قاسم موزان
القصص التي يرويها ذوو الاحتياجات الخاصة كثيرة ومؤلمة الى الحزن الكثيف، خصوصا الذين يعانون من التذمر والشكوى والانكار داخل أسرهم، والنظرة القاصرة ووصفهم بنعوت معيبة بحقهم من المجتمع، فمنهم من انتابه الاحباط من وجوده او تدهور حالته النفسية في عتمة الاهمال المقصود احيانا، آخرون انتصروا على عوقهم بارادتهم الصلبة ولم يقف العوق البدني عائقا امام اصرارهم في اختيار الاعمال المناسبة التي تناسب قدراتهم ، كما اشارت الاديبة والرسامة ايسر البياتي الى أنه ليس من الضروري، ان تكون الأسرة الداعم الرئيس للمعاق لإثبات نفسه وشخصيته وصنع مستقبله، وانما الاصرار من قبله الذي يجعله يصنع الابداع والاعتماد على النفس، الا ان التشجيع يبقى عاملا مهما لتحقيق امنياته، لافتة الى تجربتها مع أسرتها وتؤكد أن الشخص المعاق، قد يعيش الغربة والوحدة مع نفسه، حينما يهمل من أهله، ولأنها تحب الرسم والابداع، فقد وجدت ذاتها في أن تتحدى العوق وتصبح رسامة وتعبر عن معاناتها من خلال قصائد شعرية.
آثار ومعاناة
وقالت د. نهى عبدالله الباحثة والمتخصصة في العلوم النفسية: إن هناك آثارا عدة تترتب عن وجود شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الاسرة، منها ماهو نفسي كالشعور بالحزن والاحباط، الذي يصيب الوالدين، فضلا عن الى الانكار وعدم االقبول ، ومنها ماهو اجتماعي، اذ يجد الوالدان صعوبة في ابلاغ الأسرة الكبيرة او المجتمع بوجود معاق لديهم، كما قد يصيبهم الاحراج عند اصحابهم في المناسبات، التي تتطلب حضورهم ومشاركتهم فيها، وهناك اثر اقتصادي ايضا، اذ إن الشخص المعاق بحاجة الى رعاية خاصة ومستلزمات وعلاجات تختلف عن بقية افراد الاسرة، كما قد يستوجب تسجيله في معهد او مركز رعاية خاص بمثل حالته، وعليه تزداد صرفيات الاسرة المادية، نتيجة وجود طفل غير سوي لديها، كما يؤثر وجوده في بقية الاخوة، اذ قد يسخط احدهم عليه نتيجة قلة الفهم والوعي، وقد يشعر الآخر بالخجل من وجود اخ كهذا لديه، وقد يشعر احدهم بالغيرة منه نتيجة اهتمام الوالدين الزائد به وايلائه عناية و رعاية خاصة، قد لا يحظى غيره بها، وقد يتذمر احد الابناء ويسقط غضبه على المعاق عند طلب الوالدين اصطحابه للحمام او البقاء معه في حالة غياب الوالدين او انشغالهم بعمل ما.
اهتمام وعطف
طالبة الدكتوراه هبة مجيد سبوت أوضحت "تتراوح نظرة الأسرة و المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة ما بين العطف والشكوى والتذمر، و قد يعود ذلك إلى اختلاف المستوى المعرفي للأسرة، فالأسر التي تتميز بمستوى ثقافي عالٍ، غالبا ما تنظر اليهم بنظرة عطف واهتمام ورعايتهم وادخالهم مدارس متخصصة بهم ومتابعتهم، في حين أن الأسر ذات المستوى العلمي البسيط أو الأمي تنظر بنظرة تذمر، وإضافة إلى ذلك لا يقدمون أي اهتمام لأبنائهم من ذوي الاحتياجات، لا بل أن بعض الأسر تخجل من ابنائها من ذوي الاحتياجات وتنظر اليهم كما لو انهم عبء ثقيل، إضافة إلى ذلك ما تعاني منهُ الأسر منذ ولادة طفلهم من ذوي الاحتياجات من نظرة المجتمع اليهِ، التي تتميز بكونها نظرة عطف أو اساءة وتذمر، حيث يعاني الأشخاص من ذوي الاحتياجات في المجتمع من الاستبعاد و التهميش في الكثير من الجوانب، الى الحد الذي ترفض فيهِ بعض الأسر تقبل زواج ابنهم او ابنتهم من شخص معاق، ونظرة الأسرة والمجتمع التي تتسم بالتذمر والاستبعاد، تركت الكثير من الآثار على أصحاب ذوي الاحتياجات، منها الآثار النفسية ( كالعزلة، و الاضطرابات النفسية، و الهستيريا )، والآثار الاجتماعية ( كالاستبعاد الاجتماعي، والوصم الاجتماعي)، واخيراً فإن العمل على تعزيز النظرة نحو ذوي الاحتياجات يتطلب العمل في الجانب الأسري والمجتمعي .