أوروبــا ترحــب بانتصــار بايــدن

بانوراما 2020/11/21
...

ستيفن ايرلانغر
 ترجمة: خالد قاسم
رحب الحلفاء بالرئيس الأميركي المنتخب جوزيف بايدن، الذي يراهم حلفاء وليسوا منافسين، لكن مع الاستقطاب الداخلي الشديد وامكانية فوز الجمهوريين بمجلس الشيوخ يشعر الأوروبيون بالقلق أيضا.
كان جوزيف بايدن رومانسيا قديما عابرا للأطلسي، ضمن حملة دونالد ترامب “أميركا أولاً”، لذلك تشعر أوروبا بالراحة لوجود صديق متعاطف معهم داخل البيت الأبيض، من المرجح أن يميل موقفه للدعم والنصح أكثر من التوبيخ والاهانة.
يقول السفير الفرنسي السابق في واشنطن “جيرار آراو”: “ كل زعيم أوروبي كانت له تجربة حوار مروع مع الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب”، في اشارة الى المستشارة الألمانية ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة، ويضيف: “لقد أهان ترامب أنجيلا ميركل وتيريزا ماي وهاجمهما، كان الأمر غريبا وقد انتهى”.
لكن هناك حذرا بين القادة الأوروبيين بشأن ما سيطلبه جو بايدن منهم، خصوصا مع معرفتهم أنه قد يكون رئيسا لفترة انتخابية واحدة وصعوبة انهاء الموجة الشعبوية التي حركها ترامب.
يقول المحلل الفرنسي دومينيك مويسي: “علينا ألا نقلل من أهمية الشعور بالراحة وعدم المبالغة بالاحساس، بتغيير الأمور كثيرا”. من المؤكد عودة الأمور الى الكياسة، لأن بايدن يخطط للانضمام مجددا الى معاهدة باريس للبيئة والبقاء ضمن منظمة الصحة العالمية، وقد قدم كلمات دافئة عن الناتو والحلفاء، وعلى الأرجح إنه سيبدأ زيارات مبكرة الى ألمانيا وربما بروكسل، بحسب قول محللين مقربين من حملة 
بايدن. 
وهم يتوقعون قلة المواجهات بشأن التجارة وتخفيض الرسوم الجمركية وجهودا مبكرة لخلق نوع من “القمة العالمية عن الديمقراطية” وخصوصا بوجه صعود الصين، التي ترعى رأسماليتها الحكومية، إضافة الى موقف أكثر توحيدا ضد روسيا.
يذكر “ديفيد أوسوليفان” سفير الاتحاد الأوروبي السابق لدى واشنطن أنه يتطلع لتجديد القيادة الأميركية، وإن لم يكن يأمل الخروج من هيمنة الماضي، فعلى الأقل “انتظار دور أميركا كدولة التئام للمبادرات والمؤسسات متعددة الأطراف.”
 
حذر أوروبي
غير أن العالم تغير، وكذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة، حيث كان فوز جو بايدن ضيقا نسبيا، بمعنى أنه لا يمثل رفضا واضحا لسياسات ترامب بعد انهيار الثقة بواشنطن، ويعتقد عدد من الدبلوماسيين والخبراء الأوروبيين أن السياسة الخارجية الأميركية لم تعد متعلقة بالحزبين الرئيسين ولا يمكن الوثوق بها. فهذا كليمنت بيون الوزير الفرنسي المسؤول عن أوروبا والمقرب من الرئيس ايمانويل ماكرون، يذكر في تغريدة له: “من الخطأ الاعتقاد أن كل شيء يتغير، وأوروبا، قبل كل شيء، يجب أن تعتمد على نفسها”.
تعد الحاجة لمزيد من الاستقلال الأوروبي، وروح المبادرة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، رسالة كررها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لسنوات، مع أن جهوده لكسب ود ترامب لم تنجح. 
وكان من الممكن تسارع ذلك الاتجاه إذا ما فاز ترامب، لكن كثيرين على غرار ناتالي توتشي مستشارة مسؤول الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل فونتيليس يحذرون من أن رئاسة بايدن “ستهدد بعودة أوروبا الى منطقة الأمان الخاصة بها، فالرئيس الجديد ينظر له كوسيلة مريحة للصق رؤوسنا بالرمال، لكن علينا ادراك أن الخيارات الصعبة والمؤلمة التي قدمها ترامب لنا ستبقى بلا تغيير”.
ربما يشوب الرسالة الفرنسية تردد، وقد لا تنجح داخل أوروبا المنقسمة، إذ ترى ميركل إن حلف الناتو والعلاقة مع واشنطن مسألة حيوية للمصالح القومية الألمانية. وتنوي ألمانيا بالفعل عرض “مقترحات ثابتة على بايدن عن كيفية توحيد الصفوف مجتمعا عابرا للأطلسي”، وعن الصين والمناخ ووباء (كوفيد-  19)، بحسبما ذكره وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس.
لم يظهر ماس اذا كانت تلك المقترحات قد طرحت بالتنسيق مع باريس أو بروكسل. ومن المرجح أن تأمل برلين سماح بايدن باستمرار انبوب الغاز الروسي “نورد ستريم 2” الذي قارب مرحلة الاكتمال، رغم استمرار الكونغرس في محاولة ايقافه من خلال عقوبات ثانوية.
يبدو أن أوروبا منقسمة أيضا بشأن ترامب، اذ لم تكن الدول الأقل ليبرالية في وسط أوروبا، وخصوصا بولندا وهنغاريا ممتنة فحسب للقوات الأميركية الموجودة على أراضيها، بل مؤيدة قوية لسياسات ترامب ايضا. وقد نشر رئيس وزراء سلوفينيا “يانيز يانشا” تغريدة سابقة لأوانها ومثيرة للسخرية؛ يهنئ فيها ترامب على إعادة انتخابه.
بالنسبة لدول الناتو، لن تكون هناك حاجة لاخفاء القرارات أو الاتفاق مسبقا على البيانات، كما فعلوا مع ترامب، لأن بايدن لن يهدد بمغادرة الحلف مثلما فعل ترامب، ولن ينظر الرئيس الجديد للحلف على أنه تجمع للاستحقاقات. وقد عبّر بايدن عن عدم تقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو نظيره التركي رجب طيب 
اردوغان.