إعداد ملاكات كفوءة لمحاربة الجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها

العراق 2019/02/03
...

بغداد/ هدى العزاوي  
 
 
تزايد الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدامها بحرية مطلقة دون قيد او شرط، خلق نوعا جديدا من الجرائم المستحدثة (الالكترونية) والمتعلقة بترهيب الضحايا من خلال ابتزازهم بالصور ومقاطع الفيديو والوثائق الخاصة التي يتم تسريبها بهدف الاستغلال المادي او الجسدي للضحية.
هذه الحالات تم تشخيصها من قبل بعض المختصين بمجال الشرطة المجتمعية وقسم الجرائم الالكترونية ومحاربي الابتزاز الالكتروني الذين اخذوا على عاتقهم اطلاق حملات توعوية كان اخرها حملة  (بتنه – تهمنه) لخفض معدلات الجريمة الالكترونية.
 
ابتزاز الكتروني 
مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية العميد خالد المحنا، قال لـ”الصباح”: ان مديريته تستقبل عبر صفحتها الرسمية (الشرطي المجتمعي العراقي) على مواقع الـ(فيس بوك)، الكثير من الشكاوى المتعلقة بالابتزاز الالكتروني، مؤكدا ان “هذه التبليغات تكاد تكون بشكل يومي.
واضاف “من منطلق عملنا الوقائي اطلقنا حملات توعوية كبيرة استهدفت عددا من المدارس والجامعات والدوائر الحكومية لتعريفهم بالسبل التي يسلكها المبتز للوصول الى بيانات الضحايا، وكيفية تأمين الحسابات الالكترونية، وتحذيرهم من الثقة المفرطة ببعض الصفحات التي تدعي محاربتها للابتزاز”، مؤكدا “ان اغلب الضحايا وقعوا في فخ الابتزاز الالكتروني نتيجة الثقة الخاطئة بالاخرين لابسبب اختراق حساباتهم”.  
بينما بين الناطق الاعلامي باسم وزارة الداخلية اللواء الدكتور سعد معن، في تصريح لـ”الصباح” ان “قسم الجريمة الالكترونية المتمثل بوكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، يتعامل مع الجرائم الالكترونية وفق امكانيات تقنية وبنى تحتية وتشريعية مهمة، كما يتعامل مع اخطر انواع الجرائم المتعلقة بالارهاب الالكتروني ومحاربة التطرف وبث الشائعات التي تهدف الى زعزعة الوضع الامني والكثير من التفاصيل التي لا تذكر لخصوصيتها الاستخبارية”. 
ونبه على ان “اهم الجرائم الالكترونية الموجودة في المجتمع العراقي، هي  جريمة الابتزاز وانتحال الصفة والارهاب الالكتروني، بيد ان اكثرها تداولا  في المحاكم العراقية هي قضية التهديد والتشهير، لذلك تم اعداد ملاكات  مختصة على اعلى المستويات لمحاربة الجرائم الالكترونية بمختلف انواعها، وكان لدائرة العلاقات والاعلام ووكالة الاستخبارات ومديرية تحقيق الادلة الجنائية دور كبير بالتثقيف عن هذه الظاهرة من خلال القيام بسلسلة من الورشات التثقيفية في مجال التوعية من الابتزاز الالكتروني في الجامعات العراقية المختلفة، وما زالت الحملات مستمرة الى الان”.
 
حالات الابتزاز 
وبحسب الحالات التي رصدتها “الصباح” على مواقع التواصل الاجتماعي، فان اغلب ضحايا الابتزاز الالكتروني هي النساء، وقد سببت هذه الجرائم الكثير من حالات الانفصال بين المتزوجين وارتفاع حالات الانتحار او القتل بسبب الاعراف العشائرية.
مدير صفحة (محاربو الابتزاز الإلكتروني على موقع فيسبوك) محمد حسن، وهو اسم مستعار حفاظا على سلامته الشخصية، اوضح لـ”الصباح”: أن “الفريق يتلقى يوميا الكثير من رسائل الاستغاثة من ضحايا يتعرضون للتهديد بنشر صور ومقاطع فيديو، ووصل عددها في اليوم الواحد الى 300 رسالة، 90 بالمئة منها لنساء تعرضن الى التهديد من علاقاتهن السابقة”.
بينما اكد المختص في الكشف عن الابتزاز على مواقع التواصل الاجتماعي والمتطوع بالعمل مع الجهات الامنية، محمد هادي لـ”الصباح” انه تم “القاء القبض على افراد خلية متخصصة بالابتزاز الالكتروني بالتعاون مع القوات الامنية بعد اعترافهم بتهكير وابتزاز اعضاء استراحة الابطال على مواقع (السوشيال ميديا)، وهم الان قيد التحقيق
 الجنائي”.
احدى الضحايا التي رفضت الاشارة الى اسمها تقول  لـ”الصباح”: “لم يبق امامي غير الصفحات الخاصة بالابتزاز الالكتروني لعرض مشكلتي، بعد ان ضاقت بي السبل لايجاد حل  لخطيبي السابق الذي استمر بمحاولة ابتزازي منذ ان انتهت علاقتنا بالانفصال، بيد انه كف عن مضايقتي منذ ان اجبرت قوى المجتمع الفاعلة متمثلة بوجهاء ومسؤولي المجلس البلدي، على مسح الصور واخذ تعهد بعدم تهديدي مرة اخرى”.
 
عمليات مشتركة 
ويعود مدير الشرطة المجتمعية خالد المحنا لينبه خلال حديثه لـ”الصباح”: ان “ اغلب مرتكبي الابتزاز عادة، هم من معارف الضحية، كأن يكون خطيبا او حبيبا او طليقا، ولمساعدة بعض الضحايا اللواتي يرغبن بحل قضاياهن بشكل سري بعيدا عن القضاء، يقوم مجموعة من ضباط الشرطة المجتمعية باتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المعتدي شريطة ان تملك الضحية معلومات كاملة عنه، كرقم هاتفه واسمه وعنوانه واخذ تعهد بعدم التعرض للضحية بعد التأكد من اتلافه للصور”، مشيرا الى انه في حال “كان المبتز مجهولا، فيتم توجيه الضحايا لتقديم البلاغ الرسمي لدى القضاء لتتم احالة الدعوى على الجهات المختصة التي تمتلك التقنيات اللازمة للوصول
 للمبتز”.
ومن الناحية القانونية يشير الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء الدكتور سعد معن خلال حديثه لـ”الصباح” الى ان “تقديم الشكوى من قبل المعتدى عليه، يتم   بشكل اصولي عن طريق أي مركز شرطة وفق الاختصاص المكاني للحادث، اذ يتم رفع الأوراق إلى قاضي التحقيق الذي يحيل الموضوع حسب حيثياته الى الجهة المختصة وحسب قناعته وتقديراته للموقف”.واضاف “نحن كأجهزة امنية نتعامل مع القضايا المحالة الينا من القضاء بصورة جدية وفق ما متاح من امكانيات فنية وتقنية وتقديم التقرير الفني الاستخباري لكي تتمكن الجهات التنفيذية من الوصول الى المجرم وتقديمه الى العدالة لينال جزاءه وفق القوانين النافذة”، مؤكدا “تمكن قسم مكافحة الجريمة، من اغلاق اكثر من 88 موقعا مروجا للاخبار الكاذبة الخاصة بالمجاميع الارهابية والكثير من الصفحات التي تنتحل شخصية رئيس الوزراء”.
 
البنى التحتية 
من جانبه يقول رئيس فريق الاستجابة للاحداث (السيبرانية) مراد العصافي في مستشارية الامن الوطني، لـ”الصباح”: انه “ تم تشكيل فريق بموجب الحاجة الفعلية للعراق، الى وجود كيان متخصص وفق افضل الممارسات الدولية في بناء منظومة متكاملة ادارية فنية، من اجل تأمين وحماية الفضاء (السيبراني) وكيفية ترويج ثقافة الاستخدام الامن والامثل للانترنيت والشبكات المعلوماتية من قبل المواطنين، لذا اخذ الفريق على عاتقه تطوير ومراجعة القوانين والتشريعات للحفاظ على المنظومة الالكترونية”.
واضاف انه “عمل على تطوير المعايير الفنية وسياسات الاستخدام الامثل للانظمة المعلوماتية وآليات الحماية (السيبرانية) وفتح منافذ دولية لتطوير آليات الحماية الوطنية وبناء علاقات ثنائية لتبادل المعلومات”، كاشفا عن ان “للعراق تمثيلا في المنظمات الدولية المتخصصة، وابرزها الاتحاد الدولي للاتصالات من اجل تثبيت مكانة العراق”.