الأسمدة.. معامل متوقفة وأخرى دمرها الإرهاب
ريبورتاج
2020/10/13
+A
-A
سها الشيخلي
عند زراعة المحاصيل وخاصة الفواكه والخضر، نحتاج الى عناصر غذائية اخرى علاوة على ما متوفر في التربة، لكي تنمو المحاصيل بطريقة صحية، لذا من الضروري تزويد التربة بعناصر غذائية وهي الأسمدة، ومنها العضوية او الطبيعية وسمادا اليوريا والداب، وكلها تخضع الى الدراية والمعرفة بآثارها، اضافة الى الأسمدة الكيمياوية التي لها تداعيات صحية على متناولي النبات ويكون اختيار السماد وفق جرعات تحددها نوع التربة.
أنواع الأسمدة
تحدث لـ"الصباح" المرشد الزراعي احمد علوان حيث قال: "تعد فضلات الحيوانات والطيور افضل انواع السماد والمسمى بـ(السماد العضوي) والذي يعد من افضل انواع الأسمدة المستخدمة منذ أن بدأت الزراعة في العراق، وهو ايضا مصدر جيد للنتروجين، اضافة الى معادن اخرى تحتاجها التربة، وهي اليوريا والداب، والتي تنفع النباتات على ان يكون الفلاح على دراية تامة بهذه الأسمدة قبل اعطائها للتربة، وهنا يبرز دور المرشد الزراعي، اما السماد الكيمياوي فهو مصنع لزيادة خصوبة التربة، ومن أنواعه النيتروجين والفوسفات والكالسيوم و الأسمدة المختلطة المحتوية على اكثر نوع من الأنواع المذكورة، وهناك الأسمدة الثانوية المحتوية على أغلب العناصر التي تحتاجها التربة، ومنها الكبريت والكالسيوم والمغنيسيوم، وعلى المزارع أن يكون على معرفة بكميات هذه الأسمدة، والا تسبب في تسمم التربة او نقص عناصرها الغذائية".
معامل معطلة
التقت "الصباح" الدكتور مهدي سهر الجبوري وكيل وزارة الزرعة، حيث حدثنا عن الأسمدة وقال: "المواد الداخلة بصناعة الأسمدة ومستلزماتها من اختصاص وزارة الصناعة والمعادن، مثل اسمدة اليوريا التي تكون من انتاج الشركة العامة الجنوبية للأسمدة في البصرة التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، اذ تعاقدنا معها على كل المنتج المحلي المتوفر لديها وقد تجاوزت تعاقداتنا مع الشركة في السنوات السابقة الى اكثر من 300 الف طن، ويجري تعاقدنا من خلال الشركة العامة للتجهيزات الزراعية".
مؤكدا "عدم وجود مشكلة بأسمدة اليوريا، ولكن لدينا مشكلة بأسمدة الداب، لكون معمل أسمدة الداب قد توقف بعد عام 2003، بعد أن كان ينتج في عكاشات، ولا يزال المعمل متوقفا حاليا، لذلك ليس لدينا منتج محلي، وعناصر مواد الداب موجودة منها الفوسفات الموجودة بكثرة في اراضينا خاصة في محافظة الانبار، وتعد الفوسفات كمادة أولية في هذا السماد، وبإمكان أي شركة تريد فرصة للاستثمار في مجال سماد الداب، وبالنسبة لنا سنتعاقد معها سواء كانت الشركة قطاعا حكوميا او قطاعا خاصا وبكامل المنتج المستخرج من اراضينا".
واضاف الجبوري "ان الوزارة تعطي للمزارعين السماد بدعم بنسبة 50 %، ووجدنا خلال عامي 2019 و2020 وفرة في الانتاج الزراعي وهذا ما شجعنا، وكانت لنا مشكلة مع وزارة الصناعة لانها لم تشغل كل مصانعها وخاصة معامل التعليب، فلو كانت قد شغلت المعامل التحويلية الى جانب معامل التعليب، لكان من الممكن ان تمتص الفائض الزراعي المنتج ولا يتلف".
تخدير
اقتضى الامر أن تكون"الصباح" على دراية موسعة في اي موضوع يكتب فيها، لذلك قمنا بالتواصل مع كل الجهات الرسمية وغير الرسمية لأخذ المعلومات والتصريحات من جميع الجوانب، لذلك قصدنا مديرية التجهيزات الزراعية المسؤولة عن منتوج الأسمدة للقاء مديرها، لكنه رفض حتى تحديد موعد للقاء، مع ترددنا المستمر للشركة ومقابلة مسؤول الاعلام فيها!
الأسباب والإرهاب
تحدث لـ"الصباح" الدكتور مهدي القيسي مستشار وزارة الزراعة وقال: "لدينا خطة توسع في الزارعة، لذلك فإن إنتاج وزارة الصناعة من سماد اليوريا لا يكفي لتغطية كامل الاحتياجات، فنلجأ احيانا الى الاستيراد مجبرين، ونتمنى افتتاح معمل ثان، لكن ظروف وزارة الصناعة غير مواتية بسب الضائقة المالية، ومشكلة سماد الداب ومعمله في عكاشات وتعرضه للتدمير في عام 2003، ثم جاء تدميرعصابات داعش الارهابية ليكمل على خرابه، وبالنسبة لنا فنحن بحاجة الى إعادة هذا المعمل، وسبق وان خاطبنا وزارة الصناعة، لكنها تحتكم تحت ظروفها الخاصة والتي لا نعرفها، الا اننا جهة مستفيدة فمتى ما يتوفر السماد فنحن مستعدون لاقامة عقد معها، كما عملنا مع معمل سماد اليوريا قبل ذلك".
تهريب
وعن فحص الأسمدة المستوردة أوضح القيسي "عندما نعلن المناقصة ستكون معلنة على موقع الوزارة ومحددة فيها المواصفات والشروط، ويجري فيها التقييس والسيطرة النوعية والفحص، وأكد أن التهريب يعد من الخروقات وهو مرفوض قانونا، ويجب أن يحاسب المهرب، فالمشكلة ليست بالسماد فقط بل بالاغراق السلعي للمنتج النباتي والحيواني، ومكافحة الجريمة الاقتصادية مشكورون وهم يبحثون عن هذه الظواهر، وبموجب القانون هم المخولون ونحن كوزارة، نرصد ونبلغ، اما اتساع التهريب فيحتاج الى قوة القانون وهذا مطلب جماهيري ووطني، وكل انتاجنا الوطني مرتبط بأمن الحدود، والسيطرة على المهرب بل وحتى على المستورد الذي يدخل المنتوجات بمواصفات غير المطلوبة، والتي يحددها التقييس والسيطرة النوعية، وكل هذا يؤثر على المنتج المحلي سعرا ونوعا ورواجا، وبالتالي اقتصاد البلد هو المتضرر".
نوعيَّةً لا كميَّة
وتحدث لـ"الصباح" الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة الدكتور حميد النايف عن الأسمدة فقال: "نحتاج الى نوعين من الأسمدة في الزراعة، الأول الداب مع البذور والحراثة، والنوع الثاني اليوريا، والوزارة في خططها الزراعية تهيئ هذه المستلزمات لاجل دعم القطاع الزراعي والفلاحين وفق الحصص، فمثلا نعطي اليوريا 60 كيلوغراما للحنطة، وكذلك سماد الداب، ولمحاصيل الشعير نعطي اقل مثلا 40 كيلوغراما، اي ان لكل محصول جرعة سمادية معينة ، ونوع الداب مستورد، والصناعة بدأت بخطوات لانتاجه ومنعت استيراده، ولكن انتاجهم حتى هذه الساعة لا يسد حاجتنا، بعكس سماد اليوريا فهو محلي ولدينا عقد مع الصناعة بـ600 الف طن نشتريها من مصانع البصرة الجنوبية، ولكن ما زاد عن هذه الكمية نشتريه من الخارج، والشراء تقوم به الشركة العامة للاجهزة الزراعية".
اما من جانب شراء الأسمدة اكد النايف "يجب ان يكون الشراء من شركات معتمدة رصينة ويتم فحصه" بل حتى اليوريا التي تتواجد معامله في البصرة يتم فحصه قبل الشراء، واذا وجدناه غير ملائم لا نأخذه، والزراعة أبلغت وزارة الصناعة بعدم شراء أسمدتها المنتجة، اذا كانت غير مطابقة للمواصفات، واذ كان الفلاح يحتاجها لا نشتريها منهم، فالذي يهمنا ان يكون السماد جيدا، ومطابقا للزراعة حتى يزيد الانتاج الزراعي" . أردف النايف "هناك تهريب للأسمدة من الخارج، وهي غير خاضعة للتقييس والسيطرة النوعية وفيها مضار كثيرة، وهناك جماعات خارجة عن القانون هي التي تقوم بمهمة التهريب، ولكن من واجبنا أن نحد منه، والسبب ان حدود العراق مفتوحة ما يسهل انتشار ظاهرة التهريب، من خلال منافذ حدودية عدة منها ما مسيطرعليه، ومنها بعيدة عن السيطرة".
آفة الاستيراد
الفلاح القادم من البصرة منتظر عباس (42عاماً) قال بحزن: "لماذا يوجد معمل واحد فقط لسماد اليوريا، فقد كان من الضروري ان تكون عدة معامل لتسد حاجة الفلاحين، صحيح أن وزارة الزراعة تعطينا سماد اليوريا بسعر مدعوم لكنه غير كاف، خصوصا لمناطق زراعية بمساحة كبيرة".
واضاف عباس " لماذا لا تقوم وزارة الصناعة باعادة معمل الداب في عكاشات؟، ما دامت مواده الأولية موجودة، ولماذا الاستيراد؟، هل هناك جهات تستفيد من الاستيراد وتضر باقتصاد بلدها؟ فنحن نستورد الأسمدة والمنتوجات الزراعية وكلها ممكن اعادتها، لكنها آفة الاستيراد!".