تشكل عمالة الاطفال قلقا متزايدا في العالم الذي يشير الى انتهاك صريح لحقوق الاطفال واستغلالهم في سنين مبكرة في سوق العمل بأعمال تفوق قدراتهم الجسدية والبدنية والصحية، وغالبا ماتكون شاقة وهذه الاعمال القاسية تؤثر على شخصيته اجتماعيا ونفسيا، وهي محظورة بموجب التشريعات في انحاء العالم، إلا أن الالتزام بهذه القوانين يبقى حبرا على الورق، وهذه الأعمال تحرمهم من التعليم والدراسة في المدارس وهو ما يتعارض وغيره مع المبادئ العامة لحقوق الطفل/ ميثاق الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يتضمن «شكل الاعتراف بالكرامة المتأصلة لجميع أعضاء الأسرة البشرية»، وتعاني أغلب الدول في العالم الكثير من مشكلات اقتصادية حادة، ويدفعها الوضع المعاشي السيئ الى تشغيل أطفالها القاصرين في اعمال شاقة وصعبة مقابل اجور زهيدة لا تتناسب مع جهودهم المبذولة، و «يعمل واحد من كل أربعة أطفال في العمل، ويعيش أكبر عدد منهم (29 بالمئة) في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. في عام 2017، شهدت أربع دول أفريقية (مالي وبنين وتشاد وغينيا بيساو) أكثر من 50 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 14 عامًا. وتمثل الزراعة في جميع أنحاء العالم الموطئ الأول لعمالة الأطفال، إذ توجد الغالبية العظمى من عمالة الأطفال في المناطق الريفية.
انكسارات نفسيَّة
أما في العالم العربي خصوصا الدول التي تواجه صعوبات تنموية تلجأ الأسر الى تشغيل اطفالها في مهن صعبة تنتهك براءتهم وتمنعهم من التوجه الى المدارس، وعوضا عن ذلك يتعلمون اللغة السوقية الجارحة، وغالبا ما يتعرض الاطفال الى اعتداءات من أرباب العمل ما يخلق لديهم انكسارات نفسية حادة تنمو وتؤثر على شخصيتهم في المستقبل، فيصبح الطفل انسانا مضطربا نفسيا ويصعب اندماجه في مجتمعه او حتى ناقما عليه.
وعمالة الاطفال لا تختلف كثيرا عن الدول الاخرى، فكثير من الأسر التي خسرت معيلها الاساس جراء الاعمال الارهابية والحوادث تضطر الى تشغيل اطفالها في اعمال لا تتفق مع اعمارهم الصغيرة مثل العتالة او دفع العربات او التقاط القناني الفارغة ومن ثم بيعها باسعار بخسة، وفي عتمة ازمة كورونا اثرت الازمة الصحية على اختلالات في سوق العمل وتأثرت الى حد كبير في المعيشة، والاطفال اول من تأثروا بالازمة الاقتصادية، ويواجه الاطفال الذين يعملون في جمع النفايات الى اضرار صحية بالغة جراء تماسهم المباشر مع كميات هائلة من المخلفات المتعفنة، ما يعني أن إصابتهم بالوباء محتملة ثم نقلها الى أسرهم الفقيرة التي يصعب عليها الحصول على مستلزمات الاجراءات الوقائية لا سيما وأنهم يعيشون في بيئات غير صحية تفتقر الى ابسط الشروط الصحية.
و«ركزت فعالية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال لعام 2020 على تأثير الأزمة على عمالة الأطفال. فجائحة (كوفيد – 19) الصحية وما تسببت به من صدمة اقتصادية من الممكن أن تدفع الملايين من الأطفال المستضعفين إلى سوق العمل».