الحكيم، وسيلة النقل الاساسية، رمز الثراء والقوة، الصديق والرفيق، أو الخطر الذي يعدو باتجاهك..)؛ فقد لعب الحصان بالتأكيد العديد من الادوار في تاريخ الانسان. هل يتعلق الامر بأنه لأهمية الخيول في العديد من الحضارات ولحقب طويلة من تاريخنا؛ كانت لها أدوار نجومية في كم متنوع من القصص الفولوكلورية والاساطير والخرافات حول العالم؟ . هناك قصص عن الخيول من بلاد فارس وأوكرانيا وغامبيا وروسيا وأستراليا والتيبت واليونان.. وحتى اسكتلندا احيانا.. فهل هي الطرق الزاهية التي أضاف بها رواة القصص نتفا صغيرة من السحر الذي لا يُنسى الى الخيول: قرن حصان خيالي وأجنحة البيغاسوس، أو تحول الأشكال الغامض؟ وهل نحن جميعا مفتونون بصور تترك أثرا باقيا لتلك الاضافات السحرية في مخيلتنا؟ والواقع أن هناك علاقة متفردة بين الراكب والحصان واعتماد أحدهما على الآخر، ففي العديد من أساطير «الحصان والبطل» تكشف طريقة تعامل الفارس مع حصانه شخصيتي الطرفين، سواء كان الأول بطلا حقيقيا أم مدعيا. 
 
رمز الحرية
الحصان (خياليا كان أم حقيقيا ) يمكن أن يكون شخصية حقيقية ومتعددة الأوجه في القصة؛ وليس مجرد نقطة ضمن حبكة أو شيء سحري بسيط. والحصان عبر الروايات (حسبما يعلق بذاكرة الطفولة) قد يكون ناطقا، وليس مجرد وسيلة نقل أو سلاح أو شيء يُمتلك؛ بل شخصية لها أهداف ولحظات بطولة. ولعل المثال الأبلغ للخيول التي ظهرت ضمن سلسلة روايات «نارنيا» التي توازي الأبطال البشريين. فالخيول رمز قوي للحرية والهروب والسفر حول العالم. 
ومع أننا اليوم قد نستخدم الحافلات أو الدراجات؛ لكن الحصان القوي يعدُنا دوما بالمغامرة والحرية. تقول كاتبة المقال: «بالرغم من جميع الابحاث التي قمتُ بها عن تقاليد الخيول وأساطيرها، والوقت الذي قضيتهُ أناقش الخيول السحرية مع الاطفال؛ ما زلت لا أملك جوابا شافيا عن سبب حبنا للخيول السحرية.. ولعلها تعني شيئا مختلفا لكلٍ منّا.. لكنني واثقة أنني حالما أقول مصطلح «الحيوانات السحرية»، يقفز الحصان الى مخيلة الاطفال؛ بجميع أشكاله الاسطورية والخيالية والفولوكلورية. وأثق أيضا أنه مهما كان عدد الخيول السحرية في القصص التقليدية؛ يمكن للأطفال أن يأتوا بأفكار جديدة من مخيلتهم في القرن الحادي والعشرين؛ ويرسموا مغامراتهم المتفردة. ورغم أن الخيول الحقيقية لم تعد جزءا من حياتنا اليومية؛ لكن الخيول السحرية ستبقى نجوما في قصصنا لأجيال قادمة كثيرة». 
 
• لاري دون*- كاتبة قصص أطفال اسكتلندية، مؤلفة كتاب «حصان النار»، الذي جمعت فيه فولكلور الخيول وأساطيرها من حول العالم.