الثقافة الشعبيَّة .. الذاكرة والتدوين

ثقافة 2019/01/14
...

هناء العبودي
ضيّفت منصّة إبداع إحدى منصات بغداد مدينة الإبداع الأدبي – اليونسكو الأستاذ الدكتور علي حدّاد في حواريّة تحت عنوان (الثقافة الشعبية بين الذاكرة والتدوين) في كتابه (جمر أخضر)، أدار الجلسة دكتور سعد التميمي . بدءاً تحدث الدكتور علي حدّاد عن كتابه (جمر أخضر... قراءة في الادب الشعبي العراقي)، الحائز على جائزة الإبداع لعام 2017، والذي يعد دراسة نقدية في الأدب الشعبي العراقي نثرا ونظما .
فقد قسم الدكتور كتابه الى أبواب ثلاث, ولكل باب مبحث, ولكل مبحث فصول, والفصل الاول من المبحث الاول المعنون (قوت الشعب الثقافي) رحلة في معاني ودلالات مصطلحات (الادب الشعبي) و (التراث الشعبي) و(الثقافة الشعبية) و(الفولكلور)، فضلا عن أهم ما يمتاز  به هذا الادب وكيف استوعب تصنيف ديوي العشري له, اما الثاني من فصوله فهو دراسة في طليعة الكتاب والأدباء الذين سلطوا الضوء على الادب الشعبي في تاريخ العراق الحديث مثل الكرملي ومصطفى جواد والخليلي وغيرهم. اما الباب الثاني فعنوانه الشعر الشعبي, وكان فصله الاول بعنوان الترنم بحنجرة أخرى, وهي في معاناة ترجمة الشعر الشعبي, وكانت قصيدة (المجرشة) الشهيرة أنموذجا لهذه الدراسة, في حين اختصَّ الفصل الثاني بابداعات المرأة العراقية في عالم الشعر, وكان ختام هذا الباب دراسة في شعر عريان السيد خلف. بدأ الباب الثالث بعنوان هو السرد الشعبي وكان فصله الأول عن الأب الكرملي وما كتبه عن مساهمة المرأة العراقية في هذا الادب كما في كتابيه (ديوان التفناف) و (مزارات بغداد) وغير ذلك من مؤلفاته, وكان الفصل الثاني دراسة في الادب الذي اتخذ من الحيوان بطلا للحكايات, وأسباب ذلك, اما الفصل الأخير وهو الثالث فقد تناول تكيّفات الآراء في اللهجة الشعبية من خلال أنموذج لها، وبيان المؤثرات التي تميزها عن غيرها. وأخيرا الخاتمة التي تؤكّد أن الأدب الشعبي هو خلاصة لتاريخ المجتمع وارهاصاته التي يعبّر فيه عن آماله وتطلعاته .
بعدها عرج على إشكالية المصطلح فتارة يطلق عليه الأدب الشعبي ، والتراث الشعبي والفلكلور تارة اخرى ، فالقضية لها بعدان ، فعلى الصعيد العالمي ومحاولة تعريبه ، فمصطلح التراث الشعبي ضل سائدا لقرون طويلة ، والسائد الآن مصطلح الثقافة الشعبية فهي اكثر عمقا وأعم شملاً لأن الفلكلور يتناول نمطا محددا من الجهد الإنساني له أسس ، فالثقافة الشعبية لابد لها من أساسيات تقوم عليها ، فلا يمكن أن يكون الأدب ادباً شعبيا ما لم يتسم بمواصفات ومنها العراقة والقدم ، اضافة الى عوامل اخرى منها لهجة المكان وأبن المكان بمعنى بيئة المكان فلهجة ابن الموصل تختلف عن لهجة ابن الجنوب ولهجة ابن بغداد على سبيل المثال.
وايضا اكد حداد عن عدم وضوح المنهج في الثقافة الشعبية فهي تعاني من الأهمال وتعتمد على الشفاهية وخير سبيل الى المحافظة على تلك الهوية الشعبية هي الإنتقال من الشفاهي الى التوثيقي ومن ثم الدراسة ، فالثقافة الشعبية لفظٌ دائم .
ومن المعروف ان العراق بلد الحضارات يمتلك من الحضارة والثقافة ما لا يمتلكه بلد آخر فمثلا دراسة السياب للأبوذية ترجع بأصولها الى العصر البابلي ، كذلك رفة العين ، ورش الماء خلف المسافر والكثير من المسميات والحكايات والعادات اصلها شعبي قديم ، وان الكثير من الكلمات التي نتداولها في حياتنا اليومية اصلها تركي او فارسي وان لم يكن كذلك فهي كلمات عراقية اصيلة ، واشار الدكتور علي حداد في العراق لا يوجد مركز دراسات ولا درس اكاديمي متخصص تحت ضل الآكاديمية التربوية ، وان الكثير من الآراء تدعو الى اهمال الثقافة الشعبية حفاظا على اللغة العربية الفصيحة. وهذا صراع بين اللغة واللهجة . فكل مماحكة بين الزمان والمكان هي ثقافة شعبية .مع ان اغلب الثقافة الشعبية مدونة على يد كبار علماء اللغة والموروث مثل دكتور عناد غزوان وحسين محفوظ وحسين امين فكلهم كتبوا عن الثقافة الشعبية . الا انهم لم يستطيعوا كسر حاجز المؤسسة الأكاديمية . اما من ناحية عنوان الكتاب (جمر أخضر) لأن الجمر جذوة لا تنطفيء وهذا ما يعني به ثقافتنا الشعبية العراقية الاصيلة ، وأخضر بمعنى لون الأرض . وقد حضر الجلسة جمع غفير من المثقفين والادباء والمختصين بالشأن الثقافي اثروا الجلسة بالمداخلات والتساؤلات والاقتراحات المجدية لتطوير تلك الثقافة  الجميلة.