السير هارولد إيفانز.. أيقونة الصحفيين النزيهين

بانوراما 2020/11/01
...

  آدم بولتون
  ترجمة: شيماء ميران
يعد السير (هارولد إيفانز) من ابرز رؤساء تحرير الصحف طوال القرن الماضي، وربما كان منافسه الوحيد في ذلك هو (بن برادلي) رئيس التحرير السابق لجريدة واشنطن بوست الأميركية. وكان هاري، الاسم الذي يناديه به الجميع سواء كانوا يعرفونه ام لا، له تأثير ملموس في مهنة صناعة الاخبار في جميع انحاء العالم.
عمل في تحرير جريدة» صنداي تايمز» خلال الفترة المضطربة للسنوات ما بين 1983- 1967، إذ خاض معارك قانونية لضمان نشر مواضيع تكشف عن الخلل في منشأ دواء ثاليدومايد، وكانت كتاباته عن العميل (كيم فيلبي) والحرب الفيتنامية وملاحظات شركة كروسمان من بين القصص الكثيرة الاخرى التي أدت الى تغييرات جذرية في تصوراتنا وتصرفاتنا أيضا أحيانا.
هارولد إيفانز ابن لعامل في سكك الحديد من شمال إنكلترا، وكان من رواد جيل ما بعد الحرب، إذ استطاع اختراق الحواجز الطبقية وتحويل بريطانيا خلال عقد الستينيات الى اكثر الأماكن تحولا وإثارة في العالم.
كان لدى هاري (هكذا يناديه محبوه)، والذي توفي مؤخرا إثر نوبة قلبية في نيويورك عن عمر 92 سنة، جرأة وتفان في الحصول على القصة بسرعة ودقة قدر الإمكان، لأنه كان يدرك أن الأمر سينتهي به غالبا الى الدفاع عنها في المحكمة. كما إهتم بما ستبدو عليه الاخبار، وما زالت كتبه عن تصميم الجريدة والتصوير الفوتوغرافي تمثل أنموذجا للعمل حتى يومنا هذا، كما إنه حوّل جريدة الصنداي تايمز الى أول جريدة متعددة الاقسام، فضلا عن ابتكاره مجلة صنداي تايمز الملونة.
شهدت جريدته تنافس أعمال المصورين الفوتوغرافيين أمثال (دون مكولين) و(توني سنودون) مع كلمات كُتّاب مثل (نيكولاس تومالين) و(دنيس بوتير). والى جانب الاخبار القاسية، طور هاري ملامح واستهلاك الصحافة بضمنها التفكير بجدية بما كان الناس يشاهدونه على شاشات التلفاز.شارك بنفسه في كتابة مجموعة (تعلمنا التزلج- We Learnt to Ski) التي تعرضت للكثير من السخرية آنذاك، لكنها اثبتت أن الاشياء التي اعتبرت كمالية ذات يوم كانت تتحرك في متناول العديد من الاشخاص الاعتياديين، وقد وصفه أحد اصدقائه، وهو الكاتب (روبرت هاريس) بانه ليبرالي غير سياسي، أراد تحدي السلطة والسياسيين.
 
أيقونة في عالم الصحافة
لقد كانت جريدة الصنداي تايمز محاصرة بخلافات مع نقابات الطباعة، مثل بقية الصحف في شارع فليت ستريت (حيث تقع معظم مكاتب الصحف البريطانية الكبرى). وبعد ان اشترى (روبرت مردوخ) جريدة الصنداي تايمز ومجلة التايمز في العام 1981 قام بتعيين إيفانز محررا للتايمز، ولأن مردوخ كان مالكا صارما، لم يكن من المرجح ان يستمر الاثنان معا لفترة طويلة، خصوصا فترة ذروة عهد رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر. 
بعد ذلك، انتقل هاري خلال العام 1984 الى الولايات المتحدة الاميركية، واصبح مواطنا اميركيا في نهاية المطاف، وكان قد تزوج قبلها ببضع سنوات من زوجته الثانية الصحفية البريطانية (تينا براون)، والتي واصلت اصدار مجلتي «فانيتي فير» و»نيويوركر».
كانت مهنته في الولايات المتحدة مزدهرة، إذ عمل محررا ورئيس مؤسسة صحفية وكاتبا رئيسيا لكتب التاريخ، وشكّل مع زوجته تينا، أحد الثنائيات القوية في نيويورك، ورُزق بطفلين من تينا وثلاثة آخرين من زواجه الاول بـ (أنيد). 
وقال هاريس بأنه تعرف على هاري خلال العقود الاخيرة من حياته، إذ كان ودودا قويا، ولا يترك أية متعلقات سائبة، وما أدهشني فضوله الثاقب وحبه للمعلومة، وهذه الصفات كانت متناغمة مع انسانيته واحساسه العالي بالعدالة.
لقد كان هاري انموذجا وأيقونة يُحتذى بها من قبل جميع الصحفيين الصادقين الذين جاءوا من بعده.
 
عن سكاي نيوز