محمد عجيل 

شهد العراق بعد المتغيرات السياسية في العام 2003 توسعاً كبيراً في انشاء الجامعات، سواء الحكومية منها والأهلية، وأصبحت في كل محافظة تقريباً جامعتان او اكثر، وكانت الغاية الاساسية من ذلك هي استيعاب خريجي الدراسة الإعدادية بفرعيها العلمي والادبي، فضلا عن الدراسات المهنية، وفي بابل كانت جامعة القاسم الخضراء التي اعتمدت رسمياً من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عام 2014 واحدة من بين سبع جامعات اهلية وحكومية تم افتتاحها على مدار العشر سنوات الماضية.

عرفت جامعة القاسم الخضراء بتخصصها الزراعي والحيواني في بداية نشأتها عام 2012، وانبثقت فيها بتجربتها الاولى كليتا الطب البيطري والزراعة، وأريد منها أن تسهم في تطوير الحقول الزراعية والحيوانية وتنمية الجهد البشري، ومن هنا ضمت فيما بعد كليات التقنيات الإحيائية وعلوم البيئة وعلوم الأغذية وهندسة الموارد المائية، ومن اجل تلبية الحاجة الملحة لإنشاء كليات جديدة قررت رئاسة الجامعة وبعد مناقشة مستفيضة لإمكانياتها المادية والبشرية،  اعتماد كليات جديدة، هي كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة وكلية العلوم التي تضم فرعين مهمين هما التحليلات المرضية وعلوم الحياة. 

 

بدايات التأسيس

يقول رئيس الجامعة الدكتور حسن كاطع العوادي  خلال لقائنا معه "ان هذا الصرح العلمي جاء كي يلبي الطموحات العلمية المتنامية في منطقة الفرات الاوسط بعد المتغيرات الحياتية التي شهدتها، من حيث زيادة عدد الخريجين بمختلف الفروع التعليمية، وزيادة تطلعات الشباب من كلا الجنسين للمساهمة في بناء المجتمع، ولا يسعني هنا الا أن اذكر الجهود التي بذلت في تسهيل مهمة إنشاء الجامعة للعديد من الشخصيات السياسية والعلمية، ومن ضمنها وزراء التعليم العالي السابقين علي الاديب وعبد ذياب العجيلي وقصي السهيل، اضافة الى النائب السابق الدكتور حيدر السويدي".

واضاف "لدينا خطة مستقبلية لغرض اعتماد عشرين جامعة في مطلع عام 2028، لكن ذلك يتطلب أن نحصل على الدعم الحكومي اللازم بما يتعلق بالبنى التحتية من بنايات وقاعات دراسية ومختبرات علمية وملاعب رياضية، اضافة الى الجهد البشري من خلال تعيين تدريسيين وإداريين وموظفي خدمات، ونحن الآن في طور انشاء كليتين هما  كلية التربية بفرعي اللغة الانكليزية والرياضيات، وكلية الحقوق والعلوم السياسية".

واكد أن "الجامعة أخذت على عاتقها المساهمة في تنمية وتطوير الواقع المجتمعي من خلال المشاركة الفعالة في تثقيف وتوعية طبقات مجتمعية بواجباتها، اذ تقام في السنة العلمية العديد من الندوات والحوارات مع مزارعين ومربي حيوانات، ويشارك فيها خبراء واساتذة مختصون، ويعرض خلالها اخر ما توصلت له الابتكارات في مجال الري والزراعة وتربية الحيوانات ومعالجة الأمراض، اضافة الى عقد ندوات  صحية مع ذوي مهن شائعة مثل القصابين والحلاقين، وتتمحور تلك الندوات حول المخاطر التي تحيط بهم جراء الإصابة بالأمراض الانتقالية مثل التهاب الكبد الفيروسي الذي ينتقل عن طريق الدم، كما كانت للجامعة جهود في الاحتفاء بالأدباء والشعراء والتدريسيين من المتقاعدين".

 

استملاكات الأراضي

وتحدث رئيس الجامعة عن ابرز المعوقات التي تحيط بالمؤسسة، واشار الى ان "استملاكات الاراضي كانت التحدي الابرز لنا في السنوات الماضية، وبالطبع انكم تعرفون الحاجة الملحة الى الارض من اجل  بناء الكليات والمختبرات والملاعب والملاحق الإدارية، و ذلك يتطلب مزيداً من المساحات وحاولنا مرارا استملاك قطع الاراضي بالتعاون مع بلدية  القاسم الجهة المالكة لأغلب الاراضي المحيطة بالمدينة، لكن للأسف واجهنا رفضا قاطعا من قبل الأهالي رغم الأسعار المغرية التي قدمت لشرائها، وبعدها كان قرار رئاسة الجامعة هو التوجه نحو قطعة ارض تبلغ مساحتها قرابة خمسمئة دونم كانت تابعة لوزارة الصناعة والمعادن، تقع على الشارع العام في مكان يتوسط مدينتي القاسم والهاشمية، ونحن حاليا ننتظر أن تبدأ عجلة المشاريع في هذه القطعة، كي تنهي جزءاً من معاناتنا في توفير ما تحتاجه الجامعة من بنى تحتية".

 

تمويل ذاتي

واشار العوادي الى مساعي الجامعة بالاعتماد على التمويل الذاتي، وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي، من اجل دوران جزء من عجلة المؤسسة بما يخص توفير الأبنية والأيدي العاملة المتوسطة، وقال "ان هذا الامر صعب للغاية في الوقت الحاضر لانه يصطدم بالتشريعات والقوانين العراقية النافذة التي تمنع الجامعات من القيام بمشاريع استثمارية زراعية كانت ام صناعية، مثل حقول الدواجن والعجول وبحيرات تربية الأسماك ومصانع اللحوم، كما أن ما يسمح به من استقطاعات مالية في بعض الجوانب، مثل استقطاع مبالغ من الطلبة المتقدمين للدراسة او ايجار حوانيت لا يفي بالغرض المطلوب.وشدد على ضرورة تخصيص موازنات استثمارية في كل عام من دون اشتراط وجود مشاريع في الجامعة، لاننا وبصراحة نحتاج الى خدمات للمجاري والتنظيف والحدائق طوال فترة السنة، ولا يمكن أن تبقى الجامعة تعتمد بشكل أساسي على الدوائر الخدمية التي تعاني هي الاخرى من مشكلات بما يخص الآليات والأيدي العاملة".

 

نظام الجودة

من جهته قال مدير قسم الجودة والاداء الجامعي المدرس حيدر عبد نور "ان الجودة لم تعد شعارا اعلاميا او ترفا اداريا تتغنى به المؤسسات، بل اصبحت مطلبا ضروريا وطموحاً مؤسسياً من اجل تحقيق العالمية في الاداء والمنافسة في عالم تسوده المتغيرات والتطورات المتسارعة والجودة بكل مفاصلها وتطبيقاتها تتمحور حول تحقيق متطلبات التنمية وهي بمفهومها الشامل تعني مطابقة المنتج والخدمة للمواصفات العالمية وخلوها من العيوب".

واكد "ان تحقيق الجودة في التعليم مطلب وهدف تسعى الامم الى تحقيقه، من اجل تحقيق جودة في الخدمات التعليمية من خلال المساهمة في تخريج الأجيال التي تقع على عاتقها مسؤولية تحقيق اهداف المؤسسة من خطط وقدرات والتطوير المستمر والمنافسة في مضمار السباق نحو العالمية، وجامعة القاسم الخضراء تعمل على تطبيق معايير الجودة في مختلف الأنشطة، وقد تمكنت من الدخول في مجال المنافسة العالمية عبر حضورها في عدد من التطبيقات العالمية مثل (الويب ماتركس وكرين ماترك وسيماكو و(RhR -Hingis rahk)". 

واوضح عبد نور "ان لدينا الكثير من المشاريع في هذا المجال والتي تندرج ضمن مشاريع وبرامج وزارة التعليم العالي، ومنها مشروع التطبيق الوطني للجودة في الجامعات العراقية، والذي يهدف الى رفع كفاءة الاداء المؤسسي على مستوى الجامعة، فضلا عن مشروع تطبيق معايير الاعتماد المؤسسي المعتمد من قبل الوزارة، ومشروع جودة المختبرات التعليمية، ومشروع اعداد الخطة الستراتيجية، ومشروع تقييم الاداء السنوي لمنتسبي الجامعة، ومشروع وصف البرنامج الأكاديمي، ومشروع اعداد تقرير التقييم الذاتي وفق معايير الاعتماد المؤسسي".

 

كليات مستحدثة

ومن الكليات المستحدثة في الجامعة، كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة التي جاءت انسجاما مع تطلعات الرياضيين في المحافظة، خاصة بعد الانجازات التي تحققت على المستوى الرياضي مثل كرة القدم، اذ يتواجد نادي القاسم بالدوري الممتاز وكرة السلة التي يمثلها نادي الحلة بالدوري الممتاز ايضا، يقول عميد الكلية الدكتور جاسم جابر "ان الرياضة اصبحت محط اهتمام الجميع، سواء في المدن الكبيرة او الأقضية والنواحي، وهي وسيلة للتعارف ونشر المفاهيم والقيم الانسانية، كما انها علم مثل بقية العلوم تعتمد على التحليل والمسائل العلمية، اذ هي تنمية للروح والجسد قبل أن تكون منافسة وانجازاً". واضاف "وفق هذه المفاهيم تم افتتاح كليتنا التي تستقبل طلبتها للموسم الدراسي الثاني، من خلال استمارة القبول المركزي وحصة الابطال عبر اللجنة الاولمبية العراقية، لكن هذا المشروع الفتي يصطدم بعدة صعوبات، لعل ابرزها غياب البنى التحتية من ملاعب وقاعات ومراكز تدريبية، ونحن حاليا نستعين بالمنشآت التابعة لوزارة الشباب والرياضة، ونادي القاسم الرياضي لغرض القيام بالواجبات".

 

توسعة القبول

ومن اجل معرفة خطط الجامعة للمشاركة في استيعاب الطلبة في العام الدراسي الجديد بعد نسبة النجاح والمعدلات العالية التي شهدتها المرحلة الإعدادية بفرعيها العلمي والادبي، تحدث إلينا مدير التسجيل المركزي الدكتور حيدر السلطاني قائلاً: "ان خطة القبول السنوي تعتمد بشكل أساسي على توفير القدرات المادية والبشرية، والجزء الاول يتعلق بالأبنية والمختبرات، والجزء الثاني يتعلق بالتدريسيين وبقية موظفي الخدمات، وبما ان الجامعة فتية ولديها صعوبات بما يخص الأبنية والتعيينات، لكنها ستأخذ بعين الاعتبار الظروف التي احاطت بطلبتنا الاعزاء في العام الدراسي الماضي بسبب جائحة كورونا، وسنضع خطة طارئة لغرض استيعاب اكبر قدر ممكن من طلبتنا، خاصة في الكليات الفتية مثل كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة والعلوم". 

 

دور الإعلام

ويلعب اعلام الجامعة دوراً مهماً في مد جسور التواصل مع بقية المؤسسات التعليمية والمجتمعية، من خلال تغطية النشاطات التي تنفذها الجامعة، وعن ذلك يقول الزميل حامد الجبوري "ان للإعلام رسالة سامية على مختلف الاصعدة، وخاصة وسط المؤسسات الجامعية، اذ نسعى وفق إمكانياتنا الى إبراز دور جامعة القاسم التعليمي والمجتمعي عبر تغطية النشاطات واقامة الحوارات مع مختلف الشرائح، وبتوجيه مباشر من رئيس الجامعة الدكتور حسن العوادي، كما ان اعلام جامعتنا يرتبط بعلاقات ود وتعاون مع بقية المؤسسات الإعلامية من صحف وقنوات فضائية، كما ويسرنا حضوركم اليوم في اروقة جامعتنا من اجل تسليط الضوء على الجهود التي تبذل للارتقاء بالواقع العلمي".