آية حسين
غادرت الشابة لمى حيدر أرض العراق متجهة الى تركيا، وهي في حالة من القلق والتوتر، بسبب قرب موعد بدء العام الدراسي وهي لم تكمل اجراءات الاقامة والسكن، لكن خوفها تلاشى تدريجياً بعد أن تعرفت على فتاة سورية مقيمة في تركيا، وتبادلت معها الحديث عن الاجراءات التي يجب عليها القيام بها، فأخبرتها بأن الاجراءات بسيطة جداً، ويمكن إكمالها خلال مدة قصيرة.
ومثله مثل الكثيرين من الأفراد الذين يحصلون على وظائف مرموقة في الدوائر والمؤسسات الحكومية والاهلية عن طريق المحسوبية، فحين يحرم أشخاص آخرون اكثر كفاءة لكونهم لايرتبطون بعلاقات مع نافذين في الدولة، فتغلق أبواب العمل أمامهم، وتتحطم آمالهم وأحلامهم في الحصول على وظيفة لائقة.
فهذا النظام ليس فقط في تركيا، بل في العديد من الدول التي تسمح لمواطنيها وللمقيمين فيها الانتقال من منزل إلى آخر بسهولة، أما في العراق، فالوضع مختلفاً تماماً، فعلى المواطن القيام بمجموعة من الاجراءات ومنها قانون الموافقة على نقل الاثاث، الذي يعد أحد القوانين الخاصة في العراق، بدأ العمل به في عام ٢٠٠٥، وينص على أن عملية نقل الاثاث بين مناطق العاصمة، وذلك في حال الانتقال من سكن لآخر، إذ يجب على الفرد مراجعة المجلس البلدي الخاص بالمنطقتين، إضافة إلى زيارة مقر قيادة عمليات بغداد، وذلك للحصول على الموافقة الأمنية، التي تستغرق وقتاً طويلاً، فضلاً عن الصعوبات الأخرى التي يواجهها اثناء التنقل.
مدة وجيزة
وتقول لمى حيدر (21عاما) والابتسامة تبدو على محياها: " لقد تمكنت من إكمال اجراءات السكن والاقامة خلال مدة وجيزة، ولم أواجه اي صعوبة في اختيار الاثاث لكون الشقة مؤثثة وجديدة، ولا تحتاج الى ترميم فسكنتُ فيها بشكل مباشر، وقد ساعدتني صديقتي في تقديم أوراقي الى الجامعة".
المحسوبيَّة
تتطلب عملية نقل الأثاث بين مناطق العاصمة، القيام بمجموعة من الاجراءات الصعبة والمعقدة، يقول محمد حسين (44 عاما): "استغرقت معاملة النقل وقتاً طويلاً، اضافة الى الجهد والمال، اذ قدمت سلسلة من الأوراق الرسمية المطلوبة، وبقيتُ انتقل في معاملة بين المجلس البلدي وقيادة عمليات بغداد ومقر فوج الشرطة والسيطرات الأمنية".
مبيناً "تمكنت واخيراً بعد مرور ثلاثة أشهر من اكمال معاملتي، بينما حصل زميلي على الموافقة في اسبوع، لكونه يعرف أحد المسؤولين في القيادة".
خيارات بديلة
إنَّ الحصول على الموافقة في نقل الاثاث ليس بالأمر السهل، وقد تستغرق وقتاً وجهداً ومالا، مما دفع بعض المواطنين الى القيام باختراع خيارات بديلة، يقول حيدر علي (36 عاماً): "أمهلني صاحب الدار اسبوعين فقط لترك المنزل، ولأن الاجراءات تستغرق وقتا طويلا و تحتاج الى المال، فاضطررتُ إلى نقل الاثاث بسيارتي الخاصة، على عدة مراحل لكي أتخلص من مسألة تصاريح القوات الأمنيَّة".
الصعوبات والمعوقات
تمنحك البيوت او الشقق المؤثثة فرصة الانتقال بسهولة ويسر وتساعدك في توفير الوقت و المال، لكن في العراق لا توجد الا على نطاق ضيق، يقول ياسر حسين : "عدت أنا وأسرتي الى العراق بعد بمرور مدة طويلة قضيناها في مصر، وقد واجهنا صعوبة بالغة في الحصول على شقة مؤثثة، لكون أكثر الشقق التي نذهب اليها نجدها خالية من الاثاث، وتحتاج الى ترميمات عديدة، فسكنت انا وأسرتي مع شقيقي في بيت واحد لحين اكمال التعديلات وشراء الاثاث، بعد أن كان الحصول على شقة مؤثثة في مصر بسهولة مطلقة".
اطمئنان وثقة
إنّ الغرض من القيام بمثل هذا الاجراءات، حتى يكون معرفا من قبل الجهات الأمنية وحاصلا على الموافقة الرسمية، لمنع تسلل العناصر المشبوهة وتنقلهم من مكان لآخر بنوايا شريرة بحجة نقل الاثاث، هذا ما وضحه النقيب علي محمد ليضيف بأن :"قانون نقل الاثاث يتم عن طريق استحصال موافقات عمليات بغداد اذا كان داخل بغداد، وموافقات مجالس المحافظة ودوائر البلديات اذا كان من المحافظات، اما اذا كانت المواد المنقولة بسيطة ومعروفة، ويكون هناك تقارب في المناطق المنقول منها واليها، فيحتاج المواطن الى تأييد من المجلس البلدي والمختار، حتى يتسنى للقوات الامنية الماسكة للقاطع او المنطقة، السماح له بالانتقال، اضافة الى جلب جميع المستمسكات الاصولية، وان كل هذه الاجراءات حتى يكون المواطن في موضع اطمئنان وثقة في منطقته الجديدة ".
مبيناً "أنه لا يمكن تحديد مدة اكتمال الموافقات، لكن كلما كانت المتطلبات من مستمسكات وتأييد اصولية، كانت مدة استحصال هذه الموافقة أقل وقتاً".