إعمار كاتدرائية نوتردام بتقنيات نجارة تعود للعصور الوسطى

بانوراما 2020/12/26
...

ايان هارفي
 ترجمة: شيماء ميران
تمتلك باريس العديد من المعالم البارزة التي تثير إعجاب السائحين والفرنسيين على حد سواء، مثل متحف اللوفر وقوس النصر، وكاتدرائية نوتردام طبعا، ربما لكونها الكاتدرائية الأكثر شهرة والمفضلة في أوروبا، فبعضهم يراها الأفضل في العالم، وهي الأشهر بالفعل.
عمَّ الحزن العالم أجمع عند تعرضها لأضرار بالغة إثر الحريق الذي حدث في ربيع العام الماضي، وتساءل الكثير عن السبب، أو حتى إذا كان بالإمكان إصلاح الدمار بطريقة تتماشى مع الإبقاء على الهندسة المعمارية للكاتدرائية والتي تعود الى قرون.
أصبحت كيفية إعادة بناء نوتردام موضوعا دائما في الأخبار والمناقشات التي تدور على وسائل التواصل الإجتماعي بعيدا جدا عن حدود فرنسا.
ولكونها مكانا محبوبا جدا، كان إصلاحها من الحريق موضوعا منتشرا في الدوائر الإجتماعية بفرنسا، وافتتاحيات الصحف وطبعا على المواقع الألكترونية المخصصة لمنشورات لا نهاية لها حول كيف يجب أن تكون عملية إجراء الترميم.
لم يكن الأمر ببساطة حول من يمكنه تولي العمل، لكن هل يمكن ترميم البناء القديم بأية حال. فقد تدمرت قمتها المستدقة بالكامل، وكذلك العديد من الدعامات مثلثة الشكل والتي كانت الجزء المعقد من صحن الكنيسة.ففي منتصف أيلول الماضي، جهز فريق نجارين متخصص دعامات من خشب البلوط الفرنسي المصنوعةيدويا وتزن ثلاثين طنا لغرض تبيان كيف كانت كاتدرائية نوتردام مبنية طوال تلك القرون 
الماضية.
كان ذلك مشهدا مثيرا لبهجة وسعادة مئات من المتفرجين الذين تجمعوا لمشاهدة الحدث، والذي تزامن مع أيام التراث الأوروبي.
ترأس مشروع إعادة إعمار الكاتدرائية الجنرال (جانلويسجورجلين)، الذي قال خلال مقابلة في يوم رفع الدعامات الضخمة: "إنهاتُظهر بأننا إتخذنا الخيار الأصح باختيار إعادة بناء النجارة بشكل مطابق وبإستخدام البلوط الفرنسي".
 
نوتردام مركز الهوية الفرنسية
وكانت ماهيةالدعامات وكيفية إعادة بنائهانقطة خلاف في المناقشات،اعتقد البعض أن مواد مقاومة للحرائق مثل الأسمنت قد تكون الخيار الأذكى لتجنب أية كوارث في المستقبل مثل الحريق الذي حصل العام الماضي. لكن تغلبت التقاليد، وأقتنع (جورجلين) بأنهم إتخذوا القرار الصائب.
ورغم انه سيتم إنشاء 25 جملونافي النهاية، لكن الخبراء أكدوا بأن النجارة لا يمكن ان تبدأ حتىالعام المقبل.
الصعوبة الرئيسية التي تواجهها الفرق ان بعض من الاحجار القديمة في نوتردام والتي لها أهمية في دعم حوامل الدعاماتكانت قد طالتها النيران.
وأشار (جورجلين) الى إن نوعية الحجر المستخدم في بناء الكاتدرائية التي بدأت أعمال البناء بهاسنة 1163 لم يعد من السهولة العثور عليه سواء في فرنسا أو أي مكان آخر بعد الآن. وأضاف ان تنفيذ البناء بهذه الطريقة أظهر للفريق كيف يجب عليهم إعادة بناء الهيكل قبل إستبدال القمة 
المستدقة.
وحتى هذه المستدقة الجديدة أصبحت نقطة خلاف بين بعض الأوساط، فبعضهم نادى بتبديل حديث المظهر، لكن التقاليد تغلبت مرة أخرى، وفي النهاية ستحافظ القمة المستدقة الجديدة على الهندسة المعمارية القديمة والضخمة لنوتردام.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانيويل ماكرون قد أعرب عن أمله بأن الاصلاحات ستكتمل بالتزامن مع استضافة باريس للأولمبياد بحلول العام 2024.
لكن بعض المشاركين في المشروع شعروا بأن التوقيت متفائل جدا، لان العمل على إزالة الأجزاء المتضررة وتنظيفها ما زال مستمرا، مثل الآف المواسيروالتي هي جزء من جهاز الأنابيب المذهل الخاص بالكاتدرائية.
وبينما يتفق جميع المشاركين على مسألة واحدة أن نوتردام هي جزء مهم من الدين والثقافة والتاريخ الفرنسي الذيسيتم انقاذه ولا يهم كم سيستغرق من الوقت أو يكلف من مبالغ. فإنها مركز الهوية الفرنسية وستُبذل كلالجهود لانقاذ ما يمكن إنقاذه، وإعادة اصلاح تلك الأجزاء التي دمرها 
الحريق.
 
عن موقع The vintage news