بغداد: قاسم موزان
يفرق علماء النفس بين غريزة الشراء لدى الانسان بوصفها اسلوبا غير عقلاني لتملك الاشياء بدوافع عدة وبين الرغبة في حب تملك الاشياء بصورة عقلانية، ولكن حب التملك هو العامل الرابط بينهما ولو بخيط رفيع غير مرئي، ولعل النسوة هن الاكثر اندفاعا لغريزة الشراء لأسباب تتعلق بعشقها لاقتناء الحاجات منذ الازل او بقوة خارجية دافعة لها، نتيجة التطور في عملية الانتاج وتطورها، بشأن هذا الموضوع حاورنا عددا من المختصين في االشأن الاجتماعي والنفسي ومع عدد النساء للوقوف على هذه الظاهرة.
إشباع حاجة
وصفت الطالبة الجامعية آية محمد التسوق بالمتعة للبعض والخروج من حالة الاكتئاب للبعض الآخر، وقد يعني سعادة الاقتناء وكسر حالة الروتين وملل الحياة، وكثير ما يوجه السؤال للمرأة لو امتلكت مبلغا من المال، ما هو أول شيء ستفعلينه؟ ويكون الجواب لدى غالبية النسوة الذهاب إلى السوق وشراء كل ما تريد من أشياء أساسية، حتى وان كانت الحاجة متوفرة، المهم إشباع رغبتها بالشراء والتسوق، وتابعت محمد لا تشعر المرأة بالراحة والرضا عن الذات، إلا وهي ترتاد الأسواق والمحال بشكل مبالغ؟ فالسوق أصبحت ظاهرة لصيقة بالنساء ولفتت الى امكانية تخلص المرأة إدمان الشراء، وتعترف بأن لديها مشكلة يجب معالجتها بانها ليست بحاجة فعلية بكل ما تقنيه.
هوس الشراء
دائما أصاب بهوس الشراء بين فترة واخرى، ألجأ للشراء والتبضع وشراء كثير من الحاجيات الضرورية وغير الضرورية، عندما أكون في حالة نفسية سيئة، او نتيجة الاذى ومحاولات الاستهداف التي اتعرض لها كوني إمرأة ناجحة ومتميزة في جميع الاماكن التي عملت بها، هذا ما صارحت به د. نهى نجاح عبدالله، مضيفا السعادة تغمرها والشعور بالفرح والسرور، وهي تتجول في السوق وتنتقي من هنا وهناك، حين تعود للبيت وهي بالايجابية والتفاؤل وحب الحياة، وقد تمنحني شحنات الطاقة السلبية في السوق وتركتها هناك، وقالت ولكوني متخصصة في العلوم النفسية، فكان لزاماً عليّ أن أوازن بين هوسي هذا واستقراري المادي، وعليه فأنا أجيد الادارة المالية لنفقاتي ومدخراتي، أضع ميزانية خاصة لي تشمل شراء الحاجات الضرورية، التوفير التبرع للفقراء والمحتاجين مبلغ للطوارئ.
عوامل مشجعة
رئيسة قسم الاجتماع في كلية التربية للبنات د. مروج مظهر عباس، من الناحية العلمية نجد ان النساء يتفاعلن بشكل عاطفي مع التسوق: تمثل غريزة الشراء او التسوق الإحساس الأول بالحرية حتى وان لم تكن بحاجة لها بمجرد انها تنال اعجابها، لأنها تتفاعل مع كل السلع الموجودة امامها، فضلاً عن ان التسوق من وجهة نظرهن ساعد في ظهور وتواجد المرأة في الأماكن العامة مما شجع على ظهور أماكن وكافيهات مخصصة، وغالباً ما تجد المرأة أن التسوق متنفس لها عن ضغوط الحياة، بل تعد البعض منهن الشراء والتسوق هواية تمارسها لزيارة الأماكن ساعد ذلك الانتشار لمراكز التسوق (المولات) وغيرها، فقد اثبتت الكثير من الدراسات زيادة رغبة النساء في الشراء بعد مضي ساعتين من عملية التسوق، الامر الذي شجع في بناء مراكز تجارية لغرض إبقاء النساء أطول فترة ممكنة داخل محالهم، اضف الى ذلك استخدامهم فن الإضاءة ودرجة الحرارة، التي وتدفعها للبقاء مدة أطول وشراء الكثير، فضلاً عن التسوق عبر الاون لاين وخدمة التوصيل والاعلانات التي شجعتهن للشراء، وتابعت عباس و معالجة ذلك يكون بخطوات قد تساعد في التخلص من ادمان التسوق، وضع مبلغ معين في الحقيبة التي تحملها المرأة الى التسوق، الذي انت بحاجة اليه فعلاً، هو اصطحاب احد افراد الاسرة، لأن الشعور بالوحدة يزيد من الرغبة بالشراء، والتقليل من مشاهدة ومتابعة المواقع التي تروج للمنتجات بطريقة مغرية، محاولة قضاء أطول وقت ممكن مع الأسرة لأن الملل والفراغ قد يكون الدافع للتسوق، الابتعاد عن التأثر او تقليد المشاهير، والمطلوب من المرأة العصرية محاولة تحويل غريزة حب التملك لديها الى رغبة عقلانية في اقتناء الأشياء.
علاج نفسي
بينما اشارت السيدة هناء غازي الى سعي المرأة للبحث عن الأمان وتعزيز رصيد الاهتمام والتملك داخل نفسها لكل شيء جميل، وينعكس هذا الشعور على تصرفات التسوق لدى النساء، تحاول المرأة تؤمن بيتها ولا تجعله ينقص شيئا ومواكبة لكل جديد، وكذلك الحال مع نفسها ومع التطور في فن التسويق للمنتجات، اصبحت هناك رغبة واحيانا مسعورة لا تعرف القناعة، والاستمرار بعملية التسوق بمناسبة او بغيرها واحيانا يكون نوعا من العلاج النفسي.
حاجات فطرية
يقول استاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، د. صادق البهادلي قد تعود الاسباب الى طبيعة المرأة وروحها الوردية، التي تحمل الجمال والاناقة وروح الاناقة والموضة، هذه المفاهيم أكثر التصاقا بالمرأة لتظهر متكاملة، فالمرأة لا تتقبل الظهور بفستان لمناسبتين، بينما الرجل يتقبل الظهور ببذلة واحدة، وهذا لا يحمل اي انتقاص للرجل، لكن قد يؤثر في المرأة واناقتها، وعليه حضور المرأة كقوة شرائية كبرى في الاسواق الاستهلاكية على اختلاف قطاعاتها يمثل مؤشرا مهما يتناغم مع الاحتياجات الفطرية لها، كالشعور بالجمال والاناقة ليتجاوز الاحتياجات الفطرية الى احتياجات اخرى خارج نطاق النوع البيولوجي، وقد يتعلق ذلك بسيرة التحولات الثقافية التي تمر بها المجتمعات اذ ان هناك بعض الحقائق المهمة التي تؤثر في نمط الاستهلاك لدى المرأة منها عدد النساء العاملات في ازدياد.