نصف النباتات العالمية تواجه خطر الانقراض

بانوراما 2020/12/13
...

  داميان كارينجتون
  ترجمة: شيماء ميران
أشار أحد التقارير الدولية الى أن اثنين من كل خمسة اصناف نباتية في العالم يواجهان خطر الانقراض نتيجة دمار البيئة الطبيعية، ورغم ان النباتات والفطريات تدعمان الحياة على الارض، لكن العلماء اكدوا أنهم اليوم في سباق مع الزمن، من اجل العثور على هذه الأصناف وتحديدها قبل فقدانها.
وأوضحوا ان هذه الاصناف غير المعروفة والتي سُجل الكثير منها بالفعل بمثابة كنز، لكنها لم تُستغل في الطعام والادوية والوقود الحيوي، وكان بإمكانها معالجة العديد من اكبر المخاطر التي تهدد الانسانية، ومن بينها علاج فيروس كورونا والميكروبات الوبائية الأخرى.
فقد تم اكتشاف اكثر من أربعة آلاف صنف من النباتات والفطريات خلال العام 2019، تضمنت ستة اصناف من الثوم في اوروبا والصين، من عائلة البصليات ذاتها، وعشرة اصناف من عائلة السبانغ في كاليفورنيا، وصنفين بريين من عائلة الكاسافا (البفرة)، والتي قد تساعد على حماية مستقبل المحاصيل الغذائية، والتي تُطعم نحو 800 مليون انسان، من الأزمة المناخية.
وشملت النباتات الطبية الجديدة نبات الإيلكس البحري في تكساس، والذي يمكن لعائلته معالجة الالتهابات، ونبات الشيح المضاد للملاريا في منطقة التبت، وثلاثة انواع من الروزماري المسائي.
وقال البروفيسور (الكسندر انتونيلي) أحد علماء هيئة الحدائق النباتية الملكية في بريطانيا، التي اشرفت على التقرير، الذي ضمَّ 210 علماء من 42 دولة: «لن نكون قادرين على البقاء بلا نباتات وفطريات، وقد حان الوقت فعلا لفتح صندوق الكنز، فكل مرة نفقد فيها صنفا ما، نُضيّع فرصة البشرية. ونخسر سباقنا مع الزمن، لأننا قد نفقد أصنافا بنحو اسرع من اكتشافنا لها وتسميتها». وقد كشفت الامم المتحدة مؤخرا ان حكومات العالم فشلت في تحقيق هدف واحد للحد من خسائر التنوع البيولوجي في العقد الماضي.
 
أسباب الضياع
اعتمد الباحثون في تقييمهم على نسبة الاصناف المهددة بالإنقراض ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، لكن ما تم تقييمه هو مجموعة صغيرة فقط من 350 الف صنف نباتي معروف، لذلك استخدم العلماء تقنيات إحصائية لتنظيم التحيزات في البيانات، مثل نقص العمل الميداني في بعض المناطق.
كما استخدموا الذكاء الاصطناعي لتقييم مساحات غير معروفة. تقول (ايمير نيك لوغادا) كبيرة الباحثين في هيئة الحدائق النباتية الملكية في بريطانيا :{لدينا اليوم أساليب ذكاء اصطناعي تصل دقتها الى 90 %. وهذه تكفي لقول {ان هذه المنطقة فيها اصناف كثيرة لم يتم تقييمها، لكنها شبه مهددة». واشارت في العام الماضي الى ان 571 صنفا نباتيا قد انقرض منذ العام 1750، ومن المرجح ان يكون الرقم الحقيقي اكثر بكثير.
ورغم ان تقرير حالة النباتات للعام 2016 كشف عن تهديد واحد من كل خمسة اصناف، لكن التحليل الحديث يُظهر ان الخطر الحقيقي اكبر من ذلك، وان السبب الرئيس لضياع النباتات هو دمار الموطن البري لإنشاء الاراضي الزراعية. ومن الاسباب المهمة ايضا الحصاد المفرط للنباتات البرية والبناء والاصناف الدخيلة والتلوث وتزايد الازمة المناخية.
ومع ان المليارات من الناس يعتمدون على الادوية العشبية كمصدر ثانوي لرعاية صحتهم، لكن التقرير كشف عن ان 723 صنفا منها مهددة بالإنقراض، من بينها نبات بوق الملاك الاحمر في اميركا الجنوبية الذي يستخدم لعلاج إضطرابات الدورة الدموية، واليوم ينقرض في البرية، ونبتة الإبريق الهندية التي تستخدم قديما لعلاج الإمراض الجلدية.
تقول (ميلاني جين هاوز) رئيسة ابحاث هيئة الحدائق النباتية الملكية في بريطانيا: «لقد تم توثيق سبعة بالمئة فقط من النباتات المعروفة، التي تستخدم كأدوية، ولذلك لا تزال نباتات وفطريات العالم غير مستغلة الى حد كبير كمصادر محتملة لإدوية جديدة. فمن المهم ان نحافظ على التنوع البيولوجي بشكل افضل، لنتهيأ للمخاطر الناشئة لكوكبنا وصحتنا».
 
مصادر جديدة للأدوية
وبيّنت البروفيسورة (مونيك سيمونز)، التي قامت بأبحاث هيئة الحدائق النباتية الملكية البريطانية عن اسـتخدامات النباتات والفطريات، ان الطبيعة كانت المكان الرئيس للبحث عن علاج لفيروس كورونا وامراض اخرى قد تتسبب بجائحة: «انا متأكدة تماما من المضي قدما بأن يكون جيل الأدوية المقبل المستخلصة من النباتات والفطريات في هذه المنطقة على رأس القائمة».
وابرز التقرير ايضا عدد الاصناف النباتية، التي تعتمد عليها البشرية في غذائها ضئيل جدا، ما يجعل مخزونها عرضة لتغيرات المناخ والامراض الجديدة، خصوصا مع الارتفاع المتوقع لتعداد سكان العالم الى عشرة مليارات بحلول عام 2050، فنصف سكان العالم يعتمدون على الرز والذرة والقمح، و15  نبتة فقط تعطي 90 % من إجمالي السعرات الحرارية.
تقول (تيزيانا أوليان) مسؤولة بحوث هيئة الحدائق النباتية الملكية البريطانية: «المفرح هو لدينا اكثر من 7000 صنف نباتي صالح للأكل، ما يمكننا من استخدامها مستقبلا لضمان نظامنا الغذائي حقا».
ورغم ان جميع هذه الاصناف مغذية وقوية، وتهديد إنقراضها ضعيف ولها تاريخ في الاستخدام كطعام محلي، لكن ستة بالمئة منها فقط تتم زراعتها في نطاق واسع.
وتشمل الاغذية المحتملة مستقبلا فاصولياء موراما وهي من بقوليات جنوب افريقيا، التي تتحمل الجفاف طعمها أشبه بالكاجو المحمص، اضافة الى اصناف من فاكهة الباندان، التي تمتد زراعتها من هاواي الى الفليبين.
يقول احد كبار العلماء السابقين في التحالف الدولي للتنوع البيولوجي (ستيفانو بادولوسي): «إن آلاف الاصناف النباتية المهملة هي شريان الحياة لملايين الناس على الارض، الذين يعانون من تغيرات المناخ غير المسبوق، وإنعدام الأمن الغذائي والتغذوي والفقر، ويجب أن يكون واجبنا الاخلاقي هو تسخير سلة المصادر غير المستغلة، هذه لوضع أنظمة إنتاج غذاء اكثر تنوعا ومرونة للتغيير».
كما كشف التقرير المستويات الحالية لتربية النحل في مدن مثل لندن والذي كان يهدد النحل البري، إذ لم يكن هناك ما يكفي من الرحيق وحبوب اللقاح لدعم أعداد خلايا النحل، فضلا عن تفوق نحل العسل على النحل البري.
 
عن صحيفة الغارديان البريطانية