الوحدة الشعرية

ثقافة شعبية 2021/02/06
...

حمزة الحلفي 
 
 
الشعراء الشعبيون كان لهم الدور الحاضر في ارشفة الواقع العراقي بأحداثه المتسلسلة منذ تأسيس الدولة العراقية وما قبلها وحتى يومنا هذا.
ولو أخذنا أنموذجا فعليا أسس لأكبر مدونة شعرية شعبية عراقية حفظتها الاجيال شفويا منقولا بواقعية الحدث الذي لا يخلو من الاضافة والنقصان وهي ثورة العشرين، هذه الانتفاضة العشائرية التي شملت كل الخريطة العراقية من جنوبها الى شمالها ومن شرقها الى غربها. وكلنا يتذكر الاهازيج التي رافقت  الاحداث وهي كثيرة وفعالة في شد حزام الثائرين بمواجهة الطوب (المدفع) والى غير ذلك من اسلحة فتاكة، حتى ان الانكليز اعتبروا هذه الاهازيج بمثابة اعلان حربي يتفوق على اعلامهم المسموع والمقروء. 
فمثلا حكاية الشاب العراقي – وهنا اقول عراقي فقط وانا لا اجهل محافظته، حينما وضعوا رأسه الجنود الانكليز امام فوهة المدفع، حتى ينتزعوا منه اعترافا عن قتله لضابط انكليزي وكانت امه من بين الحشود التي تراقب الحدث، فصاحت ( بس لا يتعذر موش آنة)، فرد عليها ضاحكا وفخورا (حطوني بحلكه وكلت آني). محاورة وجدانية كبيرة الهبت حماس الثائرين الذين تأججت في روحهم النخوة، لتأخذ من المحتلين مآخذ كبيرة جير حسابه لهذه البديهة الحاضرة على لسان امرأة امية، لكنها تعادل كل ثقافات السمو الفارغ. 
وكلما اعاد التاريخ نفسه تجد الشعر الشعبي في مواجهة الحدث دون غيره. ومن زمن قريب وبعد انعطافة 2003 كان للشعراء الشعبيين موقف مسلح بالكلمة لمواجهة الارهاب المستورد. فقد فضحوا اساليبه ومخططاته العفنة. وايضا ما بخلوا بقصائدهم الناقدة للاداء الحكومي وفضح المرتشين والسراق. والاهم من كل هذا اقامتهم لمهرجانات المصالحة الوطنية ايام الاحتقان الطائفي بعد 2006. 
وهنا وصلنا لخصوصية وطنية خالصة كان ابطالها هؤلاء الشعراء غير الطائفيين منهم، الذين لعبوا دورا مهما في تقريب وجهات النظر العراقية، حتى انهم حققوا ما عجز عنه السياسيون انذاك، مع العلم كان الشعر الشعبي في تلك الفترة محصورا ضمن الجغرافية الجنوبية والفرات الاوسط. اما الان فقد انضمت لقافلة الشعر الشعبي اسماء مهمة من الغربية العراقية مثل صلاح الدين والموصل وديالى والرمادي. 
انها الوحدة الشعرية ان تجعل اللسان العراقي مجتمعا بالابداع والجمال، وسوف تتناسل هذه الوحدة لتنتج الينا أجيالا مهمة في القادم من الزمن.
اذاًأصبحت المهمة الان سامية امامكم ايها المتوحدون، فعليكم ألا تسمحوا بتمرير القصائد الطائفية، التي تهدف الى تمزيق النسق العراقي وأن تسهموا بلم الشمل الذي يريد ان يفرقه بعض المنتفعين من دمائكم ومن وحدتكم. فأنتم الوحيدون الذين تخاطبون البسطاء والنخبة من قومنا بلغة العراق الشعبية الصالحة المفعول.