أعلن «دونالد ترامب» خلافاً للحقيقة أنه قد حقق نصراً وتعهد بالتوجه الى المحكمة العليا لإيقاف العملية الانتخابية لعام 2020، الأمر الذي أكد مخاوف بعض الأميركيين من انه قد يحاول تقويض العملية
الديمقراطية.
ترى إذن ماذا سيحدث إذا ما مني الرئيس بالخسارة ثم رفض مغادرة البيت الأبيض؟
هذه ليست أول مرة يبرز فيها السؤال كشأن يهم الأمة، فكلما لوح احد الرؤساء بأنه لن يتقبل نتائج الانتخابات ما لم تأت في صالحه انطلقت وسائل الإعلام تستطلع الحدود والقيود الدستورية، التي يمكن أن يواجهها ذلك الرئيس في حالة اعتراضه على مغادرة المكتب البيضاوي.
تحسباً لهذا أعد نائب الرئيس السابق «جو بايدن» جيشه من المحامين وخبراء الدستور لمواجهة التحديات القانونية التي سيثيرها الرئيس في أي مجال، من تمديد الاقتراع عبر البريد بسبب وباء كورونا الى حالات تزوير الاصوات المزعوم التي ادعاها ترامب بدون دليل
مقنع.
أما بايدن فقد أكد ان المسؤولين الفيدراليين سوف «يصطحبون ترامب الى خارج البيت الأبيض بوفد كبير إذا ما خسر الانتخابات» على حد
تعبيره.
في يوم الجمعة الماضي حقق المنافس الديمقراطي لأول مرة تقدماً على ترامب في ولايتي بنسلفانيا وجورجيا المتنازع عليهما، وقد وضعه هذا على عتبة الفوز بالبيت الأبيض.
بعد اغلاق صناديق الاقتراع بثلاثة ايام كان بايدن قد حقق تقدماً بواقع 253 مقابل 214 من مقاعد الكلية الانتخابية، وكان ذلك على اساس الاقتراع لكل ولاية على حدة، وهذه هي التي ستحدد الفائز وفقاً لرأي معظم شبكات التلفزيون الاخبارية.
لعل اشد ما يثير القلق بشأن تهديدات الرئيس بعدم التنازل امام نتائج الانتخابات هو الافتقار الى واقعة سابقة لمثل هذا السيناريو.
الانتقال السلمي للسلطة كان دائماً الاساس الراسخ والارضية بالنسبة للمجتمع الأميركي.
لقد كانت هناك أمثلة في الماضي لتنازعات بشأن الانتخابات، ولكن القرارات المتعلقة بالتخلي أو الرفض تكون قد اتخذت مسبقاً وقبل مواجهة الموقف بوقت
طويل.
في مناسبات سابقة من تاريخ الولايات المتحدة، وحين كان يقع تجاذب بين المتنافسين على منصب الرئاسة، كان الخطاب الهادئ هو الذي يعلو لصالح الانتقال السلمي للسلطة.
ففي العام 1960 تخلى «ريتشارد نكسون» لـ»جون أف كندي» وسط اتهامات عديدة بوجود تلاعب لصالح الديمقراطيين، كما تقبل نائب الرئيس «آل غور» قرار المحمة العليا بفوز «جورج بوش» في انتخابات العام 2000 رغم وجود شبهات ملحوظة بخصوص نزاهة النتائج في ولاية
فلوريدا.
يعتقد البروفسور «بول كورك» استاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البريطانية أن هذا الأمر سيضع جهات فرض القانون في موقف محرج.
يقول كورك: «في مرحلة ما سنجد أننا نقف عند نقطة مفترق، ويكون السؤال: من هو الطرف الذي سيتوجب على سلطات فرض القانون إطاعة أوامره؟ لأن الأمور في هذه الحالة لابد ان تفضي الى استخدام قوة الفرض في هذا الاتجاه
او ذاك.»
لا يورد الدستور الأميركي بياناً لكيفية ازاحة الرئيس الخاسر في الانتخابات إذا ما رفض تسليم السلطة لخصمه، لذا يصعب الجزم بما إذا كان لدى احد الاستعداد والرغبة في ارسال عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي «أف بي آي» او من قوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية، أو اية وكالة اخرى من مؤسسات فرض القانون، لاقتحام الجناح الغربي واعتقال الرئيس «دونالد ترامب» في حالة
هزيمته.
لا يعتقد «جوشوا ساندمان»، وهو استاذ في العلوم السياسية من جامعة «نيوهيفن»، أن ترامب سوف يرفض مغادرة المنصب عقب الانتخابات لأن ذلك سيشوه إرثه كرئيس.
مع هذا يعتقد ساندمان ان الضغط المكثف من جانب الكونغرس والقوى السياسية سوف يجبر ترامب على مغادرة منصبه بلا تلكؤ.
يقول ساندمان: «سيكون خط الدفاع الأول هو الكونغرس وضغط حزبه عليه لجعله يتخلى، سوف يخير ما بين الاستقالة والتخلي.
اما في حالة اصراره على البقاء في البيت الأبيض فسوف يبقى فيه، ولكنه ليس بحاجة لهذا من الناحية النظرية، لأن البيت الأبيض مجرد قيمة رمزية وليس مقراً للسلطة
بالضرورة».
يخلص ساندمان مستدركاً الى ان كل ما قيل ويقال هو من قبيل التكهنات وقصص الخيال العلمي، يقول ان هذا كله يقع في باب
«الافتراض».
بيد ان «روس بيكر»، وهو خبير سياسي أميركي من جامعة «روتغرز»، وضع من خلال مقابلة اجريت معه في العام 2019 تكهنات مزعجة لما يمكن ان يحدث إذا ما خسر ترامب إعادة الانتخاب بفارق ضيق للغاية.
وفق هذا السيناريو يتخيل بيكر أن يخرج الفائز في الانتخابات الشعبية بفارق يقل عن واحد بالمئة في التصويت الشعبي، مع تقارب شديد في عدد مقاعد الكلية الانتخابية.