متقاعدون على قيد الانتظار والإنصاف
ريبورتاج
2020/10/20
+A
-A
علي غني
تضرر أكثر من مليون ونصف المليون شخص من تطبيق قانون التقاعد الجديد، الى جانب اعتراضات من جميع الفئات المشمولة فيه، ومن ضمنها الاطباء الذين يرون انهم اكثر المتضررين منه، لانه استهدف أصحاب الاختصاصات الذين ينقذون حياة المريض، وهنا تكمن المصيبة الكبرى، ونحن في زمن الوباء!. إذ إن الشرائح المسحوقة هي أول ما استهدفه القانون، وسط غياب قانون للتأمين الصحي ينصف الجميع، فهذا يعني أن الشرائح الفقيرة ستحرم من الاختصاصات الطبية المنقذة للحياة، بعد شمولها بقانون التقاعد الجديد، لعدم قدرتها على مراجعة العيادات الخاصة، ومن المؤكد أن أبناء المدن الفقيرة في بغداد والمحافظات، سيتعرضون لخطر الموت، لخلو المستشفيات من الاختصاصات التي تنقذ الحياة.
تسريح اجباري
تصدت لهذا القانون المجحف مؤسسة آفاق العدالة للدعم القانوني كاول مؤسسة، إذ اوضح رئيسها المحامي يحيى عبد المحسن الواجد المؤاخذات العديدة عن القانون الجديد، اذ قال: "توقعنا أن مجلسي النواب والوزراء قد اصدرا تشريعاً، وضعا فيه نفسيهما بورطة انسانية ومالية ومؤسساتية ما زالت من دون حل حتى الآن".
واضاف الواجد "ونحن كمؤسسة نعد هذا القرار الاسوأ على امتداد دورات المجلس، ولا نرى الاسباب الموجبة لهذا القانون، كتحسين الواقع المعاشي للمتقاعدين، والافادة من الدرجات الفائضة على الملاك، لكن هذا التشريع أدى الى تسريح 300 الف موظف، اذ انهم مسؤولون عما يقارب المليون ونصف المليون شخص لم يتسلموا رواتبهم حتى الآن، كما ادى ايضا الى تسريح ثلاثة مواليد دفعة واحدة اعقبتها دفعة رابعة، ما سبب ارباكا في دائرة التقاعد، ولايفوتنا أن نذكر تسريح 1500 من الاطباء المختصين وابعادهم عن سوح القتال ضد الوباء في ظروف انتشار الوباء، ونحن بامس الحاجة لهم".
مناشداً مجلس النواب الموقر بانصاف هذه الشريحة المهمة، وان "هذه الاعداد المليونية التي شملها التشريع اكثرهم لم يتسلموا رواتبهم حتى الان، ما سبب ارباكاً لاسرهم".
أمراض مزمنة
بينما بين رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين الحقوقي محمد نعمان الداودي الامين العام المساعد لاتحاد الحقوقيين العرب، "ان المتقاعدين عاشوا خلال السنوات الماضية قساوة الظروف الحياتية لقلة رواتبهم التقاعدية ولحاجاتهم العديدة، اذ يعاني اغلبهم من امراض مزمنة ومن اتساع متطلبات الحياة، كما لم تنصفهم قوانين التقاعد، ما اوجد حاجة ملحة لاجراء التعديلات عليها، ومنها قانون التقاعد الجديد الذي جاء هو الاخر مخيبا لآمالهم، ما جعلنا نقدم مقترحات وآراء بشأن تعديل القانون وتكريمهم باصدار القرار المناسب بحقهم، بدلا من تسريحهم بتلك الظروف الصعبة".
واضاف الداودي " وحتى ننصف المتقاعدين علينا تعديل القانون بالنسبة للسنة التراكمية وجعلها 3 % عن كل سنة، وان يكون الحد الادنى للراتب 600 الف دينار بدلا عن 400 الف دينار، وتضاف له مخصصات غلاء المعيشة والشهادة، اذ ان القانون شُرع على عجالة والقناعات التي تولدت بدأت تتغير، ولذلك جاء البعض من نصوصه بشكل مربك ومنها نص السن القانونية للجميع وبدون حساب ما تؤول اليه النتائج، اذ انعكس بشكل سلبي على مؤسسات الدولة، وبعض العناوين الوظيفية، كالأطباء واساتذة الجامعات والاختصاصات النادرة، الذين من الصعب تعويضهم بهذه السرعة، بالإضافة الى احالة اربعة مواليد وهي ( 57 ، 58 ، 59 ، 60 )، على التقاعد في آن واحد، ولهذا اربكت الوضع الاداري والمالي للدوائر التي احيلوا منها".
وتابع حديثه "فضلا عن الزخم الكبير الذي عانت منه هيئة التقاعد الوطنية، الى جانب توفير التخصيصات المالية لصرف مبالغ الاجازات المتراكمة، ومكافأة نهاية الخدمة ما دفع بالوزارات للمطالبة بإعادة النظر بشرط العمر من خلال تشريع ثانٍ على القانون، وهنا يجب أن ننتبه الى حالة مهمة، وهي عندما يقترب موعد احالة الموظف على التقاعد، تراه يفكر ويبدأ بمراجعة حساباته بما يتعلق بمتطلبات المعيشة اليومية، فهو يخسر اغلب مخصصاته مع الانتباه الى بقاء معاشات المتقاعدين على حالها لفترة تصل الى نصف عقد من السنين دون زيادة او علاوات، كما يجري مع الموظفين في طريقة منحهم العلاوة السنوية، يقابل ذلك الارتفاع المستمر للأسعار في الاسواق المحلية، وبالتالي تتآكل تلك الرواتب وتصبح غير ملبية لحاجات المتقاعدين واسرهم، ناهيك عن الحاجة الدائمة لشراء الادوية للعديد من الامراض المزمنة، نتيجة التقدم بالعمر وامراض الشيخوخة".
300 ألف موظف
واعود الى رئيس مؤسسة آفاق العدالة للدعم القانوني المحامي الواجد الذي أكد "ان القانون الذي شمل اكثر من 300 ألف موظف، شرع بعجالة، كما انه يتضمن مخالفات عديدة للدستور العراقي، خاصة المادة الرابعة عشرة، كما أن هذا التعديل احدث اضرارا كبيرة في مؤسسات الدولة، اذ فقدت ملاكات كبيرة". وافاد: "اما من الناحية الانسانية، فان هناك اجحافا بحق موظفي الدولة الابطال الذين خدموا البلاد في احلك الظروف بما فيها الحصار الجائر، كما الفت عناية المسؤولين في الدولة، بان هناك موظفين يسكنون في بيوت ودور ومجمعات سكنية تابعة للدولة، ويتحتم عليهم اخلاء هذه الدور من امر انفكاكهم، وهذا يعني انهم سيفتقدون حقا كانوا يتمتعون به سابقا". بينما يرى الدكتور منصور السوداني من الجامعة العراقية: "ان القانون انقص ثلاث سنوات من عمر المتقاعد" وحرمه من الامتيازات التي يتمتع بها اصلا، وهذه سابقة خطيرة، ونعتقد جازمين ان العمر التقاعدي للموظف في معظم دول العالم هو 63 سنة، فضلا عن تداخله مع قرارات اخرى، فعلى سبيل المثال تداخله مع قانون الخدمة الجامعية لسنة 2008، اذ عمل على اخراج عدد كبير من اساتذة الجامعة ، علما انهم منضوون تحت قانون خاص بهم ، وهو قانون الخدمة الجامعية".
افراغ المؤسسات
الناطق الرسمي باسم نقابة اطباء العراق الدكتور جاسم العزاوي،أكد لنا "ان اعتراض النقابة على القانون ليس لكونه يمس الاطباء، بل لانه سيؤدي الى افراغ المؤسسات الطبية من كبار الاطباء الذين يمثلون الخبرة والمهارة والعلم والتجربة، ماسيخلق مشكلة كبيرة في النظام الصحي في العراق، وذلك لعدم وجود البديل، لان تعيين الاطباء بنحو مركزي في العراق، وهو غير مشمول بشغور الوظائف، وذلك كون تعيينهم بحسب قانون التدرج الطبي".
واضاف "ان الاطباء المحالين على التقاعد ليسوا عاجزين عن العمل، بل هم اغصان مثمرة فعالة لها تأثيرها الوطني والعالمي الكبير، لان اغلب دول العالم المتطورة مازالتتشهدعلى قوة الطب في العراق باسماء هؤلاء الشخصيات التي احالها قانون التقاعد الجديد".
العودة
الحقوقي حسين عبد الامير العبادي أمين سر اتحاد الحقوقيين العراقيين، اوضح لنا موقف القانون من فقرة تغيير العمر في قانون التقاعد الموحد التي تتعلق بالاطباء،فقال : "يمكن لمجلس النواب العراقي تغيير أي فقرة من قانون التقاعد الجديد، في حال تغير الظروف أو وجود اسباب استدعت ذلك، وهذا مانص عليه النظام الداخلي للمجلس".
واضاف العبادي "مما تجدر الاشارة اليه، ان هناك نوعين من طرق عرض القوانين المطلوب تعديلها، الاول يكون عن طريق ارسال الحكومة ذلك القانون الى مجلس النواب لغرض اقراره، ويسمى مشروع القانون، والثاني عن طريق الطلب المقدم من قبل عشرة اعضاء من مجلس النواب او اكثر ويسمى مقترح قانون".
وتابع "الا ان قرارات المحكمة الاتحادية العليا، اكدت انه في حال وجود جنبة مالية في مقترح القانون المقدم من قبل اعضاء مجلس النواب، يجب أن يرد من الحكومة حصرا، وذلك لان الحكومة بشقيها (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء )هي المسؤولة عن وضع السياسة المالية للبلد، وبالتالي لايمكن تحميلها تبعات مالية من قبل مجلس النواب دون اخذ موافقتها مسبقا".
واوضح امين سر اتحاد الحقوقيين العراقيين" اما بخصوص قانون التقاعد الموحد الذي تم اقراره مؤخرا، فقد اتضح وجود بعض الملاحظات الخاصة بالزام الاطباء بالتقاعد بعمر 63سنة، لاسيما الاطباء المختصين اصحاب الخبرة والكفاءة العلمية، فيلاحظ انه يضر بالمواطنين والقطاع الصحي والطبي في بلدنا، اذ لايمكن تعويضهم شأنهم شأن الاختصاصات الاخرى، فعلى اصحاب القرار العودة الى القانون السابق، والذي يتيح لهم البقاء في الوظيفة الى عمر السبعين، وهو عمر مناسب لهم، خاصة انه لايؤدي الى زيادة الجنبة المالية، وبالتالي يمكن رفعه كمقترح قانون من قبل مجلس النواب، كونه لايتضمن جنبة مالية أو يرسل كمشروع قانون من قبل الحكومة الى مجلس النواب".
كلفة الاعادة أقل
ممثل رابطة الموظفين المحالين قسرا ستار البدران، كشف لنا عن حقائق لانعرفها ، ولم ينتبه لها من شرع قانون التقاعد الجديد، منها بأن الكلفة المالية لاعادة الموظفين للوظيفة أقل واسهل على خزينة الدولة من الاحالة على التقاعد، أما كيف؟ فبالاعادة يتسلم المتقاعد الرواتب للاشهر الماضية، وهي (10)اشهرفقط، بينما بالاحالة يتسلم (10) رواتب تقاعدية،مع الاجازات المتراكمة (6) اشهر، اضافة الى مكافأة نهاية الخدمة، وهي 12راتباً كلياً، وبذلك يكون المجموع (28) راتباً، وهذا يكلف الدولة مبالغ عالية، ونحن بامس الحاجة للمال".
واضاف البدران "ان الموظفين الذين احيلوا على التقاعد وتسلموا مستحقاتهم التقاعدية من رواتب ومكافأة نهاية الخدمة، اذا تم التعديل الثاني للقانون سيخيرون بالعودة طبعا شرط استرجاع ما تسلموا من اموال، وهناك عدة حلول، فليس هناك مشكلة بل هناك فائدة مالية للدولة".
واشار الى"ان مقترح التعديل الثاني للقانون مازال عند الحكومة منذ ثلاثة اسابيع، وكما ذكر لنا مقرر اللجنة المالية بمجلس النواب الدكتور احمد الصفار، ونحن ننتظر؟!
رفض للقرار
رابطة الموظفين المحالين قسرا اوضحت في بيان لها رفضها الشديد لصدور القرار، وتنفيذ المادة(1) من التعديل الاول لقانون التقاعد رقم26 لسنة2019 الصادر من مجلس النواب الموقر، والتي نصت ان "سن التقاعد هي 60سنة" وهي سن التقاعد الاجباري، ووصفت تنفيذ المادة (1) من هذا القانون على الموظفين من المواليد الاربعة (57،58،59،60) بصورة مفاجئة بأنه اجراء تعسفي وقسري وغير منصف ويقوض العدالة والمساواة بين الموظفين.