السوق القيصري مَعلمٌ تراثي يتوسط أربيل

ريبورتاج 2021/02/17
...

  خالد ابراهيم
 
السوق القيصري احدى اقدم الاسواق التاريخية القديمة، التي تمتاز بها مدينة اربيل، و تقع في مركز المدينة، ويزورها مئات الناس .
وللحديث اكثر عن جمالية هذه السوق، وكونها نقطة جذب للسياح، قال نريمان فاضل مدير الاعلام في الهيئة العامة للسياحة في اربيل:
 
 "مما لاشك فيه ان سوق القيصري جزء لا يتجزأ من التاريخ القديم لاربيل وقلعتها الحصينة، واسواقها الفولكلورية،  وفي اي مدينة من العالم يعد نقطة جذب واقبال السياح من كل مكان، واذا ما علمنا أن سوق القيصري تتألف من العديد من المحال التجارية، اذ تباع فيها مختلف السلع والبضائع، لا سيما الفولكلورية منها، وبالتأكيد السائح عندما يزور السوق يقبل على شراء واقتناء السلع الفولكلورية الكردية، حيث قامت حكومة اقليم كردستان بترميم السوق بشكلها التاريخي القديم للمحافظة على تراث السوق واستمراريتها، واضفاء ميزة جمالية اخرى للمدينة وللقلعة، اذ انها تحيط القلعة وتحافظ على جمالية وتاريخ السوق والمدينة".
 
السوق قديماً
اما خليل برزنجي وهو عالم اثاري متخصص في مجال المسوحات والآثار، فتحدث عن تاريخ السوق قائلا: "بالنسبة لسوق القيصري التي تقع في مركز مدينة اربيل ومجاورة للقلعة من الجهة الجنوبية، وكما تعلمون المدن التي تحتوي على قلاع مثل قلعة كركوك واربيل تنقسم فيها الاسواق الى قسمين، قسم داخل القلعة والقسم الاكبر يكون اسفل القلعة لان القلعة تكون مساحتها محدودة، اذ انها تعتمد على الجامع الكبير في القلعة والمنازل والمراكز في ذلك الوقت، اما بالنسبة للاسواق فهي تحتاج الى مساحة اكبر، فتكون دائما قريبة من القلعة او اسفلها، وتعد سوق القيصري في اربيل قديمة جدا، ويعود تاريخها الى الفترات العثمانية او اقدم، وكما هو معلوم فان تاريخ مدينة اربيل يعود الى العصر الحجري الحديث، واستمر العيش فيها الى الفترة الاكدية، وازدهرت في الفترة الاشورية وكانت مدينة اربيل في تلك الفترة مركزا لعبادة الآلهة عشتار ".
 
تبادل تجاري
 وتمتاز مدينة اربيل باحتوائها على المئات من المواقع الاثرية، اذ انها وبحسب المسوحات التي اجريت تضم اكثر من سبعمئة وخمسين موقعا اثريا، وكل موقع اثري يعد مستوطنة ما بين كبير وصغير، فكان اغلب الناس في ذلك الوقت يعملون في الزراعة وتربية الحيوانات، وكانوا بحاجة الى التبادل التجاري، وكان التبادل يعقد من قبل المواطنين في ساحات اسفل القلعة خاصة في الجهة الجنوبية منها والتي تمتد من اسفل القلعة مباشرة الى منطقة تعجيل ومحلة عرب، فكان هذا البازار يتم فيه تداول مواد متنوعة كالصوف والحليب والحنطة والشعير والحاجات البسيطة التي كانت متداولة آنذاك، اي في تلك الحقب التاريخية، وكان يتم ايضا التبادل التجاري بين القرى والمناطق القريبة بسلع كالصابون والشاي والسكر، فكانت هذه السوق منذ القدم مكاناً للتبضع والتبادل التجاري، وبمرور السنين لابد للسوق أن تتطور وتجرى عليها التوسعة، الى أن وصلت الى شكلها الحالي واصبحت سوقا كبيرة، ووصلت التوسعة فيها الى سوق مجاور لسوق القلعة تدعى سوق شيخ الله، وتقع في الجهة الشرقية للقلعة، لتستمر الى سوق اخرى تدعى سوق سيداوة، لتصبح مركزا تجاريا لمدينة اربيل، وهي مقاربة الى درجة كبيرةلسوق الشورجة في بغداد".
 
روحية المكان
يؤكد برزنجي ان "سوق القيصري تتفرع منها محال تقع على الشارع الرئيس ومحال داخل القيصرية، وهي تتكون من محال متلاصقة جدا، وتم انشاؤها منذ عقود بطرازات وتعود اغلبها الى الفترات العثمانية، وضمن مشاريع ترميم الاماكن الاثرية في اربيل تم ترميم وتحديث الواجهة الامامية للسوق بالحجر والطابوق على الطراز القديم نفسهوباسلوب (الجف قيم)، وبدأ هذا المشروع بين عامي 2009 و 2010، وتم تنفيذه في الاعوام 2013 و2014، اذ تم تزيين السوق بطابوق وحجر جديد ولكن بالتصميم والطراز القديم نفسيهما، وجرت على السوق توسعة كبيرة بمرور السنين، وهذا جاء بحسب الكثافة السكانية، اذ انها كانت سوقا صغيرة، وهذا  خلال مايقارب 50 الى 60 سنة اصبح هناك فارق كبير من ناحية الكثافة السكانية، وجاء هذا الترميم والتحديث للمحافظة على شكل السوق من التهالك والاندثار، والحفاظ عليها وعلى طرازها التاريخي والفولكلوري الحضاري القديم، اذ ان الترميم كان ناجحا جدا، اذا ما علمنا ان هذا الترميم اضاف منظرا جماليا مميزا، فاعطى روحية للمكان وللسوق في مدينة اربيل".
 
تنوع وتعايش
ويضيف " ان هنالك العديد من الاسواق ولكن الزائر او السائح فور وصوله الى اربيل، لابد ان يجري جولة في القلعة وتحديدا السوق القيصري، فهي تعتبر القلب النابض لاربيل، لانها تتمثل بالقلعة وما يحيط بهذه القلعة من اسواق ومحال تجارية واكثر مايميز سوق القلعة  ندرة الصناعات الفولكلورية وهي مازالت مستمرة ليومنا هذا، وعلى سبيل المثال لا الحصر صناعة اللانك (المهد والكاروك والسماور) والعديد من الصناعات الفولكلورية التي تتميز بها مدينة اربيل، وهناك قسم كبير من المحال التجارية التي تمتاز ببيع الملابس الكردية الجميلة، ونجد ان السياح يقبلون على هذه السوق للتبضع واقتناء بعض التحف او ماشابه ذلك من السلع والمواد".
وما يميز القلعة وسوق القيصري هو التنوع والتعايش المشترك، فمنذ مئات السنين نجد فيها العيش المشترك ومن كل الطوائف والقوميات، فتعطي صورة حضارية جميلة للمدينة والمنطقة على حد سواء، فتجد الترابط والتمازج بين هذه القوميات والطوائف وهي بالتالي تعطي اضافة مهمة للمدينة".