تعتمد الرؤية والمنهجية الجديدة للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص على هيكلية قانونية ومؤسسية وفلسفة تستند الى دراسة وتحليل واقع الاقتصاد العراقي بعد ٢٠٠٣ ودور القطاع الخاص فيه وما تم تنفيذه من الستراتيجيات التي سبق ان تم اعدادها من قبل المستشارين بالتنسيق مع المنظمات الدولية في القطاعات كافة التي لم يتحقق في الواقع منها شيء يذكر .
ان الاقتصاد العراقي ومن خلال الدراسة، والامكانات، والعوامل المتوفرة، بامكانه تجاوز الاختلالات، والانحرافات، وضعف الاداء في الهيكل الاقتصادي وتحقيق الاصلاحات الاقتصادية وتجاوز الخلل البنيوي في الاقتصاد وتأسيس هيكلية متوازنة ومتنوعة للاقتصاد، تستند الى تحفيز وتشجيع ودعم القطاع الخاص واشراكه في صناعة القرارات الاقتصادية وادارة الاقتصاد وفقا للمرحلة الثانية من ستراتيجية تطوير القطاع الخاص للسنوات (2018-2022) وتوجهات المرحلة الثالثة منها حتى العام 2030، التي وللاسف انتهت مرحلتها الاولى في عام 2017 بدون تحقيق اي تطوير للقطاع الخاص وفق رؤية جديدة تستند الى ماورد بالمادة 25 من الدستور والتركيز على (تطوير قطاع خاص وطني حيوي ومزدهر مبادر محلياً ومنافس اقليمياً ومتكامل عالمياً بهدف تحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة وخلق فرص العمل ).
هذا يعني ضرورة مغادرة الاقتصاد الريعي المعتمد على ما نسبته 93 بالمئة من ايرادات النفط والانتقال الى الاقتصاد الانتاجي وتنمية القطاعات الاقتصادية الحيوية الاخرى الزراعية، الصناعية، والسياحية، وغيرها من خلال، اعادة هيكلة الصناعات المملوكة للدولة والتحول التدريجي نحو القطاع الخاص، وتشجيع الشراكات مع المستثمرين المحليين والاجانب، فضلا عن اعادة النظر بالبيئة التشريعية لعمل الصناعة وتوفير البنى التحتية لتأمين متطلبات بيئة العمل، والتوسع في اقامة المناطق الصناعية .
كما لا ننسى ضرورة النهوض بواقع الانتاج الزراعي والثروة الحيوانية وتوفير المستلزمات والمعالجات الفعالة للحقول والمزارع وصيانة مشاريع الري والبزل ودعم المنتجات الزراعية المعدة للتصدير وتحسين نوعية البذور وضمان الدولة للاسعار، فضلا عن تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومنح القروض الميسرة، واصدار قانون خاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة وتأسيس مصرف للتنمية لتمويل هذه المشاريع الكفيلة بتوفر مقومات الصمود والنهوض الاقتصادي وتنشيط الدورة الاقتصادية.
ففي الوقت الذي نؤكد ان البلد في طريقه الى تجاوز ازمته الاقتصادية والمالية الخانقة ،التي لم يمر بها منذ تسعينيات القرن الماضي، الناتجة عن الهبوط المفاجئ والمستمر لاسعار النفط في السوق العالمية ومتطلبات الحرب على الارهاب، فضلا عن سوء ادارة المال العام والعجز في الموازنات العامة والعجز في ميزان المدفوعات، وان ذلك يتطلب قيام الحكومة ومجلس النواب بتفعيل قانون الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص واعادة النظر بتعديل واصدار القوانين النافذة الصادرة في العام 2004 او قبلها التي تنظم العملية الاقتصادية وتأسيس الهيكل المؤسسي الذي يضم مشاركة القطاعين الحكومي والخاص في ادارة الاقتصاد في المرحلة المقبلة كتشكيل مجلس القطاع الخاص ومجلس السوق وتأسيس هيئه لادارة ومتابعة وتحديد المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمثيل القطاع الخاص في عضوية مجلس الوزراء والمجالس التخطيطية والتنفيذية المتخصصة المرتبطة بمجلس الوزراء والوزارات كافة؛ وخضوع الوزارات الى المتابعة على التنفيذ من قبل هيئة متخصصة للمتابعة المركزية ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء.
* خبير اقتصادي ومصرفي