هواية تربية الحيوانات.. هوس وتجارة واهتمام

ريبورتاج 2020/11/28
...

    سرور العلي 

وجد رمضان هادي أن هوسه بتربية الحيوانات وحبه لها، قد تحولا للتفكير بمشاريع استثمارية، إذ ينطلق منذ ساعات الصباح الأولى إلى محميته، التي أسسها لتربية الحيوانات النادرة، كالنعام والغزلان بعد أن ورث قطعة ارض من والده، فبدأ بتربية العجول ثم قام بتربية الدواجن، وبمساعدة أخيه الأكبر مكتسبا الخبرة من خلال سفره للدول الأخرى، وإطلاعه على المشاريع، التي تعود على أصحابها بالنفع والربح الوفير، موضحا "كما أسست محمية للغزلان النادرة تضم أربعة وعشرين غزالا، أطمح لتوسيع المحمية لتضم أصنافا أخرى من الحيوانات النادرة". 
ويزود هادي جميع محافظات العراق بمنتجاته، إذ يصدر في اليوم الواحد أكثر من عشرين ألف دجاجة، ويدير المحمية عدد من العمال، ما أسهم في الحد من البطالة في مدينته ديالى، وتضم المحمية غزلان فلوريد والماعز الأفغاني والنعام، وبعد الزيارات العديدة، التي قام بها السكان وبدوا إعجابهم بحيواناتها، والتقاط الكثير من الصور ومقاطع الفيديو معها، وصل صداها لوزير الزراعة المهندس محمد كريم الخفاجي، الذي زار المحمية واطلع على تفاصيلها وظروف نشأتها، وأضاف"وعدني وزير الزراعة بالدعم الكامل، وتسخير جميع الإمكانيات لاستمرار نجاح مشروعي".
 
استثمار
ولا يختلف عطا قادر عن هادي في استثمار هوايته وشغفه بالحيوانات ورعايتها، إذ أصبح من متابع لقنوات ناشونال جيوغرافيك إلى تاجرا للنعام، حيث تعرف من خلال تلك القنوات على هذا الطائر، إذ قام بافتتاح مزرعة خاصة به، لاسيما أنه يسكن شمال العراق، الذي يصلح على حد قوله لتربيته مؤكدا"امتلك في مزرعتي النعام الأفريقية المميزة بسرعة النمو وزيادة الوزن، وطولها يتراوح بين مترين ومترين ونصف، ولحمها لذيذ جدا ومعالج للكثير من الأمراض، يصل سعر الكيلو الواحد منه ثمانين ألف، كما أنه مشروع ناجح ومربح". 
هروب من الوحدة
لجأ اسامة محمد (32) عاما، إلى تربية القطط قبل عام، بعد أن قرر العيش بمفرده في شقة مستقلة عن أسرته فيقول مبتسما"الوحدة دفعتني لتربية فكانت خير رفيقات لي، ففي بداية الأمر اقتنيت قطة واحدة، ثم بدأت اعتني بكل قطة مشردة في الشوارعـ فأقوم بإطعامها وتقديم الرعاية لها".
أما الشابة سارة مازن فورثت حب الحيوانات الأليفة من أسرتها، فكان والدها يربي الكلاب وأشقاؤها مولعين بالصقور والطيور الجارحة، فقامت بتربية قطة منذ أن كان عمرها 14 عاما، أطلقت عليها اسم لولي، مضيفة"أصبحت تلك القطة صديقتي المقربة فتحنو علي وتقترب مني، عندما أكون مكتئبة أو أبكي، وأشعر بأنها تفهمني فهي، كالطفل الصغير أحيانا، مصاحبة الحيوانات أفضل من بعض البشر".
ويتذكر فراس مناف (33) عاما، موقفا مؤثرا قائلا:" قبل أشهر شاهدت كلبا ينزف وقد صدمته سيارة، ربما على أحد الطرق السريعة، فاضطررت للنزول من سيارتي، وأخذته للعلاج ومنذ ذلك اليوم أصبح رفيقي الوفي".
ويرى إسماعيل دواي (50) عاما، صاحب محل لبيع الحيوانات الأليفة " أن الاعتناء بها يكسر حاجز الملل والوحدة، ويوفر المرح والسعادة وقضاء وقت ممتع برفقتها، مضيفا" يأتيني الشباب وكبار السن لشرائها، وتحظى الكلاب والقطط بنسبة مبيعات مرتفعة، أما الصغار فيفضلون أحواض أسماك الزينة والطيور الملونة، وأصبح الإقبال على شراء الحيوانات الأليفة واسعا بعد جائحة كورونا، لقضاء معظم الوقت في الحجر المنزلي".
تعتقد الموظفة حلا نعمان أن هوس تربية الحيوانات أصبح موضة رائجة، يدل على حياة الرفاهية والغنى، أم البعض يتخذها هواية كتربية العصافير.
 
الذكاء والوفاء
ويفضل كثيرون تربية القطط لتمتعها بذكاء مقارب لذكاء البشر، والكلاب لشهرتها بين الجميع بالوفاء.
ولم تجد نورس حمزة (35) عاما، غير القطة تسد الفراغ الذي يتركه زوجها بعد سفره خارج البلاد للعمل، ولبعد المسافة عن أهلها، إذ تقول"اعتبرها كأحد أفراد أسرتي، لحبي وتعلقي بها، وأخشى عليها من كل مكروه، لذا كلما أصابها شيء أهرع بها إلى الطبيب البيطري".
واتخذت الأرملة أم أنس (67) عاما، الطيور والكلاب والقطط والأرانب ملجأ من وحدتها بعد استشهاد ولديها، وهجرة ابنتها مع زوجها إلى ألمانيا، وتحدثت بصوت مؤلم"تجاوزت الفراق والذكريات المريرة بهذه الكائنات اللطيفة رحمة بها، ولتمنحني الدفء والعطف الذي فقدتهما".
ولفت سيف حمدان، صاحب محل لبيع الكلاب إلى"أنه يجب على كل من يرغب باقتناء حيوان أليف بمنزله، معرفة جميع التفاصيل المتعلقة به، حول تربيته ورعايته والعناية به، ومعرفة أوقات إطعامه وتنظيفه، والخروج به لنزهة، وتجهيزه بالمستلزمات ،التي يحتاجها كأواني الطعام والشراب، ومكان لقضاء حاجته، وإبعاده عن مواقع الخطر كالكهرباء والحرارة، والمبيدات السامة والمطهرات، والأدوات الحادة كالسكاكين وشفرات الحلاقة والمقص والدبابيس، والأدوية ومواد التجميل".
واستدرك حمدان"يفضل تخصيص مكان جديد لكل حيوان قادم بعيدا عن الحيوانات القديمة، ليتعرفوا على بعضهم البعض تدريجيا، ومعرفة كيفية حملها والتعامل معها بلطف، وقراءة الكتب الخاصة بتربيتها، وأخذها بشكل دوري للطبيب البيطري، للتأكد على خلوها من الأمراض المعدية وتعقيمها".
ولفت الحاج ماجد عبد الرحيم، صاحب محل لبيع القطط، إلى أن تربية الحيوانات من الأمور الإنسانية، التي تشيع البهجة والألفة بين أفراد الأسرة، وتخفف من حالات الاكتئاب، وتعزز لديهم روابط التواصل والمحبة، فتعود عليهم بالنفع مع الحرص على الاهتمام بها، وتسهم في تعزيز المهارات الحياتية للطفل داخل المنزل، بتعلمه النظافة كون الحيوان بحاجة إلى نظافة مستمرة، وتزرع بداخله بذور الرحمة والرأفة، وتحد من التوحد وتنمي لديه الشعور بالمسؤولية اتجاه الآخرين.
 
خيول وأفاعٍ
يمتلك عباس حسين (43) عاما، ثلاثة خيول أصيلة سوداء لامعة يهتم برعايتها في إسطبل مزرعة والده في مدينة ميسان، ويحدثنا حسين بحماس وهو يداعب ذيل أحدهم"أسعى لامتلاك المزيد من الخيول لولعي بهم، وللمشاركة في السباقات".
ولم يتوقع محمد رياض من محافظة الديوانية أن 
يحتفظ بكائنات زاحفة زاحفة بعد بعد حصوله على الماجستير من كلية العلوم قسم البيئة، والعمل على تربيتها في أقفاص آمنة داخل منزله، وعن ذلك قال"خلال دراستي وبحثي عنها، اكتشفت أن محافظة الديوانية تحتوي على ستة أنواع من الأفاعي أغلبها ليست سامة، والسامة أكثر تأثيرها يكون على الحيوانات الصغيرة مثل الفئران والأرانب والقطط، بعد ما أنجزت البحث وحصلت على درجة الامتياز، أحببت تربيتها بسبب تعلقي بها، معظم الناس تربي الكناري والبلبل لكن أنا ولعت بتربية الأفاعي".
وتنتمي أكثر الثعابين العراقية إلى عائلة Colubridae ومن أهمها العرابيد، وثعابين المياه التي تحتوي على أنياب خلفية، وأنواع تنتمي إلى عائلة Boidae من دون أنياب وتعتمد على خنق فريستها، ونوع ينتمي لعائلة Viperidae وهو النوع الوحيد السام المتواجد في آل بدير وغماس في الديوانية.
 
أمراض وعدوى
تسبب بعض الحيوانات الأمراض المعدية، ومنها القطط التي تحمل طفيلي "التوكسوبلازما"، الذي ينتقل الى البشر نتيجة تناول القطط الطيور والحيوانات الصغيرة، والبعوض ومختلف الديدان التي تحمل هذا الطفيلي وتنقله للإنسان، عبر برازها على شكل كيس بويضة، وتؤدي الاصابة به بالعمى وتلف الدماغ والعين والإعاقة العقلية، وتنتقل العدوى بعدة طرق ومنها، ابتلاع البيوض الطفيلية وذلك بعدم غسل اليدين بعد التنظيف وملامسة البيوض المصابة، أو عن طريق ابتلاع البيوض المتكيسة في التربة بسبب تناول الخضراوات والفواكه الملوثة بها، وعدم غسلها وتطهيرها جيدا وتناول لحوم ملوثة.
يشير الطبيب كريم حازم:"تسبب القطط الحساسية عن طريق ملامسة الجلد، والتلوث بلعابها أو بولها أو شعرها، الذي تتركه في الفراش والأغطية، وتظهر أعراضها كالطفح الجلدي، والحكة والتورم في الأغشية المخاطية، كالأنف والعين، وضيق التنفس والسعال والإصابة بالربو، أما الطفيليات التي تصيب الأم الحامل تنتقل إلى الجنين مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة عليه". 
وترفض أحلام جلال، أم لأربع بنات تواجد القطط في بيتها على الرغم من توسلات بناتها، مصرة على خوفها من إصابتهن بالعقم مستقبلا حسب ما سمعت.