الانتخابات الأميركيَّة بين الترقّب والخوف من النتائج

بانوراما 2020/10/11
...

مارك بارباك وجيني جارفي
ترجمة: بهاء سلمان
عندما يتطلع جيم جاكسون الى شهر تشرين الثاني المقبل، يصاب بحالة انكماش لما سيراه، الرئيس المهزوم ترامب يرفض مغادرة البيت الأبيض ويشن مناصروه حرباً لإبقائه هناك. «ستقوم الميليشيات والمتعصبون للعرق الأبيض بدعوة الناس الى السلاح، هذا هو كابوسي الأسوأ». هذا ما يراه جاكسون، 
73 عاماً، المقيم في ضواحي ميلوكي ذات النزعة المحافظة، والمصوت لصالح الجمهوريين منذ 52 عاماً، ما عدا ترامب.
تباين الأسباب
تشارك جينين ديفز قلق جاكسون، لكن لأسباب مختلفة، وبارتدائها لقبعة مكتوب عليها «لتبقى أميركا عظيمة»، تشير ديفز (عمرها 55 عاماً) والمؤيدة لترامب الى أن الديمقراطيين سيفعلون ما بوسعهم لانتخاب بايدن، ويثيرون أعمال الشغب في حالة الاخفاق، وسيكون الحال مثل الحرب بين المواطنين.
غالبا ما يقول المرشحون ان السباق الرئاسي هذه المرة هو الأهم على الاطلاق، وينادون الناخبين بالتصرف وكأن حياتهم معتمدة على الانتخابات وان مستقبل البلاد متعلّق بنتائجها، وتنوه عشرات الحوارات مع الناخبين الأميركان بأن الكثيرين يؤمنون بهذا الاتجاه هذه المرة.
وبتعرّضها لشدة جائحة كورونا، مثقلة بالصعوبات الاقتصادية وممزقة بتخندق حزبي لا هوادة فيه، تواجه أميركا انتخابات لم يسبق لها في العصر الحديث، تصويت يخيم عليه التهديد ومغلّف بجنون العظمة، يأتي الكثير منه عبر سيد المكتب البيضاوي الذي يتصرف بلا انقطاع باتجاه تقويض مصداقية النتائج.
«انه يسعى أساساً لإنجاح انقلاب رغم الصعوبات» بحسب فرانك دوديك، المتقاعد السبعيني، بعد الادلاء بصوته في مركز للاقتراع المبكر بولاية فيرجينيا، القريبة من العاصمة واشنطن.
ولدى بعض الناخبين قلق من العلاقات الاسرية المتوترة داخل المجتمع الأميركي، ويتوقع آخرون حصول تفكك لكامل البلاد؛ بينما يرى عدد كبير أن التهديدات والعنف سبيل منطقي لحل الخلافات الحزبية، تقول أليسون تراميل، 60 عاماً من قطاع الحماية الاجتماعية في ولاية اتلانتا المؤيدة لبايدن: «لدينا كل هذه الامور؛ من الجائحة والتظاهرات ومواجهة الاحتجاجات والسود بمواجهة البيض واليمين ضد اليسار؛ وكأن كل شيء تقريبا يتزامن بحالة من اللاتوازن، ولا توجد أرضية وسطية».
 
الخوف من القادم
الأكثر من هذا، العديد من الناس يتصرفون وفقاً لمخاوفهم، متوقعين جميع أنواع الفوضى، وصولا الى التمرّد المسلح، وهم يتدفقون بكثرة على محال بيع السلاح وميادين الرماية، ويخزنون الذخيرة استعدادا لظروف عصيبة لمرحلة ما بعد 
الانتخابات.
وكانت آشلي آفيس، ممرضة بعمر 36 عاماً، مع والدها تشتري ألواحا خشبية قوية لغلق نوافذ منزلها في حال حصول هيجان شعبي، كما تخطط لتأمين منافذ مياه اضافية، خشية خروج محطات المياه عن الخدمة، تقول آشلي المؤيدة لترامب: «نحن نتأمل الأفضل، ونستعد في الوقت نفسه للأسوأ».
وعبر الأرياف، وفي حيّ للطبقة العاملة شرقي لاس فيغاس، يقول مايكل مارتينيز 69 عاماً، العضو السابق بنقابة النجارين ومؤيد لبايدن، انه يفكر أيضاً بتخزين المزيد من الطعام والمياه «تحسباً لحصول أي خلل في أنظمتنا وتزوّدنا بالغذاء والحاجيات الأساسية الأخرى، فلن أعتمد على بعض الناس إذا ما خسر ترامب الانتخابات، فهذه هي الطريقة التي سيحاولون فيها تعطيل الاقتصاد، ومحاولة لإعاقة سير طريقة معيشتنا».
لا ينظر الجميع ليوم الانتخابات نظرة سلبية أو أنه يوم فجر نهاية العالم، بحسب وصف البعض، ويعلق ديف غوراسي 41 عاما، مالك متجر للألعاب المائية في مدينة سينسناتي، بأن الكلام عن هيجان واسع الانتشار ما هو الا أداة يوظفها الطرفان للحصول على تأييد: «ستكون هناك مشكلات بسيطة بمجرّد انتهاء الانتخابات، لأننا بعدها بإمكاننا العودة الى أوضاعنا 
الطبيعية». 
أما جاكي دود( 60 عاماً ) موظفة مصرفية من ولاية جورجيا ومؤيدة لترامب، فتعتقد أن الناس تنتابهم حالة اضطراب وإثارة خلال فترة الانتخابات، ويستبعدون حصول مزيد من التدهور للمناخ السياسي بعد الثالث من تشرين الثاني المقبل: «نمر الآن بحالة من العنف»، موجهة أصابعها الى المتنزه الأولمبي المغلق بجوار احد المقاهي خارج مكان عملها، اذ شهد تجمعات لمحتجين طوال الصيف بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطة مينيابولس.
 
سلوكيات مبررة
وبالحدة نفسها التي تقسم البلاد، توصل استبيان أجرته مجموعة دراسات الناخب الديمقراطي، وهي مجموعة خبراء عبر الطيف السياسي، الى أن الغالبية العظمى من الأميركان ينفون فرضية العنف ضمن النظام السياسي للولايات المتحدة.
ومع ذلك، قال 16 بالمئة من المستطلعة آراؤهم أواخر 2019 أن توظيف العنف لتطوير الأهداف السياسية سيكون مبررا على نحو ضئيل.
وكان الرقم قد وصل، بشكل متساو تقريبا بين الديمقراطيين والجمهوريين، الى 21 بالمئة حينما أتت الردود على سؤال حول إمكانية خسارة الانتخابات الحالية؛ وهذا يصل الى ملايين الأميركان الذين يتغاضون عن استخدام العنف، حتى في حال عدم مشاركتهم بشكل
شخصي.
عند الأخذ بنظر الاعتبار الاجواء الساخنة التي تشهدها البلاد، يساور القلق البعض ممن ينبذون العنف حول من يرغبون فيه.
يقول شاد ديلاسي، 43 عاما، مالك محل ملابس رجالية في ولاية ويسكونسن: «اذا أعيد انتخاب ترامب أو فاز بايدن، فمن يمكنه التنبؤ بما سيحصل لاحقا؟» وأشار ديلاسي الى بنايات وسط الحي التجاري لمدينته، كينوشا، وكأنه يحذر من تكرار ما حصل هنا خلال آب الماضي من هيجان شعبي أعقب اطلاق النار على جاكوب بليك، الرجل الأسود البشرة، من قبل رجل شرطة ابيض البشرة. 
ولدى الكثير ممن ينوون التصويت قلق من نزاهة الانتخابات وعدالة عمليتها، لتتقوّض ثقتهم بالنتائج؛ ويجد أنصار كلا الحزبين أسبابا للتشكيك بنزاهة الطرف الآخر، اذ تشير آراء البعض الى احتمال حصول تلاعب بصناديق الاقتراع، والتصويت بدلا من الغائبين، وغير ذلك من تصرفات تشوّه نزاهة الانتخابات.
 
* صحيفة واشنطن تايمز الأميركيَّة