زيارات زعماء العالم للعراق بعد العام 2003 ..متى بدأت القطيعة تتفتت

بانوراما 2021/01/31
...

 إعداد: الصباح
مع نهاية العام 2003، صار واضحاً أنَّ التغيير في العراق، وسقوط نظام البعث بعد أربعين عاماً من السلطة والحروب، هي عملية لا يمكن إعادة عقارب الساعة فيها بالرغم من حدوثها إثر الغزو الأميركي للعراق، وانطلاقاً من انتخابات البرلمان العراقي في 30 كانون الثاني 2005، والتصويت الشعبي لصالح الدستور العراقي الدائم نهاية ذلك العام، صارت العمليَّة السياسيَّة عراقيَّة بشكلٍ واضح، وتخضع لخيارات العراقيين.

 
لكنَّ تحدياً من نوعٍ آخر واجه التجربة في العراق، وهي قطيعة المحيط السياسي. وهي امتداد لقطيعة مماثلة عاشها العراق عبر عقودٍ طويلة.
لم يشهد العراق زيارات مهمَّة من زعماء العالم خلال 20 عاماً سبقت 2003. كما أنَّ الكثير من الدول امتنع زعماؤها عن زيارة العراق بعد العام 2003 لأسبابٍ أخرى، منها الوضع الأمني، ودور الولايات المتحدة وعلاقتهم معها، ونوع ما يطمحون إليه من دورٍ في تشكيل العراق الجديد.
وباستثناء زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول التي تشارك قوّاتها في التحالف الدولي، لم يزر العراق بعد العام 2003 أي زعيم عربي أو إقليمي الى غاية الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في آذار من العام 2008.
بعد ذلك زار العاهل الأردني العراق في آب من العام 2008، ليكون أول زعيم عربي يزور العراق بعد 2003.
وكذلك الزيارة الاستثنائيَّة التي قام بها الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الى العراق في شباط من العام 2009.
ثم جاءت قمة بغداد للدول العربيَّة عام 2012، لتؤشر نهاية رسميَّة للقطيعة ذات الأسباب المتعددة، وحضر زعماء الكويت والأردن ولبنان وتونس وليبيا والسودان وفلسطين وجيبوتي.
بينما تعمّدت بعض الدول المشاركة في تمثيل واطئ على مستوى وزير الخارجيَّة أو أقل من ذلك.
بعد ذلك تكررت الزيارات الرسميَّة لزعماء الدول العربيَّة والأجنبيَّة الى العراق، أبرزها زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عام 2017، وزيارات أخرى.
يقول «بول سالم»، وهو باحث في معهد كارنيجي، ومعهد الشرق الأوسط في واشنطن: «إنَّ أولويات العراق في علاقاته الخارجيَّة تتركز على بناء قدراته العسكريَّة واستعادة قطاع الطاقة فيه فضلاً عن تلبية الاحتياجات المحليَّة من الماء والطاقة، وزيادة معدلات الاستثمار وفرص العمل.
وكل هذه الأهداف يبدو أنها لا تلتقي جيداً مع محيطه الإقليمي. خاصة إذا أضيفت إليها رغبة العراق في مشاركة الآخرين في جهود مكافحة الإرهاب».
ويبدو أنَّ صراع المصالح هذا وتضاربها سيستمر بشكلٍ أو بآخر، ما لم يتحول العراق الى لاعبٍ إقليمي مؤثر بالأدوات التقليدية نفسها التي ما زالت تستخدمها بلدان المنطقة للضغط على بعضها البعض، لا سيما أنَّ العلاقات العراقيَّة الإقليميَّة تمتدُّ مع بلدانٍ لها مصالح متضاربة في ما بينها، والحال ذاتها تنطبق على مصالحها مع الولايات المتحدة.
لكنَّ العزلة بدأت تتفكك كلما صار للآخرين مصالح اقتصاديَّة مركزها بغداد، أو أنَّ بغداد يمكن أنْ تلعب دوراً مهماً في التعاون الاقتصادي والانتشال من مطبات الاقتصاد التي وقعت فيها بلدان المنطقة وما زالت، بل تأكد عمق المشكلة مع تأثيرات جائحة
كورونا.