الهويَّة الوطنيَّة.. الغايات

منصة 2021/02/16
...

ربيع نادر
كثيراً ما يتم الحديث عن الهويَّة الوطنيَّة أو الجامعة في العراق، في ظل صراعٍ واضحٍ بين الهويات الفرعيَّة، خصوصاً في التجربة السياسيَّة في عراق ما بعد 2003.
هذا الصراع، بات يتسع أكثر كلّما ترسخت القناعة العامة بأنَّ التقسيمات الطائفيَّة والإثنيَّة لم تنتج صيغة سياسيَّة مرضية لأكثر الأطراف. أو إنها غير قادرة على تحقيق»الدولة الحديثة»؛ المطلب المشترك لكل العراقيين بمختلف انتماءاتهم. لهذا، يبدو اليوم أنَّ الركون الى فكرة الهويَّة الوطنيَّة لا يبدو محل اختلاف من حيث العنوان، لكنّه أمرٌ شائكٌ لو نظر إليه وفق الغايات السياسيَّة. 
وليس سراً القول إنَّ هناك من يرفع الشعار الجاذب سعياً لتعويض خسارة ما، أو لإعادة ترتيب الخارطة بشكلٍ يناسب طموحاته، وهذا لا ينطبق فقط على أطراف محليَّة بل يتعداه إلى لاعبين دوليين في الساحة العراقيَّة.
ويستقوي هذا المسار حين يتم سوق فكرة «الهويَّة الوطنيَّة» بالطريقة النافرة، وهي باختصار أنْ يتم فرض المُعادلة الصفريَّة في العلاقة بين الهويتين الوطنيَّة والفرعيَّة بالشكل التالي:»كلما تناقص الانتماء الفرعي سيزداد الانتماء الوطني».
وإذا كان من الخطأ تغليب الهويَّة الفرعيَّة على الهويَّة الأم، فإنَّ من الخطأ أيضاً أنْ نصوّر الأمر وكأنَّ الهويَّة العامَّة لا تتحقق إلّا بإنكار الهويَّة الفرعيَّة، والانسلاخ القسري عنها. هذه فكرة غريبة جداً، وربط فاشل. وعلى هذا الأساس سيكون مخطئاً من يعتقد أنَّ التعبير عن القناعات الفرديَّة قد يخدش انتماءه الوطني.
الخلاصة أنَّ التردد الذي نشهده أحياناً تجاه هذا الحديث المتصاعد يزول عندما نفهم أنها ليست أكثر من أولويات؛ الكل يعلو على الجزء، وهنا أتذكر حديثاً لأحد السياسيين العراقيين قال فيه: «إنَّ الانتماء المذهبي والقومي ليس عيباً، العيب في فرضه على الهويَّة العليا»؛ وبالنهايَّة من يتخلى عن بيته الصغير سيتخلى عن بيته الأكبر حتماً.