ما المغزى من أكبر اتفاق تجاري في العالم؟

بانوراما 2020/12/20
...

هيئة تحرير المجلة
ترجمة: خالد قاسم
كانت العملية مؤلمة بقدر ما يحمل اسم الاتفاق من معنى قديم، لكن 15 دولة آسيوية وقعت اتفاق “الشراكة الاقتصادية الشاملة الاقليمية” (RCEP) باحتفال افتراضي في هانوي، تعد الشراكة أكبر اتفاق تجاري متعدد الأطراف، وكان سيصبح أكبر من دون انسحاب الهند منه قبل عام، وبعد ثماني سنوات مما وصفه وزير التجارة الماليزي محمد أزمين علي بأنه كان نتيجة لعملية “التفاوض بالدم والعرق والدموع”، فقد حققت الدول الباقية نصرا للتعاون الاقليمي رغم ما شهدته من خسائر في زمن فيروس كورونا الذي دمر الاقتصاد العالمي.
مع ذلك تتباين الآراء كثيراً، بشأن أهمية الانجاز، اذ يرى البعض أن هذه الشراكة غير طموح، وانها رمزية الى حد كبير، بينما يراها آخرون ركيزة مهمة ضمن نظام عالمي جديد تسيطر فيه الصين على آسيا.
تقع الحقيقة بين الأمرين، فاتفاقية (RCEP) للشراكة لا تعلن تحريرا جذريا للتجارة الآسيوية وهي نوع من عملية ترتيب، اذ تدمج باتفاق شامل كلا من اتفاقيات التجارة الحرة بين دول منظمةASEAN  «آسيان» وعدة دول أخرى في منطقة آسيا المحيط الهادئ: أستراليا والصين واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية.
جاء انسحاب الهند بسبب مخاوف من تعرض صناعتها المحلية للاغراق 
من المنتجات الصينية، وأزال ذلك العقبة الرئيسة أمام الاتفاق، لكن بما أن الهند ستكون ثالث أكبر اقتصاد في تلك الشراكة وهي محفل لاتفاقيات 
تجارية ثنائية قليلة، سيؤدي انسحابها الى حرمان الاتفاق من بعض منافعها الرئيسة للسوق المفتوحة، 
وما زال الباب مفتوحا لانضمام نيودلهي، لكن علاقاتها مع الصين تدهورت في عدة جبهات منذ العام الماضي.
 
الرفض الأميركي
تتداخل عضوية اتفاق الشراكة مع اتفاق تجاري اقليمي كبير آخر اطلق عليه اسم «الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ»، وقد وقعت خلال العام 2018 من قبل 11 دولة، وكان الهدف منها إدخال الولايات المتحدة الى عضويتها، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتهية ولايته انسحب منها، وعندما كان الاتفاقان قيد التفاوض مع واشنطن 
رفض المسؤولون الأميركيون، مع مستوى عال من العجرفة، الشراكة الجديدة لأنها أدنى مكانة ووصفت بانها قديمة الطراز وتركز على الرسوم الجمركية واجراءات بدائية لتسهيل التجارة، وتتناقض مع اتفاق 2018 الذي يغطي مجالات مثل المعايير 
البيئية والعمل وقوانين للشركات الحكومية.
يصح القول بأن الشراكة الجديدة أقل طموحا طالما أن موقعيها يتراوحون بين دول غنية جدا، مثل اليابان وسنغافورة، الى فقيرة جدا مثل دولتي لاوس وميانمار، تلغي الشراكة نحو 90 بالمئة من الرسوم بين الدول الأعضاء لكن لفترة 20 سنة فقط بعد دخولها حيز التنفيذ، كما يتطلب ذلك التساهل اقرار جميع الدول الموقعة. 
كما إن تغطيتها للخدمات غير مكتملة، وتلامس قطاع الزراعة بصعوبة بالغة، فاليابان على سبيل المثال ستحتفظ برسوم استيراد كبيرة على بعض المنتجات الزراعية التي توصف بأنها «حساسة سياسيا»، مثل الرز والقمح والسكر ومنتجات الألبان ولحم البقر والخنزير، لكنها مخفضة في اتفاق العام 2018.
ومع ذلك فإن الشراكة الجديدة وضعت أرضية جديدة لأجل الانسجام بين الشروط المختلفة لقوانين المنشأ في التجارة الحرة لدى منظمة “آسيان”، كما وضعت قوانين محتوى اقليمي يسهل معها الحصول على السلع الوسيطة من أي دولة عضوة. 
وكان معهد بيترسون للاقتصاد 
الدولي قد أعد ورقة تعرض انموذجا يظهر أن الشراكة ستزيد الناتج المحلي الاجمالي العالمي بحلول العام 2030 بمقدار 186 مليار دولار، وتذكر أن المنافع ستكون كبيرة، وعلى وجه الخصوص بالنسبة للصين واليابان وكوريا الجنوبية.