مالا يقال عن لويزغليك

الصفحة الاخيرة 2020/10/17
...

حسب الله يحيى
 وصفت الشاعرة الاميركية لويزغليك الفائزة بجائزة نوبل للاداب /2020 بانها شغوفة بالكتابة عن الاشياء التي لا تقال , وان الصمت عندها يبوح بعوالمها وعطائها
الابداعي .
ومن هذا الوصف , وبعد قراءة للمجموعة المختارة من قصائدها المترجمة الى العربية بعنوان (عجلة مشتعلة تمر فوقنا) ترجمة : سامر ابو هواش / دار الكلمة والجمل /2019 تبين لنا ان هذه الشاعرة تكتب بروح حية وهدوء تام وصمت ينشغل بالميثولوجيا والطبيعة .. فهل مثل هذه (المواصفات) تستحق هذه الجائزة العالمية 
المرموقة؟ 
اذا كانت لويز غليك قد حفزت لجنة التحكيم العالمية على منحها الجائزة على وفق تلك (المواصفات) ؛ فلماذا لا تحفز اللجنة على الانتباه الى الكثير من الظواهر العراقية التي تعكس صورة شعب يخرج من رماد الحروب والخراب والازمات الحادة التي تعصف به من كل الجوانب , ومع ذلك تراه شعباً يحب الحياة ويعيش الطبيعة ويتغنى بها ويسعى جاهداً لان يتعلم ما يجهل حتى يمهد لمستقبل 
جديد ؟
الم يكن هذا الشعب سباقاً للويز غليك وهو يعرف جيداً صفحات مرة ودامية وفجة عاشها بصمت بليغ وواقع خشن ومظاهر ناعمة .. وراى ان الصمت ملاذ الحكمة , وطريق الشعراء وهم ينسجون من الصمت ملاذا لهم ينطفئ بريقها ولم تخمد نيرانها .. ذلك ان تحت الرماد تشتعل جمرات الحرية , وحدائق الامل , واشراقة القادم من الايام 
السعيدة؟
الصمت العراقي , والطباع الناعمة , وكتمان مالايقال ؛ لا تعني كلها ان هذا الصمت وهذه الطباع وهذا الكتمان .. تحاصر العراقيين وتجعلهم في الموضع الخشن من المجهول الذي يحتم عليهم الخضوع والاستسلام والسكينة ف «هذا العائد من النسيان , عائد للعثور على صوت : ومن سويداء حياتي جاءت / نافورة عظيمة , ظلال زرقاء غامقة / على لازورد من مياه البحر» كما تقول لويز غليك .
ان المخبأ من الهموم والآلام , لم يكن محصورا في فرد أو جماعة بعينها ؛ وانما هناك عوامل ومؤثرات ومنغصات كذلك , يشترك فيها معظم الناس الذين يدركون جيداً ان لحياة القتامة التي تحاصر وجودنا اليوم , هناك حياة  اخرى تحمل معها نفحات وردية عطرة تنعش القلب وتنير الدرب وتملا الافق .. أملاً وسعادة وطمأنينة 
وسلاماً . 
إذن .. لويز غليك , ليست وحدها مكتشفة الصمت الضاج بالاصوات وهي تعلو وتصدح بالحياة الاكثر اشراقاً والابهى ضوءاً , والاغنى نقاء وزهواً وآمناَ . فما لم تقله لويز , 
سيقوله...