الرواتب والثروة الوطنيَّة

الصفحة الاخيرة 2020/11/01
...

علي السعد
حديث الرواتب سيظل مفتوحاً، لأنه يرتبط بحاجات الناس ومصالحهم ومعيشتهم، والكل سيضع مبرراته أمامه، الحكومة والبرلمان، وكذلك الناس، ومابين اولئك وهؤلاء ستبدو المشكلة مثيرة للجدل والسجال والبحث عن حلول ليست وقتية، بل دائمة حتى لا تتكرر مع كل بداية أو نهاية للشهر، وحتى لا يفقد الناس ثقتهم بالديمقراطية والسياسة والدولة.
الأسئلة الحادة في هذا الأمر تتعلق بغياب الشفافية، وربما بغياب حقيقة ما يجري، فهل نحن حقا نعاني من هذه المديونيات الضخمة؟ والى اين تذهب الايرادات الكبيرة التي تأتي من هنا أو هناك؟ وهل ستظل الرواتب رهينة بسعر النفط المتذبذب وبالقروض الداخلية والخارجية؟
هذه الاسئلة لها تأثير نفسي في الناس، وفي حياتهم، ومن حقهم أن يطرحوها، وأن يبحثوا عن حلول ناجعة لها، فما يجري منذ أشهر لم يعد مقبولا، ولا مشروعا، فالعراق النفطي فقد كثيرا من تصنيفه كدولة غنية، وما عاد الناس ينظرون له على أنه صاحب الكنوز الخفية، سوى من يراه من الخارج، اذ ان التوصيف العام بأن النفط هو خرينة عائمة، وان جيوب اصحاب النفط تحتفظ بملايين الدولارات، ولهم القدّح المعلى في المطارات والشوارع والمحافل الاخرى، لكن التغافل عن أن ثروة النفط تحتاج الى ادارة فاعلة، سيكون سببا في ضياعها وعشوائيتها، لأن الإدارة قوة حقيقية لجعل هذه الثروة مصدرا لصناعة ثروات أخرى، اذ يجب تطوير حلقات الاستثمار، وتعظيم الموارد، وايجاد مساحات واسعة للصناعة الوطنية ولدعم قطاعات اخرى، وترصين البنى التحتية للمجتمع، ومنها التعليم والصحة والمعرفة والخدمات والعمران، فبدون ذلك سنكون قريبين من هموم الشاعر الذي قال: كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول..
العودة الى حديث الرواتب قرينة بالحديث عن الثروة والظمأ اليها، فالبحث عن معالجات وحلول حقيقية سيكون هو الدافع الحقيقي لمواجهة هذه الأزمة التي باتت فاضحة، وغير انسانية، وتتطلب جهداً وطنياً واسعاً، لمعالجة تداعياتها الآنية والمستقبليَّة.