اختلاف المستوى الثقافي هل يزعزع الأسرة؟

اسرة ومجتمع 2021/01/15
...

 بيروت: غفران حداد
 
 
اختلاف المستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي والاهتمامات والمعتقدات والأهداف بين الزوجين، يجعل التواصل بينهما شبه مستحيل، فتدخل حياتهما الزوجية في حالة طلاق عاطفي ومشكلات وفوضى عارمة، حيث يختفي فيها الشعور بالحب والأمان اللذان يمثلان الركيزتين الأساسيتين لنجاح العلاقة الزوجية واستمراريتها.
 
كلمات حادة
تشير المغتربة الجزائرية نجاة منير وهي حاصلة على شهادة ماجستير لغة عربية في حديثها لـ«الصباح» الى أنه «حين تقدم لي زوجي قبل سبعة أعوام، ورغم أنه غير حاصل حتى على الشهادة الابتدائية، لم أتكبّر عليه، لأنني أحببته، فوجدته خلوقا وطيب القلب، ولديه مصدر رزق يمكنه ان يعيّشني حياةً كريمة ورغم تحذيرات أهلي لهذه الزيجة».
مضيفة: «كنت أظن أن زواجنا سيكون أسعد زواج نظرا للألفة التي كانت تجمعنا، لكن تبين لي بعد الزواج أن الواقع شيء وأحلام الزواج شيء آخر للأسف وبعد الزواج صدمت بأخلاقه معي، فهو يتعمد تهميشي وتحجيم شخصيتي، لقد كان يتعمد بأقل خلاف بيننا أن يسمعني كلمات حادة، وعبارات عنيفة غير موزونة، ويتعمد أن يرفع صوته ليسمع الجيران بأنه رجل شخصيته قوية، لقد عشت معه صدمات عاطفية وجروح عميقة في قلبي، لذا لم أجد حلا غير الطلاق».  
 
اختلاف البيئة
بينما تشير المواطنة اللبنانية سهير مراد صيدلانية من بيروت الى أن «أكبر غلطة ارتكبتها بحق نفسي حين وافقت على الزواج من شاب نشأ وترعرع في قرية ريفية شمال لبنان، فهو رجل فلاح وانا لا أتعالى على شريحة الفلاحين أبداً، ولكنه رجلٌ أميّ والحب أعماني، ولم أعر أي أهمية لمستواه الثقافي، لقد وجدته رجلا شهما، كريما، طيب القلب، ومقتدرا مادياً».
مضيفة”: بعد الزواج ومنذ الأسابيع القليلة الأولى لزواجنا طلب مني ان اقفل الصيدلية وأعمل معه في الحقل كفلاحة طبعاً رفضت ذلك، ولكن الأمر ازداد سوءا أصبح يضربني ويذلني أمام أهله وأبناء قريته وهربت منه متوجهة الى بيت ابي، وطلبت منه أن يطلقني من هذا الإنسان الذي صدمت به وكل الأحلام الوردية التي كنت أظن انها ستتحقق معه كان مجرد سراب، لقد ندمت كثيراً لأنني رفضت الكثير من الزملاء الصيادلة والأطباء كعرسان من مستواي الثقافي والاجتماعي. 
 
زوجة تعيسة
المغتربة العراقية نهلة جاسم طبيبة من منطقة «كورنيش المزرعة تؤكد: «من دون شك اختلاف المستوى الثقافي والتعليمي يؤثر بشكل كبير في استمرارية العلاقة الزوجية وأتكلم عن تجربتي، حيث زوجي رجل بسيط وأمي - رحمها الله- أصرت على تزويجي منه بحكم أنه ابن خالتي وبسبب الظروف الصحية، التي كانت تمر بها أمي وافقت على طلبها، كونها تريد أن تفرح بيّ قبل وفاتها وتطمئن عليّ، لأنني ابنتها الوحيدة، لكن ما كنت أتوقعه قد حصل فهو بالكاد حاصل على شهادة الابتدائية وأنا طبيبة، ونحن مختلفان بالمستوى العلمي والثقافي وبكل شيء، فهو لا يفهمني، بل إنه افتعل لي الكثير من المشكلات مع زملائي الأطباء في المستشفى، كون عملي يتطلب العمليات والنوم في المستشفى وغيرته المرضية العمياء وجهله بطبيعة عملي، رغم أنني وضحت له منذ البداية، كيف هي حياة الطبيب ولكن من دون جدوى. 
وأضافت دياب إلى أن: «حدة مشكلاتنا زادت حين رزقنا الله بطفلين فهو 
يجهل التربية الصحية السليمة وطريقة تربيته تختلف عني تماماً، لقد وصلت معه الى طريق مسدود، لذا قررت الانفصال. 
 
التفاهم
المعالج النفسي سلام شوكت يؤكد: «لنكن صريحين لأننا نعيش في مجتمع شرقي غالبيته ذكوري، وان الرجل يجب ان يكون هو الأقوى وهو الأكبر سنا من الزوجة وهو الأعلى مستوى تعليماً من المرأة، وهو المستقل مادياً أكثر من الزوجة هذه المفاهيم راسخة في عقل الرجل الشرقي البسيط، إنه يجب ان يكون هو المتعلم أكثر وهو الأهم والأعلى منزلة من المرأة. 
وأضاف شوكت: «لذلك حين يكون الزوج أقل منزلة من الزوجة بالشأن التعليمي والثقافي، يعد ذلك إهانة لكرامته وتهديدا لهيبته كزوج في المنزل، بحكم زوجته امرأة مثقفة ومستقلة مادياً ويشعر أنه بإمكانها الاستغناء عنه بأي وقت وسوف ترد على إهانته لها، ولن تسكت مثلما تفعل الزوجة البسيطة التي لا تمتلك مصدر رزق لها ولأطفالها سوى زوجها، لذا فهي تتحمل الكثير من التجريح والمصاعب الحياتية وتأخذ من حقها الكثير لأجل المعيشة وسقف منزل الزوج الذي تحتمي به مع أطفالها، وبالتالي هذه العلاقة غير صحية، لذا يجب على الطرفين وقبل الزواج، أن يكونا على دراية وتفاهم بالمستوى الثقافي والاجتماعي والتعليمي والبيئي وبينهما وأن يكون الاحترام أساس التعامل بينهما، وألا تعيُّر الزوجة زوجها بعد الزواج بحالة كونه أقل مستوى ثقافيا منه وبإمكان الشريكين أن يلجآ لمعالج نفسي لتقريب وجهات النظر بينهما.