العقود والأجور في دوائر الدولة إلى أين؟

ريبورتاج 2021/02/10
...

   ســـرور العلــي 
مازالت مشكلة أصحاب الأجور في أغلب المؤسسات الحكومية قائمة، فهم موظفون من دون راتب شهري أو امتيازات أو حصول على إجازة ومخصصات، إذ يعاني الآلاف منهم في تلك المؤسسات من عدم صرف مستحقاتهم، لاسيما أن أكثرهم ذوو مستوى معيشي متدن، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في العراق وتلكؤ في دفع رواتب الموظفين، بات هؤلاء بائسين ومن دون أمل في الحصول على حقوقهم، وكذلك أصحاب العقود يعانون من تأخر رواتبهم.

الاعلامي ملاذ الأمين، بين :"العقود هم فئة من الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية من غير المثبتين على الملاك الدائم، وهذا الأمر استحدثته الحكومة العراقية في تسعينيات القرن الماضي بزمن الحصار الاقتصادي، إذ كانت الدوائر الحكومية تحتاج الى موظفين للعمل لديها من دون تثبيت على الملاك، وكانت تلك الدوائر تمنح رواتب موظفي العقود من الأرباح التي تحققها، اذ لا تؤثر في ميزانية الدائرة والموازنة الحكومية، وبعد 2003 استمر العمل في هذا النهج".
مضيفاً "ولأن اغلب الدوائر الحكومية الحالية غير إنتاجية وغير ربحية وتعتمد في تمويلها على الموازنة العامة، لذلك تأخر تثبيت موظفي العقود في عدد من الوزارات، فيوجد موظفون يعملون بصيغة العقد منذ 15عاماً، رغم أنهم متفانون في عملهم وفي حال غيابهم تبرز معوقات صعبة لا يمكن حلها إلا بوجودهم، وما على الحكومة إلا إعادة اعتبارهم، وتطبيق القرارات الصادرة بحقهم وتثبيتهم على الملاك الدائم، بما يتناسب مع ارباح  هذه الدوائر التي ترفد بها الموازنة العامة".
 
موظفون بلا حقوق
د. وجدان عبد الأمير، التدريسية في قسم التربية الخاصة، بكلية التربية الأساسية/ الجامعة المستنصرية أوضحت: "يتجه البلد نحو هاوية الفقر يوماً بعد يوم، حتى يصل إلى كارثة المجاعة، بسبب البطالة المتفشية فيه، فضلاً عن الأعداد الهائلة لموظفي العقود والأجوراليومية، والذين غالبا ما يكونون أول المحرومين من رواتبهم في حالات تقشف البلد أو اضطراب الموازنة أو تأخرها، رغم الحاجة الشديدة لهم، لان معظمهم أما عمال نظافة أو حراس، وبالتأكيد فإنهم من الطبقة الفقيرة التي هي اشد حاجة للراتب الشهري من غيرها على قلة قيمته، قياساً برواتب الموظفين الدائمين".
 مضيفة "ومع ذلك نجد أن أول قرارات قطع الراتب في المؤسسات الحكومية تطولهم حتى أن بعض الدوائر الحكومية الآن أقعدتهم عن العمل لعدم وجود تخصيص مالي لهم حاليا، والعجيب أن الحكومات المتعاقبة والسياسيين يفتقرون إلى الحكمة في القضاء على الإرهاب، والجرائم الاجتماعية، والاضطرابات النفسية المتفشية في البلد، ويرصدون أموالا طائلة جدا للقضاء عليها، أ يعقل أنهم لم يفقهوا إلى الآن سبب كل هذه الجرائم! تلك البديهية التي لا تغفل على احد من قبل!، فلو انهم رصدوا تلك الأموال الطائلة لتشغيل الشباب والعاطلين عن العمل لتوفير حياة كريمة لهم، بعيدة عن الذل والاستجداء لما انخرط الكثير منهم ضمن مجموعات إرهابية أو عصابات إجرامية، ولما قام الكثير منهم بالانتحار، أو قتل أبنائهم بأيديهم، كما يحدث أمامنا اليوم ولما زادت نسبة الطلاق، وغيرها من المشكلات النفسية والاجتماعية".
وأكدت عبد الأمير "ها هي أمامنا تجربة الشيخ زايد رحمه الله، فكل ما فعله هو تحقيق حياة كريمة لكل فرد من أبناء شعبه، وبالنتيجة أصبح جميع أفراد الشعب سندا ودعما لحكومتهم، في الحقيقة نحن لا نتحدث عن مثاليات صعبة التحقيق، وانما هنالك حكمة تقتضي الاعتماد عليها، لإيجاد حلول لكل هذه المشكلات الاجتماعية، ونرى أن شريحة موظفي العقود والأجور اليومية، الذين تلوح الحكومة بين آونة وأخرى أما بإلغاء وظائفهم أو توقف رواتبهم، هي شريحة كبيرة جداً، وستزيد كوارث البلد كارثة أخرى لو استمر الوضع على ما هو عليه، فكما يقال ان (الجوع كافر)، ولا عتب على من فقد لقمة العيش،  لو أجرم أو انحرف عن الطريق الصحيح". 
وتابعت "فهذا نداء لكل مسؤول بيده القرار في إيقاف أو استمرار رواتب هذه الفئة وتثبيتها، أن يساعد في توقف حدوث كوارث اجتماعية ونفسية مقبلة، اذا استمر التعدي على رواتب هذه الشريحة المظلومة".
وطالب كرار الساعدي الذي يعمل منذ عامين بصفة أجير يومي في وزارة الكهرباء بتحويله إلى عقد.
 
قرار 315
وذكر مدير في وزارة الكهرباء رفض الكشف عن اسمه: "أن وزارة الكهرباء مقسمة إلى ثلاث شركات، هي: إنتاج الطاقة، ونقل الطاقة، وتوزيع الطاقة، ودائرتنا هي الجزء الأخير، وشركتنا مكونة من موظفين دائمين وعقد وزاري وأجر يومي، في بداية  2019 تم تثبيت موظفي العقد الوزاري بقرار مجلس الوزراء، وتم تحويلهم إلى دائمي، والأجير تم تحويله لعقد وزاري تحضيرا لإكماله بالسنة اللاحقة وتحويله الى دائمي، في الأشهر الأخيرة من سنة 2019 جاءت اعداد كبيرة بنظام بديل من قبل الوزارة، وهم موظفون مفصولون أو فضائيون، ونظام البديل جاء لكل شركات الكهرباء، وكل هؤلاء رواتبهم الشهرية على النظام الاستثماري، فجاء لدائرتنا 80 عقداً".
مضيفاً "حصلت مشكلة بعد الشهر الثاني من العام 2020، فتوقفت الرواتب عنهم، وفي الشهر الثالث والرابع تم تسليمهم الراتب على النظام الجديد، ما قادهم إلى الخروج بتظاهرات، ولدينا نوعان من العقود، عقد خدمتهم من عشر سنوات إلى أربع عشرة سنة، وعقد جديد في نهاية سنة 2020 اتخذت الوزارة قراراً بتحويل رواتبهم من الاستثماري للتشغيلي، وكان عدد العقود القديمة 8700، والعقود الجديدة تقريبا 90الفاً". 
وبحسب الموظف بصفة عقد حسين محمد فان قرار 315 يلزم  بتحويل العقود من استثمارية إلى تشغيلية، وبتحويل الأجور إلى عقود وزارية. 
وجاء ذلك إثر حملة توقيع نيابية لإضافة قرار 315 وجميع العقود والأجراء اليوميين والمحاضرين في الوزارات، والدوائر كافة ضمن موازنة 2021، ووقع عليها أكثر من 140 نائبا.  
وأكد رئيس اللجنة المالية النيابية في حديث سابق لوسائل إعلام محلية أن قرار 315 الذي جاء في قانون الموازنة من قبل مجلس الوزراء، لا توجد مشكلة في تشريعه، ووضع الضوابط الخاصة به، ولكن استبعد تثبيت جميع العقود والأجور في عام واحد، نظرا للظروف الاقتصادية والمالية المتدهورة، ومن الممكن اعطاءهم الأولوية في السنوات المقبلة مع حفظ حقوقهم التقاعدية. 
وأوضح زميله علاء حسن: "بينما يتمتع موظفو الملاك الدائم براتب شهري مرتفع نعاني نحن من أجور قليلة، ولا نتمتع بإجازات عادية أو مرضية، ويحق للملاك التقاعد، اما نحن فليس لنا خدمة ولا نتمتع بالكثير من العطل، وهناك مصادرة للجهود، اذ يعمل العقود والأجور في مواقع العمل المهمة، ولا تحتسب لهم كتب الشكر والتقدير والمكافآت، وتتأخر المستحقات المالية، ولا نتمتع بالإجازات الطويلة أسوة بالملاك الدائم، ولا يتم شمولنا بالساعات الإضافية، و نعاني من  عدم الاستقرار الوظيفي والاسري".
 
حقوق المرأة 
وبينما يعاني العديد من العاملين على نظام الاجر والعقد من عدم توفر الحقوق الكاملة اسوة بزملائهم من الملاك الدائم، تعاني بعض النساء العاملات بهذا النظام من غياب حقوقهن، فسلوى الخالدي احدى العاملات بنظام العقد تؤكد بأنها قد اجلت حلمها وزوجها في انجاب طفل بسبب عدم توفر اجازة الامومة التي تعطى لكل موظفة، فضلا عن عدم احتساب الزوجية والاطفال والتخصيصات التي تعطى للموظف المتزوج بسبب عدم تثبيتها وعملها على نظام العقد .