شاه مير بالوش

ترجمة: خالد قاسم

يتجمع آلاف الأشخاص في جزيرة "بوندال" الباكستانية قبالة ساحل بحر العرب، كما اعتادوا منذ عشرات السنين عند مزار مقدس يدعى "بابا يوسف شاه". ومع شروق الشمس على الاحتفالات المحيطة بالمزار، ترفرف الأعلام الملوَّنة ويمتلئ الجو بصخب الموسيقى النابضة بالحياة وترديد الأغاني والأناشيد. لكن قد يكون هذا آخر احتفال للصيادين هناك، لأن الحكومة الاتحادية أصدرت أمرا بالاستيلاء على جزيرتي بوندال وبودو اللتين تشكلان جزءا من دلتا إندوس حيث يتدفق النهر الى بحر العرب جنوب السند.

تخطط الحكومة لبناء مدينة "تتفوق على دبي" وجذب استثمار بنحو 50 مليار دولار وخلق 150 ألف وظيفة، بحسب حاكم السند عمران اسماعيل خلال مؤتمر صحفي في "إسلام آباد". ولا ينوي السكان المحليون ترك جزيرتهم وموطن أجدادهم من دون مقاومة، حسب تعبير محمد حسان الذي نظم الاحتفال والبالغ من العمر 80 سنة.

كانت "رحيلة حبيب" من بين الحاضرين بالاحتفال ودعت الله أن يتوقف المشروع، وألقت باللوم على رئيس الوزراء عمران خان "لأنه يتصرف كالملوك" ويبيع فقراء باكستان. وتعهد خان بوضع البيئة في مقدمة أجندته مؤيدا المشاريع الخضراء بمناطق أخرى وهو ما يتناقض مع هذا المشروع.

بدأ وضع أساس المدينة سنة 2006 عندما وقعت حكومة برفيز مشرف مذكرة تفاهم مع مطورين من دبي لبيع 16 كم من الشريط الساحلي لأغراض التطوير العقاري، ووقع قطب العقارات الباكستاني مالك رياض عقدا مع مستثمر إماراتي عام 2013 لبناء "أطول مبنى في العالم" على المدينة الجزيرة.

 

خسائر بيئيَّة

تروّج الخطط الحالية للمزاعم المسرفة بالتفوق على دبي عبر عقارات ومشاريع على الجزيرتين التوأم. ويشير تقرير حكومي لوضع سياسات تعزز التنافسية الدولية للسياحة والتجارة.

 اعترض ناشطو الجزيرة قائلين إن المشروع يخدم النخبة فقط ويؤذي علم البيئة الفريدة للدلتا، وجمعت حركتهم المسماة "أنقذوا الجزر" زخما بين أفراد مجتمعها البالغ عددهم نحو 100 ألف نسمة في قرية ابراهيم حيدري وحدها، وتذكر احصاءات وجود ستة ملايين صياد سمك في المحافظة.

يقول مدافعون عن الصيادين أن المدينة العملاقة ستدمر الأراضي الرطبة التي وفرت الحكومة الحماية لها سابقا وأعلنتها معرضة للخطر. وتعد الدلتا أيضا موطنا لأكبر غابات أشجار استوائية صحراوية على مستوى العالم.

يذكر عالم البيئة عارف حسن: "الجزر جزء من نظام بيئي معقد، وأهوار المنغروف حاضنة للسمك، وموطن للطيور المهاجرة ومصد أيضا بين المدينة والمحيط، ووفر هذا المصد الحماية لمدينة كراتشي خلال أعاصير كثيرة".

يدعي محمد علي شاه، رئيس منتدى صيادي السمك، أن أمر الحكومة غير قانوني لأنها لا تمتلك السلطة للاستيلاء على الجزر الواقعة بمياه المحافظة. كما يخشى الصيادون معاملتهم بصفة "خطر أمني" ففي الأشهر الأخيرة واجهت حركتهم قيودا ومنعوا من دخول الجزيرة. وتعرض صيادون للضرب قرب "غيزري" وهو ميناء سابق جرى تطويره الى "نادي مارينا" حصري للأثرياء وقادة الجيش. ويقول الصيادون إن الهجوم نفذه جنود من الجيش مكلفون بحماية النادي وأعضائه.