شر البلية!

الصفحة الاخيرة 2020/10/30
...

حسن العاني 
بعد وصول الإنسان الى القمر، ثبت بوجه علمي ونهائي أنَّ الأرض كروية، ومن سمات هذا الشكل، أنه لا يعرف الاستقرار، فهو دائم الدوران والحركة.. كذلك هي حياتنا على هذا الكوكب، نشاط وحركة وعوالم تولد وعوالم تندثر وحرب وسلام وحقد وحب، ولكنها بالنتيجة تتقدم الى الأمام حتى وإنْ تراجعت في بعض الأحيان الى الوراء، ولكنها لا تلبث أنْ تعاود تقدمها، وتلك هي سنة التطور التي تقف وراءها قوانين الطبيعة ومواهب الإنسان وقدراته العقلية وطموحاته التي لا تعرف التوقف.
العلماء والمكتشفون والعباقرة والمبدعون، هم سادة التقدم وعناوين التطور.. حياتهم لهاث وتعب وأسرار وخبايا وصمت، ولكنهم في النهاية يكشفون عن (أوراقهم) فاذا بها تثير العجب وتبهر العقل وكأنها فعلٌ من أفعال السحر الحلال، فهذه ورقة في الطب والجراحة والتخدير والجينات الوراثيَّة، وهذه في خفايا القمر والمريخ والفلك والثقوب السود والكون، وتلك ورقة ثالثة تغوص في أعماق الأرض والجاذبيَّة والبحار والمحيطات، ورابعة في علوم الكيمياء والفيزياء والهندسة والرياضيات والحواسيب والانترنت والزراعة النسيجية.. وقل مثل ذلك في الآداب والفنون والعقل الباطن والنفس البشرية و.. وما شاء الله لابن آدم من علم وعلوم نقلته من العدم الى الوجود ومن الكهف الى قصر شعشوع ومن الصحراء الى المنطقة الخضراء..
وعلى الدوام هناك (غث وسمين)، أما النتيجة فمحسومة سلفاً، ما ينفع الناس يمكث في الأرض، أما الزبد فيذهب جفاءً، ومع أنَّ العالم كما تقول الإحصاءات الرقميَّة، يقدم في كل 6 دقائق نظريَّة جديدة أو اختراعاً أو اكتشافاً أو يطور مخترعاً قديماً، ولكن الإنسان لم ينس حظه في البحث عن أسباب المتعة والترفيه و(الفرفشة) والترويح عن النفس حتى لا تصدأ وتصيبها الكآبة وتتوقف عن العطاء، ومن هنا فقد ابتكر البشر منذ بدء الخليقة ما لا يحصى ولا يعد من وسائل الإمتاع واللعب والتسلية، وستتواصل هذه الابتكارات وتبقى الى أنْ يرث الله الأرض وما عليها ومن عليها.
قاموس دينيس طافح وما زال يطفح بالعجائب والغرائب من وسائل التسرية والتسلية والضحك، وربما كان قرار طبيب النفس الهندي (مادان كاتريا) واحداً من أظرفها عندما أعلن نيته قبل سنوات قليلة تأسيس جامعة للضحك، وقد سبق لهذا الطبيب اللذيذ أنْ قام في العام (1995) بتأسيس أول نادٍ للضحك، حظي بإقبالٍ واسعٍ، ودفع بعض البلدان الى تقليده.. وجدير بالذكر أنَّ (مادان) يعتقد عن تجربة بأنَّ الاستمرار في الضحك يؤدي الى تحسنٍ كبيرٍ في الصحة، ولكنَّ الغريب أننا في العراق نضحك منذ ولدتنا أمهاتنا ولم تتحسن أوضاعنا الصحية ولا الأمنية ولا المعيشيَّة.. فهل كنا نفعل ذلك على طريقة القول المأثور: شر البلية ما يضحك؟!