كتب يؤلفها سياسيون وتمولها مؤسسات كبرى ضمن حملات لتبرير القرارات

منصة 2021/02/16
...

 إعداد: الصباح
«إن هذا النوع من الكتب شكّل عزاءً مجتمعياً نتج عن الاشتراك في حربٍ لا شعبيَّة لها، لكنها بدت حتميَّة، أو هكذا ظن الجميع». هذا ما كتبه رون تشارلز/ الناقد في واشنطن بوست وهو يضع تقييمه لأفضل عشرة كتب تعرّضت للحرب الأميركيَّة في العراق بعد العام 2003.
وبدءاً من ذلك العام، بدأ الناشرون يعقدون اتفاقات مع مؤلفين وضباط سابقين وخبراء للكتابة بهذا الشأن، ويكشف لنا موقع أمازون عن وجود ما يقرب من 1000 عنوان صدرت معظمها في الولايات المتحدة تتحدث عن الحرب الأميركيَّة في العراق، أو أنها مذكرات تناولت هذه الحقبة.
ولو عرفنا أنَّ أكثر من مليوني عسكري أميركي سبق أنْ تواجدوا في العراق بشكلٍ دوري، لاكتشفنا أنَّ هذه العمليَّة العسكريَّة التي بدأت يوم 19 آذار عام 2003، لم تضع أوزارها بعد بالنسبة للتفكير الجمعي الشعبي في الولايات المتحدة.
يصنّف النقاد قوائم فيها أهم الكتب التي بحثت في هذه الحرب، وبناءً على أهم الأطروحات وأكثرها جرأة في نقد الإدارات المتعاقبة من بوش الى أوباما وصولاً الى ترامب.
وتجاوز الأمر في الكتب التي صدرت بهذا الشأن غرض النقد والتوثيق، وتعدّاه الى هدف التبرير من قبل أشخاص كان لهم دورٌ فاعلٌ في تلك الحرب. وصدرت مذكراتهم غير بعيدة عن التوجه السياسي الذي قاد الحرب نفسها، أو عن رغبة المؤسسة في إيضاح موقفها من الحرب، والمطيع في الوقت ذاته للقوانين والانضباط الذي توجبه المؤسسة العسكريَّة.
كتب الجنرال ماكريستال (قائد العمليات الخاصة في العراق 2003 - 2005) في كتابه «واجبي من المهمة» يقول: «كانت مهمة تعقب الزرقاوي صعبة من عدّة جوانب، وأهم أوجه هذه الصعوبات، هو أنْ نشرح للقيادات السياسيَّة أهميَّة ترك بعض المتمردين (الإرهابيين) يعملون بحريَّة من أجل أنْ نصل الى الصيد الأثمن».
إذنْ، كانت هناك عمليات سريَّة تقتضي أنْ (يُتركَ) بعضُ الإرهابيين يعملون بحرّيَّة من أجل متابعتهم. هذا مثال للإثارة والأسرار التي ممكن أنْ تكشفها تلك الكتابات.
وكتب عددٌ من السياسيين مذكراتهم التي تناولت الحرب في العراق، وكان أهمها ما كتبه ديك تشيني في كتابه: «في زمني»، وتوني بلير في كتابه: «الرحلة، حياتي السياسيَّة». ودونالد رامس فيلد في كتابه: «ما يعرف وما لا يعرف». وهيمنت على تلك الكتابات روح التبرير لصحة القرار لحظة اتخاذه، بصرف النظر عن المآلات والنتائج. ويقول بيتر منصور، وهو ضابط الركن المرافق للجنرال بيترايوس في كتابه»الموجة»: «إنَّ الحرب في العراق تفرض على العسكري أنْ يتخذ قراراً سياسياً قبل قراره العسكري، لأنَّ الملفات متداخلة. وكل إطلاقة ترمى في الميدان لها ثمنٌ سياسي، ستعود نتائجه على وحداتنا العسكريَّة». ومبكراً عام 2005، كتب ثوماس ريكس واحداً من أكثر الكتب انتقاداً لآليَّة قرار الحرب الذي اتخذ بغزو العراق، وذلك في كتابه واسع الانتشار «النكبة، المغامرة العسكريَّة الأميركيَّة في العراق». وكيف أنَّ الجنرالات الأميركيين أساؤوا فهم ما يواجهونه في العراق.
يقول مايكل نايت في كتابه الأهم «مهد الصراع»، عن الحرب الأميركيَّة في العراق: ؛»إنها كشفت معتقدات قديمة يتم تداولها في أروقة الإدارات الأميركيَّة المتعاقبة، من دون أنْ يكلف أحد نفسه الوقوف لفحصها، وقياس مدى تطابقها مع معطيات الواقع المتغيرة والمتطورة. العراق في ظل الدكتاتوريَّة، هو ليس نفسه في ظل التعدد، والعراق الذي استجاب للغزو عام 2003، هو ليس نفسه الذي أدرك مصالح الولايات المتحدة الواسعة خلال عقد من السنين تلا الغزو».
تبقى هذه الإصدارات توثيقاً مهماً لحقب الحرب والتدخل العسكري الأميركي على الأرض، والأهم هو ما يكتبه ديريك ميلر في الغارديان البريطانيَّة، إذ يقول: «إنَّ المكتبة الواسعة من الكتب التي تتحدث عن الحرب الأميركيَّة في العراق، تكاد تصبح المصدر الأساس لفهم الجيل الجديد من السياسيين في واشنطن والكونغرس لما حدث ويحدث في ذلك البلد، ولهذا، فالحقيقة لها مكانٌ صعبٌ بين كل ما كتب في ذلك 
الشأن».