زينب صاحب
دائماً ما تتهرب حواء من إجابة الآخرين عن عمرها الحقيقي ولا يفرق ذلك، إن كانت عزباء أو متزوجة، فالأنوثة واحدة وهي إرضاء رغبتهن الداخلية للظهور بصورة مثالية، سواء أصغر عمراً او أكبر، ولعدة أسباب منها نفسية وأخرى اجتماعية.
الزواج والمجتمع
إنَّ تأخر المرأة عن الزواج بعد سن الثلاثين عاماً هو أكثر ما يدفعها إلى الكذب بشأن عمرها وذلك بسبب نظرة المجتمع لها وكأنها أجرمت، خصوصاً في المجتمعات الشرقية، التي قولبت كل شيء، ووضعت له إطارا وعمرا محددين، يعد شاذاً كل من خرج عنهما، ندى محمد التي تفوق(الأربعين عاماً) ما زالت تغالط نفسها والناس وتقول إنها ثلاثينية، على أمل أن تعثر على زوج، حيث قالت والحزن يبدو على ملامحها التي كستها بعض التجاعيد حول العينين والفم: «أشعر بالضيق من بعض التعليقات السلبية، لو أفصحت عن عمري الحقيقي».
وقد شاطرتها الرأي نفسه المواطنة انتصار هادي عزباء تعدت عمر(الخمسين)، ومع أنها تخلت عن فكرة الارتباط، إلا أنها ما زالت تخادع الناس بشأن عمرها وتدعي أنها أربعينية وقد عبّرت عن ذلك قائلة: «لا أريد سماع كلمة عانس».
خصوصية
هناك من يعدون سؤال (كم عمرك؟) من الأسئلة الخاصة التي لا يحق للآخرين طرحها، فالمواطنة عائشة أحمد تترك الاجابة مبهمة، لكل من يريد معرفة عمرها من خلال طرحها عليه سؤال (كم تتوقع؟) ليبقى المقابل يخمن صعوداً ونزولاً، دون الوصول الى الرقم الحقيقي وقد قالت: «لا أحب ان أجيب عن شيء ان لم أكن أرغب بذلك».
بينما عبرت أم عبدالله عن امتعاضها من هذا السؤال وأعدته من الخصوصية ايضاً، فهي تكبر زوجها بسنوات، ولا تحب أن يعرف أحد بذلك وتساءلت وملامحها محتدمة: «لمَ يهتم الآخرون لمعرفة أعمارنا؟».
عمليات تجميلية
تجري بعض النساء جراحات التجميل وتُقبل أخريات على التزين المبالغ فيه، لتخفي ملامحها الحقيقة وتخفي معها عمرها، ويأتي أحد بكل بساطة، يطرح سؤاله النمطي عن عمرها، من دون أية معرفة منه بما يثيره ذلك السؤال عند الكثير منهن، سهى محمود خضعت لأكثر من عشر عمليات حقن وتجميل ونحت بمجرد عبورها سن (25) لاعتقادها انها ستوقف ملامحها عن التقدم بالعمر بذلك، وان سُئلت عن عمرها دائماً ما ترد بالمزاح كطريقة للتهرب من الأجابة الحقيقية، وتقول بعد تنهيدة تطلقها «سأحارب علامات الكِبر قبل ظهورها».
وعلى العكس منها تجيب الشابة أية مظفر على السؤال ذاته لتعطي عمراً أكبر من سنها الواقعي، اذ هذا ما تلجأ اليه بعض المراهقات فغالباً ما يرغبن تكبير أعمارهن، ليشعرن بأنهن نساء ناضجات يمارسن ما تمارسه النساء، وقد بدأت أية تتحسس من مُداعبة أهلها والمقربين وتعاملهم معها كطفلة، لذا لجأت الى أعطاء عمر أكبر، حتى ترضي رغبتها النفسية، حيث قالت: «أنزعج كثيراً من ذلك التعامل، فأهلي لم يستوعبوا بعد بأني قد كبرت».
أين المشكلة؟
تشابهت آراء بعض النسوة واختلفن بذلك عن غيرهن، فالأختان زينة وزهراء وواحدة من صديقات طفولتهن لا يرن مشكلة في الأفصاح عن اعمارهن الحقيقية، فقد قالت زهراء خضير (٤٠ عاما) «التقدم بالعمر سنة بشرية وهذه حالة طبيعية لايمكن انكارها».
وأيدتها بذلك صديقتها عهود بدري (36 عاما)، فهي ايضاً تجيب عن السؤال بكل بساطة ورحابة صدر، ولم تخضع لأية عملية تجميلة ولا تستخدم مستحضرات العناية بالبشرة، بل انها تفتخر بظهور علامات التقدم بالعمر، واصفة ذلك تأريخ حياتها وانجازتها، وقد قالت: «لا داعي للمغالطة او النفور من هذا السؤال، فحياتنا واحدة نعيشها لمرة واحدة، لن نعمر للأبد إن أدعينا صغر السن».
تغيير الهويَّة
قامت المواطنة وسن علي بتغيير تأريخ ميلادها في هوية الأحوال المدنية، كمحاولة منها لتصغير سنها، بعد أن تعدت الـ(35 عاما) لتقوم بخداع والدة العريس، الذي يريد التقدم اليها بعد أن أخبرها أن أمه لا تقبل ان يرتبط بفتاة فوق سن (28 عاماً) وقد قالت وسن: « يا الهي لمَ المرأة عدوة نظيرتها بالجنس، فما ضير والدته ان كنت عشرينية ام ثلاثينية؟».
الإجابة
بعد ان سمعنا آراء النساء المختلفة صار لا بد من الحصول على اجابة لهذا اللغز، لذلك حدثنا الباحث النفسي علي الغريب عن ذلك قائلاً: «بالرغم من تأثير الأسرة في نمط تفكير الفتاة بشأن تعاملها مع موضوع العمر، إلا أن هذا التأثير في النهاية يأتي من محيط أوسع وهو المجتمع، حيث فرضت العادات السائدة فيه بخصوص المرأة معايير عدة، ومنها معيار السن، حيث يجد أن تقدمها بالعمر يفقدها الكثير من قيمتها وأنوثتها كإمرأة، وبهذا يكون المجتمع والعادات والتقاليد وراء لغز المرأة والعمر».