مكانة دوليَّة نصنعها

منصة 2021/02/09
...

ربيع نادر
 
كيف يمكن لدولةٍ ما أنْ تحقق طموحها في علاقاتها الخارجيَّة؟، وهو سؤال عراقي داخلي ما زال يُطرح بين حينٍ وآخر. وكيف يتاح للدولة أنْ تحجز مقعدًا مؤمّنًا في الحياة الدولية بشكل عام؟. ويومًا بعد آخر، تزداد الأمثلة التي تثبت أنَّ هذه العوامل لم تعد حبيسة لأفكار الماضي، وأنَّ البلدان التي تسعى أنْ تكون جزءاً من النظام العالمي ستتعدد أمامها الاختيارات.
يمكن لدولةٍ ما أنْ تنال وضعها المؤثر في الخريطة السياسيَّة، ومع ذلك فهي تستورد كلّ سلّتها الغذائيَّة مثلًا. أو أنْ تكون معتمدة على دولٍ أخرى في أمنها المائي، أو في تأمين حدودها. الأمر صار مرتبطًا بالقدرة على فهم الدور الذي سيجعلها مُهمّة ومفيدة للآخرين.
بعبارة أبسط، كلّما صار النظام السياسي أكثر وعيًا في إدراك الاحتياج الدولي، كلّما صار أقدر على البقاء والاستمرار في هذا العالم.
سويسرا مثلًا، تلك الدولة الغنية، وصندوق العالم المالي لم تكن بحاجة الى الموديل القديم من مفهوم "الاكتفاء الذاتي"، ولم تبق عالقة في نظرية "الحصن المنيع"، وبهذا الفهم أفلحت في حجز مكانتها على صفحة العالم الحديث!.
في العراق، وبالرغم من الأهمية التي تبدو عليها هذه الفكرة، فإنّها لا تتصدر قائمة الأولويات لدى المعنيين في ظل هذا الانشغال بالخلافات الداخليَّة، إلا أنه لا بُدَّ أنْ يأتي اليوم (ونأمل أنْ يكون قريبًا) الذي تركن فيه البلاد والقائمون عليها الى هذه الحقيقة الثابتة في ملف العلاقات الدولية. لن يحرص أحد على الاعتراف الكامل بالدور العراقي، والتودد دوليًا لنا ما لم نفكر كعراقيين بحيازة دور دولي واضح، وأداء مهمة ترقى الى مستوى احتياجات العالم الكثيرة والمتشعبة والمتجددة.
خلاصة القول، إنَّ العراق سيحقق التوازن في علاقته مع الآخرين فقط إذا صار بإمكانه لعب دورٍ محوري في القضايا العالميَّة، هنا ستكون أهمية العراق عاملاً يضيف قوة للموقف العراقي.