مالات أهلنا أبو العودة

ثقافة شعبية 2021/01/03
...

حمزة الحلفي 
 
عربة خشبية من ثلاث عجلات تدفع بواسطة حديدتين في الجانب الاعلى خلف العربة، مطلية بألوان زاهية براقة ومرسوم عليها اعلان صور البضاعة من المرطبات المجمدة المحلية مثل (ابو العودة) بكل الوانها الاصفر والاحمر والبرتقالي التي تشبه (الموطا ام العودة الحالية) و (الطابوكة) القريبة من شكل (ابو العودة) لكن شكلها الهندسي المستطيل يختلف عن سابقتها كونها اكبر حجما وهناك انواع اخرى لم تسعفن الذاكرة بها.
توضع هذه المرطبات داخل العربة التي تتوسطها ثلاجة حديدية محاطة بالثلج ( المكسر) من جوانبها الاربعة الخارجية مغطاة بغطاء على شكل فتحة دائرية صغيرة لا تتسع لأكثر من دخول اليدين حتى لا يتسرب لها الهواء الحار ويذوبها. 
اما مناداة البائع آنذاك: (ابو العودة.. طابوكة.. ام الحليب يا ولد).
وهناك تسميات اخرى تختلف باختلاف المناطق مثل (لكستك ياولد).
واتذكر حينما تزايدت الشركات المنتجة لهذه المرطبات، اعتمد احدهم على حيلة تجارية بتسمية منتوج شركته بها لكي يتميز عن منافسيه، فعمد أن يعمل من جانب الترغيب بوضع هدايا داخل المادة المجمدة وهي عبارة عن (خمسة فلوس) مغلفة بسليفان، وهو مبلغ الشراء ذاته، فصار الصبية يتسابقون على هذه الشركة من دون غيرها من الشركات التي تعطلت بفعل خطة  هذا الـ(أحدهم) لعلهم يحظون بهذه الجائزة.
ما دفع الشركات الاخرى الى تقليده وبنسبة اكبر ولم يستمر الوضع كثيرا عندما علمت وزارة الصحة آنذاك بانعكاس هذا صحيا على الاطفال، فأصدرت امرا بمنعه. واتذكر كان احد هؤلاء الباعة واسمه (ابو عبد) وهو رجل في العقد الخامس صاحب وجه سمح لاتفارقه الابتسامة ومداعبة الصغار، طيب الى حد انه لم يرد طفلا لا يملك ثمن (العودة) فيعطي مجانا لأكثر زبائنه الصغار الذي على ما يبدو ادركوا نقطة ضعفه واستسلامه السهل في الإعطاء دون مقابل فصاروا يخفون نقودهم عند الشراء. ويبدو ان الرجل كان يقبل هذا بمزاجه ويعلم بمشاكسة الاطفال حتى سأله احد كبار الرجال من منطقتنا يوما: (اكلك انت جاي تخسر لأن تنطي ببلاش؟) فأجابه متفاخرا: (ربحي من اشوف الصغار فرحانين لأن ماعندي جهال والخسارة بسيطة اعوضها من شغل الحراسة !!!).