المُتَلقي التلفزيوني الجديد

الصفحة الاخيرة 2020/11/11
...

قبل غزو شبكة الانترنت العنكبوتية بمواقعها وبرامجها الكثيرة، كانت المقالات والكتابات النقدية المنشورة في الصحف اليومية الورقية، وسيلة التعبير الرئيسة بل الوحيدة، والتي من خلالها كان يمكن إيصال الرأي والحكم النقدي المتخصص إلى الجمهور العام عما يُعرض على شاشة التلفزيون من أفلام وأعمال درامية وبرامج ومواد تلفزيونية، لكن كثرة أعداد القنوات التلفزيونية الفضائية مع مرور الايام، وخزن المواد التلفزيونية والسينمائية على موقع الـ( يوتيوب) وإتاحتها للمشاهدة طوال ساعات اليوم مع نشاط الصفحات الشخصية، والمجاميع( الكَروبات) في مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة (الفيسبوك)، أتاحتْ تحرير وإصدار الجريدة الالكترونية اليومية بطبعاتها المتجددة على مدار الساعة، والتي يقوم الجمهور الالكتروني العام بتحريرها بواسطة الآراء الشخصية ووجهات النظر والردود والتعليقات والمنشورات وعلامات الإعجاب، مع ما يدعمها من مقاطع الفيديو والصور، وقد أصبحتْ هذه الجريدة الالكترونية تكوّن ما يُعرف في الإعلام التقليدي بـ (الرأي العام).
وما يزيد من أهمية وخطورة هذا الرأي العام المصنوع بواسطة ما أُسميه بـ( الإعلام الاجتماعي)، أن متلقي المواد التلفزيونية عبر الفضائيات المتعددة لم يعدْ ذلك المتفرج القديم الجالس في بيته أو على أريكة المقهى الشعبي والمندهش بـ(صندوق الدنيا)، الذي لا رأي له ولا قول إزاء ما يعرض أمامَهُ على شاشة التلفزيون.
وبالمحصلة النهائية أصبح لدينا متلقٍ تلفزيوني جديد  متفاعل، لا يكتفي بالمشاهدة، ويميل الى إبداء ملاحظاته ونشر انتقاداته، وأصبح صاحب رأي ووجهة نظر منشورة ومؤثرة في المشهد التلفزيوني، بعد أن تمكَّن من الحصول على ميزة (النشر الالكتروني)، رغم ما تنطوي عليه آراؤه  من عيوب وأخطاء غير مسؤولة.