التعليم الالكتروني.. بين معاناة معلم واحتياج طالب

ريبورتاج 2021/02/02
...


 آيــة حســـين 

 
تجلس المدرسة فاطمة علي أمام شاشة الحاسوب وعلامات التعب والغضب تبدو واضحة عليها بسبب انقطاع الانترنت أكثر من مرة عندها وعند التلاميذ، فتضطر للجلوس امام الحاسوب لما يقارب اربع ساعات متواصلة حتى تتمكن من شرح المادة لتلاميذها، فاطمة تجسد معاناة مئات المعلمين والمدرسين الذي فرض عليهم التعليم عن بعد بسبب دخول جائحة كورونا، التي جعلت التعليم الالكتروني يضيف عبئاً ثقيلاً، لكونه يعد من الأنظمة الحديثة التي لم يسبق استخدامها.


حيث تعد التجربة سيئة بسبب بيئة العراق التي لا تشجع على استخدامه لاسباب عديدة، منها انقطاع التيار الكهرباء ومشكلة ضعف الانترنت المزمنة، فضلاً عن المعلمين والمدرسين غير مؤهلين بشكل كافٍ لاستخدام الادوات والمهارات التكنولوجية، اضافة الى غياب التفاعلية بينهم وبين التلاميذ لكونهم غير معتادين على الاساليب الحديثة. 
 
معاناة متجددة
تقول فاطمة علي (40عاماً): أجد صعوبة بالغة في المحاضرات الالكترونية بسبب ضعف الانترنت وصعوبة السيطرة على التلاميذ، وايضاً لاني لدي اربعة ابناء في المدرسة عليَّ متابعتهم ايضاً وبين المحاضرات الالكترونية، التي يجب عليَّ تقديمها، فاضطر في بعض الاحيان البقاء لساعات طويلة من أجل ايصال المادة الى الطلبة» .
ضيق الوقت
تستيقظ المعلمة ابتسام محمد في الصباح باكراً لكي تتمكن من انجاز أعمال المنزل قبل بدء المحاضرة الالكترونية، حيث تقول ابتسام (٣٠عاماً) : «أأخذ اكثر من قاعة دراسية فأقوم بتقسيم المحاضرات الى الساعات، لكي اتمكن من السيطرة على التلاميذ، فكل محاضرة تأخذ ساعتين بين تنظيم ومشكلات انقطاع البث، فأجد صعوبة بالغة في السيطرة على الوقت ايضاً، لكون لديَّ اطفال صغار يحتاجون الى عناية وبين أعمال المنزل». 
غياب التفاعل
يمكث الاستاذ علي جبار هو وأسرته في بيت صغير لا يتجاوز مساحته ٥٠ متراً، لا يوجد فيه سوى غرفتين فقام بتخصيص إحدى الغرف له وجعل اسرته يمكثون في غرفة، لكي يتمكن من اعطاء المحاضرات الى التلاميذ بعيداً عن أسرته حيث يقول علي (٤٥عاماً): التعليم الالكتروني سبب التقيد لي ولأسرتي، فاضطر في أغلب وقتي أن اجلس بمفردي لأن حصتي هي الصف الرابع والخامس».
مبيناً « ان هناك صعوبة في الشرح لعدم وجود تفاعل بسبب قطع النت، وعدم معرفة مدى استيعاب التلاميذ للمادة، ففي السابق استطيع معرفة استيعاب الطلبة للمادة من خلال مشاركتهم وتفاعلهم داخل الصف» .
 
المتابعة المستمرة
تحاول ربة المنزل هدى محمد أن تنجز اعمالها في المنزل في الليل، لكي تتمكن خلال النهار من متابعة ابنائها وشرح المواد الصعبة التي لم يتمكنوا من فهمها، حيث تقول هدى (35عاماً): لديَّ اربعة أبناء، اثنان منهم يدرسون في المرحلة الابتدائية والأخريان صغار، فلم أتمكن الى الآن من ضبط الوقت، بين متابعة محاضراتهم  الالكترونية، في السابق كنت انجز أعمال المنزل قبل عودتهم من المدرسة، اما الآن فالوضع مختلف كثيراً، فعلي متابعة المحاضرات الالكترونية طول اليوم» .
صعوبة المناهج
شهدت المناهج الدراسية للمراحل الابتدائية تغييراً ملحوظاً في المفردات، واحتوائها على مصطلحات لا تتناسب مع اعمارهم، هذا ما بدأ به محمد جبار في معرض حديثه حيث يقول محمد (45عاماً): بسبب التغيير المناهج الدراسية أجد صعوبة في فهم مواد الشرح الى ابنائي، لكون والدتهم لم تكمل دراستها، فلم يكن امامي غير تسجيلهم في محاضرات الدورس الخصوصية لكي يتمكنوا من فهم المواد».
مبيناً «ان التعليم الالكتروني شكل عبئاً مالياً، اذ علينا دفع الاموال للتدريس الخصوصي وشراء الاجهزة الالكترونية».
 
ضوضاء الطلبة
يقضي الطالب ياسر محمد معظم يومه امام شاشة الكمبيوتر لكي يتمكن من متابعة المحاضرات الالكترونية، ومشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية في المواد، التي يجد فيها صعوبة حيث يقول ياسر (12عاماً) : بسبب ظروف المعيشة الصعبة التي تعيشها أسرتي فلم يكن امامي غير مشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية في المواد الصعبة».
موضحاً «في كثير من الاحيان لا أفهم بعض المواد في المحاضرات الالكترونية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي والضوضاء التي تصدر من قبل زملائي 
الطلبة» .