تكرار + تكرار

ثقافة شعبية 2020/12/19
...

حمزة الحلفي 
الاستنساخ الشعري صار سائدا ولازمة مشروطة، ألقت بثوابتها على القصيدة الشعبية الجديدة، وكأن الجميع يكتب نصا واحدا، بموضوعة واحدة ووزن واحد، واحيانا قافية واحدة. 
يرجع هذا التشابه الكتابي، الذي توزع بشكل لافت بين النصوص خلاصة ونتيجة لوحدة الحدث ومعاناته اليومية في البيئة العراقية، صار تواجده ماثلا في دواخل الشباب الشاعر ويرتبط ارتباطا وثيقا باحاسيسهم وانفعالاتهم وما يكتبون. 
ولعل الاغلب من هؤلاء الشعراء شبابا وروادا، على حد سواء هم من اصحاب المنجز الكبير والمتداول المحفوظ في وجدان الجمهور المتابع، لكنهم في لحظة اضطرارية ينجرون الى هذه النمطية الشعرية المكررة، تماشيا مع الجو العام ويكون بهذا قد اخلوا بتوجههم وجاملوا على حساب هوياتهم وتفردهم. 
وهناك رأي اخر ربما يكون فيه بعض التبرير ومفاده بأن الكثرة المهولة في اعداد الشعراء الشعبيين في العراق سحبتهم الى ساحة الاقتضاب الكمي ودفعتهم لتقليد بعضهم البعض، وانا ارى غير ذلك ان ما ينتج شرطا على الكثرة العددية هو بالحقيقة الاندفاع التحفيزي، لخلق طرح جديد بمناخ غرائبي من شأنه ان يبرزك ويعطيك هوية متفردة تحيلك الى التخصص الذاتي، بعيدا عن منهجية القصيدة الواحدة، وكلنا يعرف ممن ادركوا السبعينيات ان القصيدة كانت تعرف قبل شاعرها بدلالة لونه ولغته واستخدامه، فمثلا اذا سمعنا: «ويالاصابع ليش ما تحوين سيفج يالاصابع.. ويچفك ليش ما تحوي خرزهه شموكح چفوفك
يبو الروجات.. كلهن هم.. ونحب همك.. بس كون الهموم تهب جديده.. محنه.. محنه.. صفنة شاعر امدوهن.. نصب شبچه القصيدة.. بلچي چلمه بروجة ايامه الجديده.. واندرجنه وما يهم بطن سچچنه.. وكاع الردس صارت نزيزه.. موت يالمالك اظافر.
الليل طال وبخت عنده اليروي عينه بشمس باچر.. الليل بين العين لا بين الجفن.. انثر كزازه ودا داير.. الليل حاود وردتي وحشم عليهه الدود من كل المكابر.. وصوتينه.. الصوت ما يجزي الشفايف.. يادفو البين البرد والحر نريدك.. وين صاير
ويالفراتي.. ولا سمعنه بوجه روجك يوكف حجار الكناطر.. ولو صدك جرفك نشف والنبع عاجر» 
ويقينا من خلال هذه المؤشرات الشعرية واللغة الجميلة والنسق الموسيقي الاخاذ نعرف ان النص للراحل الكبير كاظم الركابي.