الطاقة النوويَّة.. هل غادرها العالم؟ وماذا نفعل بها في العراق
منصة
2021/02/10
+A
-A
د. كمال حسين لطيف
هناك العديد من التساؤلات التي تثار حول موضوع الطاقة النوويَّة وحاجة العراق إليها، لا سيما أننا نمرُّ بظرفٍ سياسيٍ واقتصاديٍ عصيبٍ يجعل من الصعب أنْ يتفهم البعض ما نحن بصدده وقد يجده البعض ضربا من الخيال أو التنجيم لشخصٍ يفكر بهذا الموضوع في هذا الوقت.
هناك العديد من التساؤلات التي تثار حول موضوع الطاقة النوويَّة وحاجة العراق إليها، لا سيما أننا نمرُّ بظرفٍ سياسيٍ واقتصاديٍ عصيبٍ يجعل من الصعب أنْ يتفهم البعض ما نحن بصدده وقد يجده البعض ضربا من الخيال أو التنجيم لشخصٍ يفكر بهذا الموضوع في هذا الوقت. ومن خلال مجموعة الأسئلة والمخاوف التي يطرحها البعض، والتي سأوزجها بالإجابة عن الأسئلة التي لها مساسٌ بالموضوع. السؤال الأول ينطلقُ من المحور التالي: العالم يغادر الطاقة النوويَّة ويتجه لغلق المفاعلات وأنتَ تريدُ بناءها في العراق من جديدٍ. أما السؤال الثاني فكان: ماذا نفعل بالمفاعلات ولدينا هذا الكم الهائل من النفط والغاز؟ وهل العراق يحتاج فعلا للطاقة النوويَّة؟ أما السؤال الثالث: فكان: من أين سيأتي العراق بالأموال لبناء أربعة مفاعلات خلال العشر سنوات المقبلة، ونحن بهذا الظرف اليائس؟
هولندا: في هولندا مفاعل نووي واحد تحت إدارة التشغيل، بسعة صافية 0.5 جيجاواط. في العام 2019 أنتجت الطاقة النوويَّة 3 ٪ من الكهرباء في البلاد، فضلا عن امتلاكها مصادر أخرى للطاقة كما أنها تعتمد على سياسة الترشيد بشكلٍ كبيرٍ، ويتوقع أنْ يتناغم الطلب مع النمو المتسارع في مشاريع طاقة الرياح الساحليَّة، إذ تمتلك هولندا مكامن رياح عظيمة تجعلها في مصاف الدول المستقرة في النمو على طلب الكهرباء.
النووي في أوروبا
اسبانيا: تمتلك إسبانيا سبعة مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة 7.1 جيجاواط. في العام 2019 أنتجت الطاقة النوويَّة 21 ٪ من الكهرباء في البلاد.
السويد: وتمتلك السويد سبعة مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة إجمالية قدرها 7.7 جيجاواط. في العام 2019 أنتجت الطاقة النوويَّة 34 ٪ من الكهرباء في البلاد، لقد أغلقت الدولة بعض المفاعلات القديمة، لكنها استثمرت بكثافة في إعادة تأهيل وتطوير أعمال الصيانة والتشغيل للمفاعلات العاملة وتجديد الحياة لها لعقود طويلة مقبلة.
سويسرا: تمتلك أربعة مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 3.0 جيجاواط. في العام 2019 أنتجت الطاقة النوويَّة 24٪ من الكهرباء في البلاد.
بريطانيا: تمتلك المملكة المتحدة 15 مفاعلاً نووياً تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 8.9 جيجاواط. في العام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 16 ٪ من كهرباء البلاد. أقرت ورقة طاقة حكومية بريطانية في منتصف عام 2006 استبدال أسطول البلاد القديم من المفاعلات النوويَّة ببناء مفاعلات الجيل النووي الجديد والمسمى بالجيل الرابع. وبدأ فعلاً بناء أول جيل جديد منها. إنَّ هذا النهج الواضح يؤكد أنَّ لا خيار آخر أفضل لبريطانيا من المفاعلات النوويَّة كمصدرٍ أساس للطاقة في البلاد.
وسط وشرق أوروبا وروسيا
أرمينيا: كما تمتلك أرمينيا مفاعلاً نووياً واحداً بسعة صافية تبلغ 0.4 جيجاواط. في العام 2019 ، ولّدت الطاقة النوويَّة 28 ٪ من كهرباء البلاد.
بيلاروسيا: لديها مفاعل واحد للطاقة النوويَّة تحت إدارة التشغيل، متصل بالشبكة. في تشرين الثاني2020 بدأ العمل في إنشاء مفاعل ثانٍ جديد. يتم إنتاج كل كهرباء البلاد تقريباً من الغاز الطبيعي.
بلغاريا: تكتلك مفاعلين نوويين تحت إدارة التشغيل، بسعة صافية مجمعة تبلغ 2.0 جيجاواط. في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 38 ٪ من كهرباء البلاد.
جمهورية التشيك: تمتلك ستة مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 3.9 جيجاواط. في عام 2019، ولّدت الطاقة النوويَّة 35 ٪ من كهرباء البلاد.
المجر: لديها أربعة مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة 1.9 جيجاواط. في العام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 49 ٪ من كهرباء البلاد.
ولدى رومانيا مفاعلان نوويان تحت إدارة التشغيل، بسعة صافية مجمعة تبلغ 1.3 جيجاواط. في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 19 ٪ من كهرباء البلاد.
روسيا: تمتلك 38 مفاعلاً نووياً تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة 28.6 جيجاواط. في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 20 ٪ من كهرباء البلاد. وقد حدد مرسوم حكومي في العام 2016 بناء 11 مفاعلاً للطاقة النوويَّة بحلول عام 2030، علاوة على تلك التي هي قيد الإنشاء بالفعل. في بداية عام 2020 كان لدى روسيا أربعة مفاعلات قيد الإنشاء بطاقة مجتمعة 4.8 جيجاواط.
تنعكس قوة الصناعة النوويَّة الروسية في هيمنتها على أسواق تصدير المفاعلات الجديدة. وتشارك الصناعة النوويَّة الوطنية لروسيا حاليا في مشاريع مفاعلات جديدة في بيلاروسيا والصين والمجر والهند وإيران وتركيا، وبدرجات متفاوتة كمستثمر في مصر والجزائر وبنغلاديش وبوليفيا وإندونيسيا وكازاخستان ونيجيريا وجنوب إفريقيا وطاجيكستان وأوزبكستان ودول أخرى على وشك التعاقد ضمن طابور طويل من الراغبين لبناء مفاعلات جديدة لتأمين إمدادات الطاقة في 2030.
سلوفاكيا: لديها 4 مفاعلات نووية تحت إدارة التشغيل، بقدرة إجمالية تبلغ 1.8 جيجاواط. في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة بحدود 54 ٪ من كهرباء البلاد. وهناك وحدتان جديدتان قيد الإنشاء.
أما سلوفينيا فلديها مفاعل نووي واحد تحت إدارة التشغيل بسعة صافية قدرها 0.7 جيجاواط. في عام 2019 ولدت سلوفينيا 37 ٪ من طاقتها الكهربائية من الطاقة النوويَّة.
أوكرانيا: لديها 15 مفاعلاً نووياً تحت إدارة للتشغيل، بقدرة صافية مجمعة 13.1 جيجاواط. في عام 2019 ، ولّدت الطاقة النوويَّة 54 ٪ من كهرباء البلاد.
تركيا: بدأت تركيا حديثاً ببناء أول محطة للطاقة النوويَّة في نيسان 2018، على الرغم من مصادرها الكهرومائيَّة الجيدة في أحد عشر موقعاً في أنحاء البلاد ومع توقعات التغير المناخي وانخفاض مناسيب المياه تحاول تركيا تدارك الموقف ومن المتوقع بدء التشغيل لمفاعلها مطلع عام 2023.
آسيا
بدأت بنغلاديش ببناء أول مفاعلين روسيين VVER-1200 مخطط لهما في العام 2017. وبدأ إنشاء المفاعل الاول في عام 2018. وتخطط لتشغيل أول وحدة بحلول عام 2023. وتنتج البلاد حالياً كل طاقتها الكهربائية تقريباً من الوقود الأحفوري.
الصين: تمتلك الصين 48 مفاعلاً نووياً تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 46.5 جيجاواط.
في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 5 ٪ من كهرباء البلاد. ولا تزال الصين الأعلى في العالم في بناء محطات نووية جديدة. فهنالك 11 مفاعلاً قيد الإنشاء في الصين من أصل 53 حول العالم. في العام 2018 أصبحت الصين أول دولة تطلب تصميمين جديدين (- AP1000) و(EPR) وقد بدأت الصين تسويق وتصدير (Hualong One) وهو تصميم لمفاعل صيني إلى حد كبير.
إنَّ الدافع الأساسي لتطوير طاقة نووية جديدة في الصين هي الحاجة إلى تحسين جودة الهواء في المناطق الحضرية وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إذ وصلت معدلات التلوث الى حدود تنذر بالخطر.
لقد وضعت الصين هدفاً طموحاً حددته الحكومة الصينية ضمن خطتها الستراتيجية الوطنية للطاقة للفترة (2014 – 2020)، وهو إنشاء مفاعلات بقدرة 58 جيجاوات بحلول عام 2020، مع 30 جيجاوات إضافيَّة قيد الإنشاء للأعوام المقبلة وخلال العشر سنوات القادمة.
الهند: لديها 22 مفاعلاً نووياً تحت إدارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة 6.3 جيجاواط. في العام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 3 ٪ من كهرباء البلاد.
تلتزم الحكومة الهندية بتنمية قدرتها في مجال الطاقة النوويَّة كجزءٍ من برنامجها الهائل لتطوير البنية التحتيَّة. فلقد حددت الحكومة منذ العام 2010 هدفاً طموحاً يتمثل في الحصول على قدرة نوويَّة تبلغ 14.6 جيجاواط تدخل الخدمة بحلول عام 2024. وفي بداية عام 2020 كانت سبعة مفاعلات قيد الإنشاء في الهند، بطاقة مجمعة تبلغ 5.3 جيجاواط.
اليابان: تمتلك 33 مفاعلاً نووياً تحت إدارة لتشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 31.7 جيجاواط. لغاية عام 2011 كانت نسبة 30 ٪ من الكهرباء في البلاد تأتي من الطاقة النوويَّة وكان 17 مفاعلاً آخر في طور الموافقة على إعادة التشغيل بداية عام 2020 ولكن في أعقاب حادث فوكوشيما في العام 2011، تمت إعادة تشغيل تسعة مفاعلات فقط وفي العام 2019 كان نسبة 8 ٪ فقط من الكهرباء تولد بالطاقة النوويَّة.
والآن تعاود اليابان نشاطها تدريجياً بعد وضع خطة شاملة لمعالجة الأخطار المحتملة والتي لم تكن لأعاصير تسونامي البحرية بالحسبان في حينها لأنها ظاهرة جديدة لم تدرس من قبل.
كوريا الجنوبية: تمتلك 24 مفاعلاً نووياً تحت ادارة التشغيل، بقدرة صافية مجمعة تبلغ 23.2 جيجاواط. في العام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 26 ٪ من كهرباء البلاد. كما وتمتلك كوريا الجنوبية أربعة مفاعلات جديدة قيد الإنشاء مصنعة محلياً بالكامل فضلاً عن أربعة مفاعلات في الإمارات العربيَّة المتحدة. وهي تخطط لاثنين آخرين، ضمن خطة احتياطي الطاقة غير المؤكدة. كما أنها تشارك في بحوثٍ مكثفة حول تصميمات المفاعلات المستقبليَّة.
تمتلك الباكستان خمسة مفاعلات نووية تحت ادارة التشغيل بقدرة صافية مجمعة 1.3 جيجاواط. في عام 2019 ، ولّدت الطاقة النوويَّة 7 ٪ من كهرباء البلاد. باكستان لديها وحدتان صينيتان نوع (Hualong One) قيد الإنشاء.
أفريقيا
تمتلك جنوب إفريقيا مفاعلين نوويين تحت إدارة التشغيل بسعة صافية مجمعة تبلغ 1.9 جيجاواط، وهي الدولة الأفريقية الوحيدة التي تنتج حالياً الكهرباء من الطاقة النوويَّة. في العام 2019، ولّدت الطاقة النوويَّة 7 ٪ من كهرباء البلاد. ولا تزال جنوب أفريقيا ملتزمة بخطط زيادة القدرات، لكن قيود التمويل تلكئ هذا النمو والتطور وتطبيق الخطة.
الشرق الأوسط
تمتلك إيران مفاعلاً نووياً واحداً تحت إدارة التشغيل بسعة صافية تبلغ 0.9 جيجاواط. في عام 2019 ولّدت الطاقة النوويَّة 2 ٪ من كهرباء البلاد. وهنالك وحدة ثانية روسية قيد التصميم والإنشاء من نوع (VVER-1000).
الإمارات العربية المتحدة: لديها مفاعل نووي واحد قابل للتشغيل بسعة 1.3 جيجاوات. وهناك ثلاث وحدات أخرى قيد الإنشاء في المشروع ذاته في منطقة البركة ولديها خطة طموحة لبناء وتشغيل تلك الوحدات بطاقة 3.5 جيجاواط خلال الأعوام القادمة لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء ولمخاوف نضوب النفط والغاز خلال العشرين سنة القادمة.
الدول الناشئة
تسعى العديد من الدول بضمنها العراق لتأمين احتياجاته المستقبلية من الطاقة الكهرونووية، وتقوم كل من بنغلاديش وبيلاروسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة ببناء أولى محطاتها للطاقة النوويَّة.
تحسين الأداء في المفاعلات
تحسن أداء المفاعلات النوويَّة بشكل كبير بمرور الوقت. فعلى مدى الأربعين سنة الماضية، زادت نسبة كفاءة المفاعلات التي تصل إلى ذروة السعة التصميميَّة زيادة كبيرة، فعلى سبيل المثال حققت 62 ٪ من المفاعلات عامل قدرة أعلى من 80 ٪ في 2018 ، مقارنة بـ 28 ٪ في 1978، في حين إنَّ 7 ٪ فقط من المفاعلات كان لها عامل قدرة أقل من 50 ٪ في 2018، مقارنة بـ 20 ٪ في 1978.
مفاعلات نووية أخرى
لا يقتصر بناء المفاعلات على إنتاج الكهرباء، ففضلاً عن محطات الطاقة النوويَّة التجارية، هناك نحو 220 مفاعلاً بحثياً تعمل في أكثر من 50 دولة، وهناك المزيد قيد الإنشاء. بالإضافة إلى استخدامها للبحث والتدريب، إذ ينتج العديد من هذه المفاعلات نظائر طبيَة وصناعيَّة ذات مردود اقتصادي كبير للبلد.
أما المفاعلات في القوات البحرية فقد لعبت دوراً مهما للخمسة عقود الماضية، حيث توفر الطاقة للغواصات والسفن السطحيَّة الكبيرة. وحالياً يتم استخدام أكثر من 160 سفينة، معظمها غواصات، بواسطة نحو 200 مفاعل نووي واكتسبت أكثر من 13000 سنة تشغيليَّة من الخبرة في المفاعلات البحريَّة. ولقد سحبت روسيا والولايات المتحدة الأميركيَّة العديد من غواصاتها النوويَّة من حقبة الحرب الباردة.
تدير روسيا أيضا أسطولاً من كاسحات الجليد الكبيرة التي تعمل بالطاقة النوويَّة ولديها المزيد قيد الإنشاء. كما قامت أيضاً بتوصيل محطة طاقة نوويَّة عائمة بمفاعلين 32 ميغاواط بالشبكة في منطقة القطب الشمالي النائية في بيفيك.
يتضح للقارئ أنَّ لا مناص من الخيار النووي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ولتدارك سريع في تخفيض نسبة زيادة ثاني اوكسيد الكربون وأصبح خيار البحث عن مصادر أخرى منخفضة الانبعاثات أمراً ملحاً أيضاً، ولكن سوف لن يكون في اليد بشكل كامل خلال الثلاثين سنة المقبلة على الأقل وبعدها سيظل الخيار النووي حلاً مقبولاً وواقعياً.
رئيس الهيئة العراقيَّة
للسيطرة على المصادر المشعة