نتائج وتجربة

اقتصادية 2021/01/16
...

ثامر الهيمص
 
يذكر دستورنا ان اقتصادنا اقتصاد سوق، وعمليا فإن رأسمالية الدولة في تناغم مع الرأسمال الاهلي التجاري، وانعكس ذلك التخادم من خلال سوق العملة، ولذلك كان ولا يزال الاقتصاد الحقيقي بزراعته وصناعته، الضحية رقم واحد، بسبب عملية الانتقال من اقتصاد الحرب الى اقتصاديات الحصار، وفي ظروف قاسية، كان همهما التجهيز وتوفير المقومات، ولقد تبلورت وتعملقت هذه العلاقة اكثر من خلال انفتاح السوق وانفلاتها، في ظل بنية حددها اطار ريعية الاقتصاد .
وكنموذج لهذه العلاقة بين رأسمالية الدولة والرأسمال التجاري، كما تجسد في اعلان رابطة المصارف الأهلية، من توزيع الترليون دينار التي خصصها البنك المركزي لتسليف المشاريع الصغيرة والمتوسطة، موزعة بين 42 مصرفا أهليا، اذ تم خلالها تسليف 329 مليار دينار . 
فقد سلف 6.84 مليار دينار للزراعة، وسلف القطاع التجاري 100.5 مليارات دينار، وبلغ ما سلف للمشاريع الخدمية 86.15 مليار دينار ، وللصناعة 46 .52 مليار دينار.  
ومن خلال هذه العينة يتضح عمق العلاقة بين طرفي القيادة للاقتصاد العراقي من خلال المصارف الاهلية، وليس المصارف القطاعية الرسمية الصناعي والزراعي والاسكان.  
لا شك ان هذه العلاقة هي امتداد طبيعي لرأسمالية الدولة اثناء مدة العقوبات الدولية وما سبقها، فما تجربة ما بعد العام 2003 ، الا امتداد غير متزن لتراث الدولة السابقة التي قامت بعسكرة كل من الريف والصناعة.
إنَّ الاقتصاد الريعي، بكل تجلياته لا يزال سيد الموقف، بعد أن بلغت حصة الزراعة والصناعة من الناتج الوطني 8 بالمئة، وحصتهما من التسليف تعادل نصف المخصص للقطاع التجاري الاهلي تقريبا، وهذا المتعلق بسياسة الامر الواقع امتد منذ العام 1980 وحتى الان، رافقه، بلا شك، سوء وفشل في الاداء، فقد عدت وزارة التجارة وجود 80 ألف شركة مسجلة لديها لا يتناسب مع نشاط القطاع الخاص في البلد.
هذا التراكم من الانفلات جاء كنتيجة طبيعية لتغييب دور هيئة الرقابة المالية، فقد أقرّ نقيب المحاسبين والمدققين، ان هناك مشكلات في الحسابات الختامية لان الحكومة لم تقدم حساباتها منذ 2017، وابرز المشكلات هي السلف المعلقة منذ العامي 2014 و 2015  حتى الآن.
وبذلك يكون القلق مشروعا ايضا حول السلف المعلقة التي باتت تشكل رقما صعبا في السياستين المالية والنقدية و ربما كانت سببا اساسيا في خفض قيمة الدينار الآن، ومن ثم فإنَّ النتائج غير مشجعة في السياستين، لان الوسائل فيهما تقادمت واستهلكتها اللجان والمواعيد ما يدعو الى الحد من تدوير مبالغ تلك السلف والبدء بمراجعة حقيقية لاداء السياستين ونتائجها المتحققة على ارض الواقع.